فتى المنابر.. ونصرة فلسطين
عبد العزيز الصيفي فتًى يبلغ من العمر 11 عاماً، في الصف السادس الابتدائي.. مُبعَد عن وطنه الأمِّ الجريح فلسطين، ولاجئ في وطنه الثاني الأردن..
ما يُميِّز عبد العزيز عن غيره من أقرانه أنه رغم حداثة سنِّه؛ أبَى إلا أن يكون مُدافِعاً عن المسجد الأقصى وفلسطين عامةً، فاقتحم ميدان الخطابة في المساجد؛ حيث يقف أمام جموع المُصلِّين المذهولِين من جرأته، وذلك دون استئذان، وبمبادرة شخصية منه ليخطُب بهم بمناسبة ذكرى النكبة، والإسراء والمعراج وغيرها.... فيذكِّرهم بقضية المسلمين الأولى، وينتقد التقصير العربي على المستويَين الرسمي والشعبي تُجاه القدس والمسجد الأقصى، ويوجّه برسالة إلى وزير التربية والتعليم، يطالبه فيها بإبراز ذكرى النكبة في المناهج الأردنية؛ للتذكير بهذه المأساة... ولاقى استحساناً منقطع النظير من المُصلِّين، حتى صار حديث الشارع الأردني، وتداولت صفحات التواصل الاجتماعي مقاطعَ من خُطَبه التي كان يُلقيها باقتدار دون أية أخطاء أو ارتباك، والتي لم تقتصر على المساجد؛ بل تجاوزتها إلى مجالس العزاء والمهرجانات المنوَّعة، وكانت له كلمةٌ وقف فيها على سلالم محكمة قصر العدل أمام جموع المحامِين، غير مبالٍ بالمحاولات التي ترمي إلى إخماد صوته.. فالطرد من المساجد بحجة أنَّه يُثير الفتنة، ومنعه وإسكاته، إلى تعرضه للضرب من قبل بعض القائمين عليها، وصولاً إلى إغلاق الميكرفون أثناء وجوده على منصَّة إحدى المهرجانات.. كلها محاولات لم توهن من عزيمته.. ولم تُفقدْه الثقة بنفسه؛ بل زادته إصراراً على إكمال مشواره الذي ارتضاه لنفسه.. وممَّا يشدُّ من أزره تأييد بعض المُصلِّين له، والانجذاب لاستماع كلمته، بل والتكبير في نهاية الخُطبة تعبيراً عن إعجابهم بكلامه
مجلة إشراقات كان لها حوار معه لنتعرَّف عليه عن كثب..
1. إشراقات: من أين أتتك فكرة التعريف بقضية المسجد الأقصى وقضايا المسلمين عموماً داخل المساجد؟
- قبل 3 سنوات قمت بالذهاب إلى المسجد لصلاة الجمعة، ووقتها كان العدوان الصهيوني يشنُّ هجوماً شرساً على أهلنا في غزة... وكنت قد شاهدت نشرات الأخبار على التلفاز، ورأيت صور القتلى والجرحى من الأطفال، فانهرت من البكاء..
وعندما سمعت خُطبة الجمعة في المسجد، اعتصر قلبي الألم؛ إذ بدا الخطيب وكأنه لا يعلم ماذا يدور حوله من أحداث، ولم يكلِّف نفسه الدُّعاء لأهلنا في غزة.
من هنا قررت أن أكتب خطبة عن الظلم والقهر الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني، وعن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وتدنيس المسجد الأقصى المبارك من قِبَل قِطْعان المستوطنِين
.
2. إشراقات: عبد العزيز: مهارة الخطابة، كيف اكتسبتها؟
- لم يكن عندي مهارات للخطابة، ولكن الظلم والقهر هما سببان في إعانة الله تعالى لي
3. إشراقات: ما الذي يثبتك في المواقف التي تتعرض فيها للطرد من المساجد، أو للضرب وسماع الإهانة خصوصاً؟ ألا ينتابك الشعور بالخوف أو الإحراج أو التثبيط؟
- الذي يحصل معي من قِبَل بعض القائمِين على المساجد من منْعٍ وضرب وطرْد زادني إصراراً على أن أكمل هذا المشوار الصعب، فأنا لا أخاف إلا الله وحده.
4. إشراقات: لماذا التركيز على قضية المسجد الأقصى والقدس في خُطَبك؟
- التركيز على المسجد الأقصى المبارك لأنه قِبلة المسلمين الأولى، وثاني مسجد وضع على الأرض.. ولأن خطباء المساجد مقصِّرين بالحديث عن المسجد الأقصى المبارك
5. إشراقات: لو تحدثنا عن أول خُطبة ألقيتَها: متى كانت وأين؟ وكيف كان شعورك وقتها؟
- الخُطبة الأولى كنت خائفاً لدرجة أن القائم على المسجد استطاع أن يطردني خارجه دون أن أستطيع إكمال الخُطبة.. لكن الآن مهما ضربوني ومهما حاولوا طردي أبقى مستمراً في إلقاء الخُطبة تحت كل الظروف..
6. إشراقات: ما هو انطباع أهلك وأصدقائك عما تقوم به؟
- الأهل قالوا لي: إنَّ هــــــذا الــــــطــــريـــق صَعْب، ونصــحــــونـــــي أن أتـــركــــــه، ولكني أتحمَّل المسؤولية، وأخبرتهم أننا كلنا يجب علينا الوقوف مع أهلنا في فلسطين.. وكلٌّ حسب إمكانياته.. والأعمار بيد الله؛ فالكلُّ ميت، ولكن ميتة في سبيل الله.. من أجل المسجد الأقصى المبارك هي خير ميتة..
7. إشراقات: إلى الآن كيف تقوِّم ردات فعل الناس على جهدك هذا الذي نسأل الله تعالى أن يكون في ميزان حسناتك؟
- بفضل الله الناس يحبون فلسطين والمسجد الأقصى المبارك ويحبونني.. وكثير من الناس تبكي حين تسمع خُطبتي، وصاروا يقفون معي يساندونني، ولكن في البداية ظنوا أنني أريد أن أشحذ المال، وهذا كان يؤثِّر على نفسي.. وأقول لهم: أنا لست بحاجة للمال..
8. إشراقات: ما الذي يدفع شاباً صغيراً مثلك للاهتمام بقضية الأقصى والقدس والمسلمين عموماً في حين غيرك من الفتيان لهم اهتمامات أخرى؟
- حُبي للمسجد الأقصى المبارك ونصرة أهلنا في فلسطين هو السبب، ولأنَّ المناسبات تمرُّ منها: ذكرى النكبة الفلسطينية، أو ذكرى حرق منبر القائد صلاح الدين الأيوبي، والإعلام الإسلامي لا يهتم بها، بينما من أجل مباراة كرة قدم قد يُبَثُّ ويعمل برامج على مدار أسبوع..
9. إشراقات: ماذا تقول للمسلمين عموماً ولمن هم في مثل سنك خصوصاً؟
أقول للمسلمين والشباب والقادة: إن المسجد الأقصى المبارك وفلسطين أمانة في أعناقكم، وسوف يسألكم الله ماذا فعلتم من أجل الأقصى المبارك؟
ثمَّ إنَّ الأطفال في فلسطين أكَّدوا لنا بالدليل القاطع صدق كلام الله تعالى على جُبْن يهود وذِلَّتهم، وأنهم لا يقاتلوننا إلا في حصون أو من وراء جُدُر.. تحسَبهم جميعاً وقلوبهم شتَّى إنهم جُبناء.
كما أوجِّه تحيَّتي إلى أطفال الحجارة وأطفال السكـــاكـــين وشـــبـــابهم وشاباتهم، وأهيب بعلماء المسلمين في جميع أنحاء العالم أن يظهرو كلمة الحق في مساجدهم، وأن يعلنوا لشعوبهم واجب إنقاذ المسجد الأقصى المبارك.
****
في ختام حوارنا.. نشكر ضيفنا الفتى عبد العزيز الصيفي.. سائلين المولى أن يجعله وكلَّ فِتْيانِ المسلمين ذُخراً للإسلام والمسلمين، ينصر الله بهم الحق و يهزم بهم الباطل..
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن