البحث عن الصراط المستقيم
لقد ولدت في إنجلترا ودخلت إحدى مدارس لندن وهذه المدرسة لا تزال قائمة حتى الآن، حيث كانت في ذلك الوقت في قاعة لإحدى الكنائس.
لقد كان موضوع اهتمامي الأول هو الكتاب المقدس، حيث قرأت الإنجيل مرات ومرات.
ومنذ التاسعة من عمري كنت اتبادل الرسائل مع جدتي لأبي (وكانت تقيم في نيويورك) وأضمن رسائلي لها بمقاطع من الإنجيل.
أما موضوع اهتمامي الثاني فهو اللغة الإنجليزية، التعبير، والقواعد، والآداب وكنت محبة للكتابة.
قَدِمتُ اليابان بعمر مبكر ، وبلغت سن الرشد في هذا البلد. لقد كانت عندي المشاعر الدينية منذ طفولتي، إلا أنه لم يكن في إمكاني تحديد نوع هذه المشاعر، وكل الذي كنت اتحسسه هو مشاعر تتحرك داخل النفس.
وحينما بلغت العشرين من عمري بدأت أتحدث لبعض الأشخاص عن هذه المشاعر التي بدأت تشتد أكثر فأكثر مع الأيام، إلا أنهم كانوا يتجاهلونها إن لم يستهجنونها كأن يتساءلون ((هل إنك تفكرين حقاًّ أن في إمكانك العثور على أجوبة لتساؤلاتك عن طريق الدين؟)).
لقد كانت هذه التعليقات تؤثر سلباً على نفسيتي لأنني كنت في غاية الحساسية لها، وأخيراً بدأت أحتفظ بهذه المشاعر في داخل نفسي رغم أنني لم أتوقف في البحث عن الحقيقة في مختلف الإتجاهات ومن دون معرفة سبب ما كنت أفعله.
إنني مثلاً كنت أتلفع بغطاء أسود على رأسي، وعلمت فيما بعد بأنه حجاب. لقد كان هذا عملاً غريزياً قمت به من تلقاء نفسي وكررته عدة مرات.
إنني حينما كنت ألبس الحجاب كان بالنسبة لي أمراً طبيعياً ومريحاً وأنه عمل طيب كما هو بالنسبة لي الآن بعد إسلامي، وكنت في ذلك الوقت أبلغ السادسة عشر من عمري.
وبعد ذلك وفي الحادي عشر من نوفمبر عام 1989 كنت في زيارة إلى جزر ((هواي)) وبالتحديد جزيرة كاواي ذات الطبيعة النقية والجميلة حيث كنت أـمشى بها.
وبعد أن عدت إلى غرفتي هزت مشاعري هذه المناظر الخلابة ودفعتني لأن آخذ القلم وأسطر كلمات هي: لازلت كما أنا، أفتش عن الحقيقة ولازلت أشعر بأن قلبي يميل لشيء لم أصل إليه حتى الآن. فما هذا الشيء يا ترى؟
وبعدها وفي أحد الأيام وبالتحديد 23 مايو 1997م التقيت برجل في طوكيو على رصيف أحد محطات القطار بل أقول هو الذي عثر علي، لقد كان هذا الرجل هو إمام المركز الإسلامي في اليابان الشيخ نعمة الله، وفي الحال شعرت بهيبة الرجل وحينما طلب مني أن أقول ((لا إله إلا الله محمد رسول الله )) كانت كلمة طبيعية بالنسبة لي، وقد إنتابني شعور داخلي عميق ذكرني بمقولة ((إذا كان التلميذ في غاية الإستعداد للتلقي فإن الأقدار تبعث المعلم ))، إلا أنني ما كنت أتصور أن يحدث مثل هذا الأمر بهذه الصورة غير المتوقعة.
وبعد ثلاثة أيام وفي 26 مايو وبعد أن فكرت جلياً في مثل هذا اللقاء إتصلت بالمركز الإسلامي وطلبت لقاء الشيخ نعمة الله وكنت مترددة فيما إذا كان لا يزال يتذكرني، فكان كذلك والحمد لله، ودعاني للقدوم إلى المركز فاندفعت في الحال بجاذبية غريبة.
رأيت الشيخ مع إخوان له فكان لقاءً ساراً.
لقد كنت دائماً مؤمنة بالله الواحد الأحد، وإن جميع ما حدثني به الشيخ عن الإسلام كان معقولاً بالنسبة لي.
بعد تفكير عميق وهو يعبث بلحيته الطويلة البيضاء إختار لي إسماً إسلامياً ((روضة)) وسألته عما يعني ذلك فأجابني ((قطعة صغيرة من الجنة ))، وسألته بعد ذلك لماذا أعطيتني هذا الإسم قال: لأنك آمنت بالإسلام من أول لقاء.
ملاحظة:
1- هذا ما سطرته الأخت روضة بيدها باللغة الإنجليزية واكتشف المقالة ابني قتيبة وقمت بترجمتها إلى العربية (صالح السامرائي)
2- قرأ المقالة أحد العرب المقيمين في اليابان وعلق عليها بما يلي: (إن هناك العديد من الناس لا يزالون يبحثون عن الصراط المستقيم وهم بحاجة لأحد من الناس يهديهم السبيل).
إن كل مسلم مسؤول أن يبحث عن مثل هؤلاء الأشخاص ويقدم لهم العون كما فعل الإمام نعمة الله.
وحينما يتم البحث من قبل الطرفين فإن فرص الوصول إلى الصراط المستقيم تزداد مرتين بمشيئة الله.
وإننا يجب أن نشجع المسلمين الجدد أن ينشروا تجاربهم من أجل مساعدة أولئك الذين يعيشون ظروفاً مشابهة لتلك الظروف التي مرت بها الأخت روضة .
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن