داعية، مسؤول فرع جمعية الاتحاد الإسلامي في البقاع وعضو هيئة علماء المسلمين في لبنان
علمني حبيبي
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نَضَّرَ الله امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثاً فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غيره، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ" رواه الترمذي وهو مِن الأحاديث المتواترة، وهو دعاء نبوي بالجَمال والحُسن ورِفعة المقام لِمَن حَفظ الأحاديث ونقَلَها لغيره.
ونرجو أن يكون نال هذا الدعاء 2820 طالباً وطالبةً شاركوا في حِفظ 50 حديثاً نبوياً خلال 4 سنوات.
إنها مـــسـابـــقـــة عَلَّمَنِي حَبِيْبِي صلى الله عليه وسلم التـــــي تحقق جُملةً مِن الأهداف النبيلة، إضافة إلى حفظ أولئك الفتيان والفتيات تلك الأحاديث ولقد آتت ثمارها في أكثر من ميدان وبستان؛ منها:
• توزيع أكثر من 65 ألف نسخة مِن كتيِّب الحديث على 80 مدرسة ومركزاً تعليمياً في البقاع اللبناني.
• اكتشاف الطاقات والمواهب كما اكتشف الصحابة موهبة زيد بن ثابت، لتطويرها واستثمارها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيد نفسِه، وقد حاز 231 من المشاركين في المسابقة العلامة كاملة 100%.
• استنهاض الطاقات المعطلة لدى الطلاب بالاستثارة والقدوة، فالفتى (أحمد أكرم زيادة) البالغ 12 سنة الحافظ للقرآن الكريم افتتح المهرجان بالتلاوة، والفتى (عمرو بهاء كنعان) ابن الـ 7 سنوات ألقى كلمة الطلاب، وكلاهما نال 100% في حفظ الأحاديث.
• لعل هذا النشاط يوقظ الهمة لدى بعضهم فيعود إلى مجتمعنا أمثال السَّلَف العظماء حُفاظ الأحاديث كالبخاري ومسلم، وابن حَجَر والنَّووي، وبَدر الدين الحَسني والغُمارِيين رحمهم الله، ويحمل اللاحِق عن السابق كمـــا في الحديث: «يَحْمِلُ هذا العِلْمَ مِن كُلِّ خَلَـــفٍ عُدولُهُ» رواه البيهقي وصححه الحاكم.
• الإســـــهــــــام في غَرْس القِيَم النبوية الإسلامية في نفوس الآلاف الذين حفظوا أو قرؤوا ذلك الكتيب مع شرحه الموجز؛ ومنها مرجعية النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والإرشاد والتلقي؛ كما قال لأصحابه: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ؛ أُعَلِّمُكُمْ» رواه أبو داود. وقد صَنَّف المُحَدِّث الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله _ مستلهِماً مِن هذا الحديث _ كتابَه "الرسول المعلِّم [ وأساليبه في التعليم".
ويُراعى في جَمع الأحاديث الخمسين للكتيب كل عام اختيار الأحاديث الصحيحة التي تغني عن الخرافات والأكاذيب (الأحاديث الموضوعة) المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وشاملة لجوانب الدين تستوعب أركان الإسلام الخمسة وعشرات مِن شُعب الإيمان؛ بما فيها مِن عقيدةٍ وشريعةٍ وأخلاقٍ ومُبَشِّراتٍ وقوَّةٍ وعِزَّةٍ ونظامِ حكمٍ، لتتشكَّل شخصية المسلم متكاملة، لا أن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض!
• إقامة مهرجان تــــوزيــــــع الـجوائــــــــز التـــي تَصِـــل لكُــلِّ المشاركــــين تكريمـــاً لمئات المتفوقين وترضية للبقية، يُقدِّمها أهل الخير أفراداً وأصحاب مؤسسات جزاهم الله خيراً وأَخْلَف عليهم، مما يحقق التحفيز والـــبـــهـــجــة للأهـــــل وللحاضرين.
• وما سبق في حق أولئك الفتيان والفتيات، يمكن أن يقال معظمه في أكثر مِن 100 شابٍّ وشابَّة هم فريق عَمَل المسابقة الذي يتعاون في التحضيرات وفي تنظيم يوم التسميع خِدْمةً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعملاً بقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ).
• والمسابقة لهؤلاء دورة للطاقات الفاعلة؛ فلجان التحكيم والتسميع معظمها مِن طلاب العلم الشرعي وخريجي وخريجات أزهر البقاع، أما بقية اللجان المُوكل إليها التنفيذ والتجهيزات أو التصوير والإعلام والجوائز وتأمين الميزانية والفرز والتسجيل على الكومبيوتر... فيتولاها شباب وصبايا متنوعو الاختصاصات والاهتمامات، وهؤلاء أنفسهم بينهم مَن لم يكن اكتشف طاقته، أو لا تسمح ظروفه له أن يستثمرها وحده دون فريق.
ومِن مَحاسِن هذه المسابقة أنها نشاط تعاونيّ؛ تقيمها جمعية الاتحاد الإسلامي بالتعاون مع أزهر البقاع وهيئة التعليم الديني في دائرة أوقاف البقاع.
وهكذا تجيء مسابقة عَلَمَنِي حَبِيْبِي (صلى الله عليه وسلم ) في عامها الرابع ضمن جهود ربط المسلمين بمصدرَي التشريع الكتاب (القرآن الكريم) والسنة النبوية، استمراراً لوظيفة التبليغ التي بدأها رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) بأمر الله سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [الجمعة: 2].
نسأل الله أن يبارك في هذا الجهد، ويهيئ له التقدم والدوام ليبقى إشراقة أمل.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة