لمن قال: 'اضربوا أبناءكم'!
كتب بواسطة ميمونة شرقية
التاريخ:
فى : زينة الحياة
1837 مشاهدة
عبَّر الكاتب عن رأيه بضرورة اعتماد أسلوب الشدة والضرب أثناء تربية الأبناء، والابتعاد عن اللطف في التعامل معهم، معلِّلاً ذلك بأنه أصبح رجلاً فاعلاً في مجتمعه بعدما أذاقه والداه ألواناً مختلفة من التعامل القاسي، منتقداً الوسائل التربوية الحديثة القائمة على الحوار مع الأبناء والتلطف في الحديث إليهم.
وفي إحدى مقالات علي الطنطاوي رحمه الله؛ عبَّر عن ردة الفعل لبعض الأهل الذين تربوا على القسوة، فصاروا يخافون على أبنائهم حتى من الجوع والعطش، "وصرنا نحن الذين نبرُّهم ونستعطفهم ليرضوا عنا" على نحو ما عبَّر عنه.
وللإنصاف فإنَّ مجال التربية لا يقوم على حالة من الحالات لتبنى عليها النظريات التربوية، فإنْ كان الكاتب قد أصبح فاعلاً في مجتمعه.. فماذا نقول بمئات الذين تهاوت أخلاقه نتيجة لما عانوه من عنف في صغرهم؟!
فالقسوة لا تبني الرجال، ولا الدلال يصنعهم ...
فلا يمكن أن نحصر التربية بالقسوة، ولا أن نوسعها بالدلال. وبعد العودة إلى بعض الإحصائيات في العالم الغربي نتيجة لما يتعرض له الأبناء من عنف في طفولتهم فإن نسبة 90% منهم تعرضوا للعنف في صغرهم.. فهنا نسأل هل حقاً كانت القسوة والعنف أسلوباً تربوياً مفيداً؟
إنَّ أسلوب العنف في التربية يؤدي إلى كوارث اجتماعية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فبدءاً من قتل ثقة الطفل بنفسه وانتهاءً به إلى التردي الاجتماعي، ومابينهما من إخفاقات لا يمكننا إلَّا أن نردَّ على الكاتب كلامه بما أثبتته الإحصائيات العالمية والدراسات الاجتماعية الميدانية، والتي تؤكد جميعها أن التربية بالعنف والقسوة هي عامل هدم لا بناء.
وقد كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم شديدَ الاهتمام بالأطفال؛ فقد دعا إلى تأديبهم، وغرس الأخلاق الكريمة في نفوسهم، وحثَّ على رحمتهم والشفقة عليهم، فقال صلى الله عليه وسلم: «من لم يرحمْ صغيرَنا، ويعرف حَقََّ كبيرِنا، فليس منا» رواه أبو داود.
فما كانت نتيجة هذه التربية النبوية إلَّا رجالاً فتحوا البلاد، وغيَّروا في الأنظمة، وسادوا بالحكم الرباني. فهل أثَّر هذا التعامل النبوي من الرحمة والتلطف بهم على فاعليتهم في المجتمع؟!
إن الشواهد التاريخية تخبرنا أنهم كانوا بناة للأرض وفاعلين؛ لأنهم تحمَّلوا المسؤولية وتربَّوا بمنهجية الحوار والتفكير...
فيا أيُّها المربي امزج الأمر بالحُبِّ، والطلب بالحزم، ولا تكن متراخياً فتُلوى ولا متشدِّداً فتُكسر، وكن ذا قلب رحيم وفكر ثاقب، واحرص على التربية بنفس إنساني يكفل احترام الطفل ويضمن له كرامته.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة