راما ماهر الشجراوي أردنية، من أصول فلسطينية كاتبة للخواطر والمقالات، ومدونة في الجزيرة، حاصلة على شهادة جامعية في اللغة الإنجليزية وآدابها وتعمل في مجال التعليم
ضَوْءٌ لَمَعَ وَسَطَ المَدِينَة
هذه العبارة أنْسَبُ ما يُقال عنه الآن: "لبطلنا روح أمينة تكتشف اليقينا"، لَمَعَ ضوء عمله في المدينة، لبّى نداء استغاثات الجرحى .
رأيناه جميعًا حين ....مشى نحوهم بخذلان العرب أجمع! مشى تاركًا خلفه قصصًا تُروى عن وحشيّة هذا الاحتلال الغاصب. مشى وفي رأسه صور الأشلاء والأطفال الرُضَّع. مشى وفي داخله انكسارات لا يَلْأَمُها كلّ مواسات الدنيا.
مشى رافعًا رأسه مُواجهًا لقِطَع من الحديد يتوارى خلفها كلاب خائفة من شجاعة رجل أعزل.
مشى بمعطفه الأبيض حاملًا زمرات دماء آلاف من الشهداء وكلمات النعي والمواساة.
مشى بجسده الهزيل وقلبه المتعب الذي يتفطّر ألمًا على فلذة كبده الذي ودّعه -قبل أيّامٍ ليست ببعيدة- بدموعٍ صابرة، لم يتسنَّ له حتى لحظات من الوداع الأخير سوى دقائق من صلاة الجنازة .
مشى بعد مناشدات عدّة لآذانٍ لا تصغي للآلام، وقلوب لا تعرف الرحمة. مشى وكأنّ كلّ كلمات العتاب في الدنيا تتراكض خلفه خوفًا من عالمٍ لا يشعر.
مشى وفي عينيه صور لم تُلتَقط سوى في ذاكرته.
مشى إلى حتفه صامدًا، شجاعًا، جبّارًا.
رأيناه يعطف، يعالج، يداوي، يربِّت على أكتاف المكلومين، يرمِّم الجراح، يناشد باكيًا لأجل صغار تائهين جرحى، يلفظهم البرد خارج خيامهم، رأيناه يودِّع الأحبة ويحتضن الصديق ويبتسم ألمًا.
خذلناه حقيقة، حاول إيصال صوته لكنّ تردّدات صوته توقّفت عند قدميه، أشار إلينا لكنّ حدود رؤيتنا المصطنعة أَبَتْ.
سَطَّرَ معاني الولاء لمدينته، الإخلاص في عمله، زاول مهنته تمامًا كما أقسم في بداية طريقه .
لكنّه في النهاية فاز هو وحده، وخسرنا نحن والعالم أجمع..
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
كشف الثقوب.. في أدعياء علم الغيوب!
ضَوْءٌ لَمَعَ وَسَطَ المَدِينَة
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء العاشر
هكذا هو!
ماذا يعني انتصار ثورة أهل الشام؟!