الثورة السورية على مِحَكِّ التغيير!..
1- لم تتغير رؤية موسكو للحدث منذ اندلاع الثورة آذار مارس 2011 حيث لا زالت تصرّ على ضرورة مرور الحل السياسي في سوريا عبر نظام الأسد، وأن الثوار مجموعة من الإرهابيين المدعومين من بعض الدول الإقليمية والقوى العالمية بهدف تقويض الأمن وضرب الاستقرار في المنطقة... ولم تقم بإجراء أي تعديل على هذه الرؤية حتى أواسط 2013 حيث دعت لبناء شراكة بين قوات المعارضة والنظام بهدف "مكافحة الإرهاب".
2- في ظل التراجع الأمريكي في إدارة الملف السوري عملت روسيا على إعادة تشكيل الثورة السورية سياسيًّا وعسكريًّا بما ينسجم مع رؤيتها للأحداث... فبدأت العمل على تغيير الخارطة السياسية للثورة من خلال دعم إنشاء كتل سياسية موالية لها في القاهرة، وموسكو... بهدف تعديل المزاج الثوري وتوسيع طيف المعارضة السياسية، ونجحت إلى حد كبير في مؤتمر الرياض، حيث قامت بإدخال الكتل السياسية الموالية لها في نسق المعارضة، وتم تعديل لون الثورة في الهيئة العليا للتفاوض.
3- عملت روسيا بشكل جادّ على إعادة ترتيب أولويات الثورة عسكريًّا، بحيث يصبح القضاء على "داعش" من خلال بناء شراكة مع النظام في رأس الأولويات، مع ملاحظة أن مفهوم الإرهاب عند روسيا توسع كثيرًا ليشمل فصائل الجيش الحر، وهي رؤية النظام تمامًا.
4- كما عملت بداية الأمر على إنهاء الثورة عسكريًّا من خلال التدخل المباشر أواخر 2015، لكنها فوجئت بقوة المعارضة السورية وترنُّح النظام، فأعادت حساب تكاليف التدخل... لتبدأ لاحقًا العمل على إعادة تشكيل الثورة عسكريًّا، وذلك من خلال احتواء بعض الفصائل، إلا أنها لم تنجح في تحقيق غايتها، ولا تزال تحاول الوصول إلى العمق العسكري للثورة السورية.
5- الثورة السورية على مِحَكّ التغيير، وما لم تقم ثورتنا المباركة بإعادة تشكيل نفسها بنفسها سياسيًّا وعسكريًّا فهي تعيش بلا أفق... وعلى الفصائل والكتل السياسية والمدنية أن تتخذ قرارًا تاريخيًّا بالاجتماع تحت قبة واحدة، وعلى مشروع واحد، يحفظ الكليات، ويصون الحقوق والحرمات، وإلا ستظل الثورة عاجزة عن التعامل مع المتغيرات واستثمار الفرص.
6- من يمتلك المؤسسات الأقوى سوف يستوعب المؤسسات الأضعف، وما لم تقم قوى الثورة ببناء مؤسساتها لامتصاص بقايا مؤسسات النظام فقد نشهد تفكيك الثورة واستيعابها بدعم دولي.
7- الثورة السورية تعيش حالة ارتداد للخلف بكافة المقاييس، مع ما تعانيه من افتقار نخبوي، حيث لم تستطع بعد مرور خمس سنوات تحقيقَ إجماع ثوري في مواجهة النظام، أو طرح مشروع سياسي للدولة السورية الجديدة، ما أضعف صوتها في الأروقة الدولية، واكتفت بحالة من رد الفعل الثوري على الظلم والاستبداد... بل تأثرت سلبًا بانتشار صورة مشوهة عنها، حيث نقلها الإعلام الغربي في كثير من الأحيان ضمن عناوين الإرهاب.
ماهر علوش " أبو بكر "
8- كثر الحديث عن احتمالات الانفتاح التركي على نظام الأسد... في السياسة لا يوجد ثوابت إلا المصالح، ولا يمكن القطع بعدم حدوث ذلك، وعلينا أن نكون جاهزين دائمًا للخيار الأسوأ.
9- مشكلة الثورة أنها حتى الآن لا تملك خططًا بديلة، ولا تزال تعيش ضِمْن رؤية واحدة، وليس لديها إلا حلٌّ واحدٌ؛ لذلك لا تمتلك أدوات التعامل مع الخيارات الأسوأ.
10- روسيا ستدفع باتجاه عملية سياسية يكون الأسد جزءًا منها لعدة أشهر، واحتمال قبول الأتراك بهذا الخيار وارد جدًّا، لا سيما إذا تم تقديم ضمانات كافية للأتراك، تضمن عدم تجاوُز خطوطهم الحمراء، وعلى رأسها قيام الدولة الكردية.
11- الأهم بالنسبة لنا كسوريين ألا يضيع جهادنا، وألا تضيع ثورتنا ضمن تفاهمات الأصدقاء والأعداء، وأهم خطوط الدفاع عن الثورة تحقيق الإجماع الثوري، وبناء مؤسسات الثورة، بحيث نستطيع مواجهة أعدائنا بخطاب واحد، ومؤسسات موحدة.
12- إن أصعب اللحظات التي يمكن أن تمر بها ثورتنا على الإطلاق، أن يتم تفكيك الثورة وإعادة تشكيلها ضمن قالب جديد تحت عنوان "مكافحة الإرهاب"... حينها قد يجد المجاهد نفسه في لحظة خاطئة يقاتل إلى جنب بقايا النظام أخاه المجاهدَ الذي كان يقاتل النظامَ معه يومًا ما.
المصدر : الدرر الشامية
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة