تجربة الإمتنان!
هل سبق و أن شعرتَ بشعور الامتنان يملأ قلبك وجوانحك من قبل؟ إذا كانت إجابتك بالإيجاب، فأنت من المحظوظين القلائل!
أشياء كثيرة جدا تحدث في حياتنا لكننا غالبا ما ننظر للجانب المظلم مما يحدث لنا…غالبا ما نتجاهل أو نتغافل عن رؤية النِعَم العديدة التي وهبنا الله إياها. لماذا يا ترى؟ لماذا تميل نفوسنا إلى تكبير المشاكل أو الأحداث المزعجة في حياتنا؟ لماذا نميل للتركيز على الجوانب السيئة وحدها؟ قد يقول قائل بأن هناك من هو متفائل بطبعه و هناك من هو متشائم بطبعه…لكن ما قد يغفل عنه الكثيرون هو أن حمد الله و الشعور بالامتنان ما هو إلا درجة يمكن أن نرتقي إليها بالتمرين!
منذ مدة، بدأت إحدى صديقاتي (الدكتورة أريج مفتي – طبيبة استشارية و بروفيسور مساعد تخصص أحياء دقيقة في مستشفى الحرس الوطني بجدة)، بدأت بإرسال العديد من رسائل الواتس آب (غير العادية) لي…كانت رسائل جميلة جدا لكني في البداية ظننت أن ما ترسله لي هو مجرد قص و لصق مما يأتيها على الواتس آب و لم أكن أعتقد أبدا أن ما ترسله هو عبارة عن تجارب شخصية…روحانية وعذبة و مليئة بالإيجابية.
و عندما سألتها عن سر تلك التجارب الرائعة أخبرتني بأن الأمر بدأ بحضورها لدورة حول التحكم في الغضب مع الدكتور أحمد عمارة.
تقول الدكتورة أريج عن تلك الدورة: كانت نقطه تحول في حياتي! تفاعلي مع الامور بدأ يختلف لأني بدأت أطرد أي كبت من داخلي بدون انتظار لأي مقابل…بدون إحساس أني ضحية…تعلمت أنني لن أستطيع أن أسامح و أتخلص من الألم في أي علاقه في حياتي سابقا أو حاضرا أو لاحقا إلا عندما أنزع من داخلي الإحساس بأني ضحيه لشخص ما أو ظروف معينة.
و لأن النيه أساس أي عمل، نويت أن أطور نفسي أكثر بالاشتراك في مجموعه تدعم معاني الحمد و الامتنان بالاضافة إلى أنني بدأت أتجنب الناس الذين يبثون طاقات سلبية…أولئك الذين ليس لديهم سوى الشكوى و التذمر من كل شيء و أي شيء!
و بعد ذلك جاء السؤال:
كيف أجعل حمدي و شكري لله يتم من خلال امتناني لكل شئ حولي و داخلي…لكل شيءسخره الله لي؟
تطبيق الفكره:
في شهر شعبان التحقت كعضوه في المجموعه اسمها مجموعة الحمد. مدتها 28 يوم. كل يوم تدريب لامتنان على شيء مختلف…امتنان لصحتي… مالي… الناس…الأحداث…الخ.
في شهر رمضان قمت بإنشاء مجموعه و أعدت التمارين مع العضوات و كنّ اقارب، صديقات، و معارف. اخترت الأشخاص أصحاب وعي و الذين عندهم رغبه في التغيير و التطوير
في شهر شوال اكتملت المجموعه و بدأنا نمارس التطبيقات…كل عضوة ترسل موضوع من تجربتها…مواقف من حياتها….مشاعر…تأملات الخ..و كلها تدور في فلك الحمد.
مردود الفكرة: منهج حياتي اختلف. تعززت طاقتي إلإيجابيه. تدبُري للقرآن أصبح أعمق….كل موقف سلبي انظر للجانب الإيجابي منه و أعتبره من الأرزاق المعنوية.
أعجبتني التجربة جدا…و وجدتُ أننا نحتاج إليها بشكل كبير خصوصا و أن السلبية أصبحت منتشرة بين الناس…و شخصيا، لا شيء يجعلني أشعر بالإعياء إلى درجة المرض مثل الطاقة السلبية التي يبثها بعض من حولي سواء في الحياة الواقعية أو على وسائل التواصل الاجتماعي…لكن تأكيدا لتجربة الدكتورة أريج، و من تجربتي، لا شيء يقاوم السلبية مثل الإيمان العميق بالله تعالى و بأن كل ما يكتبه علينا هو خير لنا مهما بدا سيئا…لو رأينا المصائب على أنها أبواب تفتح لنا رؤى جديدة للحياة و على أنها وسيلة للتقرب من الله، لأصبحنا أكثر رضا و لهدأت نفوسنا و لاستطعنا أن نسعد بحياتنا و نسعِد من حولنا.
و أترككم مع إحدى أمثلة تجربة الحمد التي أرسلتها لي أريج قبل مدة:
اليوم قررت ما أفطر إلا طبق واحد و أدرب نفسي على استخدام قوة الحمد و الامتنان لرب العالمين عن طريق الأكل بوعي لحصول جسمي وعقلي و قلبي و روحي على أكبر فائدة.
الطبق كان مكرونه حمراء باللحمة المفرومة.
أكلت و تأملت في المكونات:
-البصل. الطماطم . مزارع القمح: الحمد لله… رزق من مكان ما على وجه الأرض
كل زرعه في جهة مختلفه…
ربي سخر لي مَن زرعها وسقاها وقطفها و من طحن القمح. ربي سخر لي مصنع و عمال صنعوا المكرونه..
اللحم المفروم..من مزرعه في مكان ما…ربي سخر لي من رَبّى الغنم. باعه و ذبحه و فرمه….نظيف و مرتب في أطباق.
الملح…من بحر أو صخور…ما تعبت في استخراجه.
الزيت للطبخ..اتسخر لي جاهز للاستعمال..ما تعبت في استخراجه.
كلهم ربي سخر لي من شحنهم ووزعهم على البقالات الكبيرة و سهل حصولي عليهم من خلال موظفي السوبرماركت.
ربي سخر لي من يصنع لي القِدر. ملعقه الطبخ. الصحن والملعقه والشوكه و الطاولهو الكرسي…
شعالة ساعدتني في طبخه…سواق و سياره عشان أروح للسوبرماركت ..كله رزق و تسخير من رب العالمين.
بوتوجاز…كهرباء. ..ميسرين..
و المهم ربي سخر لي مال أشتري به كل هذه الأشياء و أَتمّ عليّ بسلامة أعضاء تأكل و تهضم هذا الأكل و يستفيد جسمي منه.
هذه الخيرات كلها من طبق واحد!
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك!
تجربة الحمد و الامتنان تجربة مفعمة بالإيجابية و الحب…تجربة توقظ لدينا بعض الأحاسيس الإنسانية لتشعرنا بأن حياتنا فيها حياة و ليست مجرد بقاء!
ابدؤوها اليوم و لن تخسروا شيئا و لن تندموا …و أهم شيء ابتعدوا عن السلبيين و من جعلوا إحباط همة الآخرين شغلهم الشاغل!
ممتنة لله أن عرفني على امرأة جميلة الروح و القلب مثل الدكتورة أريج …و اتمنى من جميع النساء أن يحذين حذوها!
شكرا لجمالك يا أريج!
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن