مأتم صهيوني إثر فشل الانقلاب في تركيا
من تابع الإعلام الصهيوني منذ الكشف عن محاولة الانقلاب في تركيا وحتى الآن، فلا بد أن يلحظ بشكل واضح وصريح عمق خيبة الأمل الذي سادت كل المستويات الصهيونية لفشل المحاولة، التي بدت تل أبيب وكأنها تنتظرها على أحر من الجمر.
وقد تنافس معلقون صهاينة في إبراز مظاهر خيبة الأمل التي سادت المستويات الرسمية في تل أبيب، بعدما تبين فشل المحاولة الانقلابية.
ويكاد لا يخلو تقرير أو مقال كتبه المعلقون الصهاينة حول المحاولة الانقلابية الفاشلة، دون الإشارة إلى حقيقة أن صناع القرار في تل أبيب قد "صلّوا" من أجل إنجاح هذه المحاولة.
وقد انبرى بعض المعلقين الصهاينة لإبراز بعض الأسباب التي تدفع القيادة الصهيونية للحماس لأي تحرك يمكن أن يضع حدًّا لحكم الرئيس رجب طيب أردوغان.
ويقول معلق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة الصهيونية العاشرة ألون بن دفيد، إن الجميع في أوروبا والولايات المتحدة والكيان الصهيوني "لا يطيقون أردوغان، لأنه يصر على التعامل مع تركيا كنِد مكافئ، ويحرص على احترام بلاده واستقلال قرارها، ولو كان الثمن الدخول في مواجهات مع القوى العظمى".
وفي تعليق بثته القناة، قال بن دافيد: "قادتنا وقادة الغرب معنيون بأن تكون علاقتهم بتركيا أفضل مما هي عليه الآن، لكن حرص أردوغان المفرط على احترام تركيا يعرقل بناء علاقات ثابتة مع أنقرة".
وقال المعلق في قناة التلفزة الثانية روني دانئيل: "نحن نعرف لماذا التزمت قيادتنا الصمت في البداية، فهي كانت ستشعر بارتياح كبير لو أزيح أردوغان، فعلى الرغم من اتفاق التطبيع الأخير، فإنه لا يساور أحد في تل أبيب شك بأن أردوغان إسلامي متطرف، لن يتردد في المستقبل في التنغيص علينا".
وقال نداف إيال، معلق الشؤون الدولية في قناة التلفزة العاشرة: "قادتنا يعتبرون أن نجاح الانقلاب في تركيا كان سيراكم من المكاسب التي حصلنا عليها بعد الانقلاب الذي حدث في مصر".
من ناحيته قال وزير الداخلية الصهيوني الأسبق عوزي برعام: "لم يكن من سبيل الصدفة أن كانت دولتنا آخر الدول التي أعلنت تضامنها مع الديمقراطية التركية، فقيادتنا السياسية كانت معنية بنجاح الانقلاب، لأنها تعتقد أنه يخدم مصالحها".
وفي مقابلة أجرتها معه إذاعة "راديو تل أبيب"، أوضح برعام: "لقد ذاقت حكومة نتنياهو طعم العوائد الإيجابية الهائلة من الانقلاب الذي قاده الجنرال السيسي، الذي أطاح بحكم الإخوان المسلمين، لذا فلم يكن يراود أحد هنا ثمة شك بأن نجاح الانقلاب في تركيا سيحسن البيئة الإقليمية لدولتنا بشكل غير مسبوق".
وأضاف برعام، الذي ينتمي لحزب العمل، أن نجاح الانقلاب في تركيا "يعني عودة العلاقات بيننا وبين تركيا إلى ما كانت عليه قبل العام 2002، قبل وصول الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، التي "شملت أكثر مظاهر التعاون الأمني والاستراتيجي والاستخباري حميمية"، على حد تعبيره.
وكرر برعام ما أكده كل المعقلين في تل أبيب من أن اتفاق التطبيع الأخير مع تركيا "لا يلغي العداء الذي يكنه أردوغان، المتأثر بالإرث الديني الإسلامي المتطرف"، مشيرًا إلى أن تراجع أردوغان وموافقته على التطبيع مع تل أبيب "مؤقت وفقط لمواجهة تبعات التحولات الجيوستراتيجية".
وقال يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "معاريف" إن المستويات السياسية والأمنية في تل أبيب كانت ستكون مرتاحة لو نجح الانقلاب وتم التخلص من الرئيس أردوغان.
وفي مقال نشره موقع الصحيفة، أضاف ميلمان: "لا أحد في الحكومة أو المؤسسة الأمنية كان سيذرف دمعة واحدة على أردوغان لو نجحت المحاولة الانقلابية، فإسرائيل ستكون مرتاحة لو استعاد الجيش مقاليد الأمور في تركيا".
لكن إليكس فيشمان، المعلق في "يديعوت أحرنوت" يرى أن "الصلاة" من أجل نجاح المحاولة الانقلابية لم تقم فقط في إسرائيل؛ منوهًا بأن عددًا كبيرًا من قادة الدول "صلوا في قلوبهم من أجل نجاح المحاولة، وبعدما فشلت رحبوا علنا بالديموقراطية التركية"، على حد تعبيره. وفي مقال نشرته الصحيفة، أوضح فيشمان أن سياسات أردوغان أغضبت الكثير من الدول، مما يفسر الرغبة الكبيرة في التخلص من حكمه.
ويجاهر دان مرغليت، كبير المعلقين في صحيفة "يسرائيل هيوم"، أوسع الصحف الصهيونية انتشارًا بأنه سهر طوال ليلة المحاولة الانقلابية، وكان يتمنى نجاحه للتخلص من أردوغان بسبب موقفه المعادي من الكيان الصهيوني.
وفي مقال نشرته الصحيفة نوه مرغليت إلى أنه عندما يتذكر أردوغان يتبادر إلى ذهنه أحداث سفينة مرمرة وما أعقبها من صدام غير مسبوق بين تل أبيب وتركيا.
وكان مرغليت قد برر حماسه لانقلاب السيسي في حينه بعدم رغبته في وجود "أردوغان آخر" في القاهرة.
وقد عكست بعض المقالات تميّز النخب الصهيونية غيظًا لفشل المحاولة الانقلابية، حيث بات الكثير من الكتاب يسمون أردوغان بـ"الديكتاتورية".
من ناحية ثانية، توقع مستشرقون صهاينة أن يفضي فشل المحاولة الانقلابية إلى تعزيز مكانة حزب العدالة والتنمية ونفوذ أردوغان.
وقال البرفسور درور زئيف، أبرز المستشرقين الصهاينة المختصين بالشأن التركي إن "تركيا جديدة قد نشأت بعد فشل الانقلاب، تركيا الكمالية لفظت أنفاسها، فشل الانقلاب يمنح أردوغان الشرعية والفرصة لتغيير الإرث الأتاتوركي الذي ظلت تركيا أسيرة له لعقود".
وأضاف زئيف: "في كل انقلاب يعمل الجيش التركي على إعادة تركيا إلى مسار علماني أكثر تطرفًا، وفشله اليوم يدلل على أنه لن يكون بوسعه القيام بذلك، تركيا تحولت إلى دولة أخرى".
وقد دفع فشل الانقلاب بعض الكتاب الصهاينة للمطالبة بنزع الشرعية عن حكم أردوغان.
وفي مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" قال الكاتب دورون بن يميني، إن الانتخابات الديمقراطية التي أفضت إلى انتخاب أردوغان وصعود حزبه بالانتخابات، تشبه الانتخابات التي أفضت إلى انتصار النازية في ثلاثينيات القرن الماضي، وتتويج أدولف هتلر زعيمًا لألمانيا.
المفارقة أن بن يميني نفسه كتب عشية وبعد الانقلاب الذي قادة عبد الفتاح السيسي في مصر عدة مقالات في صحيفة "معاريف"، لم يدافع فيها فقط عن عمليات القمع والقتل الواسعة التي أقدم عليها السيسي؛ بل إنه كان من أوائل الصحافيين الذين حثوا قيادة حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل للاستنفار لمساعدة النظام الجديد في القاهرة، للحصول على شرعية دولية.
المصدر : الدرر الشامية
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!