أم نضال فرحات : تاريخ حافل بالصبر والفداء
مريم محمد يوسف محيسن والشهيرة بخنساء فلسطين أو أم نضال فرحات .
داعية ومجاهدة ومربية وسياسية فلسطينية، وهي أحد أعلام الإخوان المسلمين، وحركة المقاومة الإسلامية ( حماس) في فلسطين، ونائبة في المجلس التشريعي قدمت ثلاثة من أبنائها شهداء في فلسطين .
المولد والنشأة :
ولدت مريم محمد يوسف محيسن في 24 كانون الأول 1949م لأسرة بسيطة بغزة وسكنت حي الشجاعية من قطاع غزة ، تزوجت من فتحي فرحات ( أبو نضال ) وهي في المرحلة الثانوية .
دراستها :
وتفوقت الحاجة أم نضال في دراستها، وواصلت حتى تزوجت بأبي نضال في بداية الثانوية العامة ، ومن خطواتها الأولى في ركب الثائرين أن حملت بمولودها الأول أثناء الامتحانات الثانوية (التوجيهي)، وقدمت الامتحانات الثانوية في مدرسة الزهراء ، وهي حامل بمولودها الأول وسيكون لاحقاً عندما يكبر القائد القسامي نضال فرحات ، وقد حصلت على معدل 80 % .
لديها من الإخوة 10 ومن الأخوات 5 ، وتعود أصول عائلتها عائلة (محيسن ) إلى عائلة ( المغني) وهي عائلة كبيرة العدد في حي الشجاعية ، ومن أقدم العائلات الغزية .
ثلاثة شهداء :
أطلق عليها خنساء فلسطين هو لقب تجسد من سير التاريخ ، في امرأة عربية قدمت أبناءها في سبيل نشر رسالة الإسلام ، ثم نظمت الشعر في فراقهم فرحة باستشهادهم .
قدمت أم نضال ثلاثة من أبنائها شهداء في سبيل الله ، فكان أولهم : الاستشهادي القسامي ( محمد فرحات ) الذي نفذ عملية في مستوطنة ( عتضمونا ) حيث تمكن من قتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين ، ففي عام 2002م ظهرت أم نضال فرحات وهي تودع ولدها الاستشهادي ، و كانت أول أم فلسطينية تودع ابنها، وهو خارج إلى عملية استشهادية ، وكانت توصيه بألا يعود إليها إلا مثخناً في عدوه محمولاً على أكتاف الرجال .
وفي عام 2003م قدمت ابنها الثاني وهو البكر نضال فرحات في انفجار كبير كان يجهز فيه مجموعة من المجاهدين العبوات الناسفة حتى تنال من عدوهم ، فكان لا يتردد على لسانها إلا كلمات الشكر والحمد لله بأن أكرمها باستشهاد نجلها الثاني
فقد عرف نضال أنه مهندس صواريخ القسام المحلية ، وهو من أوائل من عمل على تصنيع تقنية الصواريخ المحلية في قطاع غزة ، وعرف في أوساط حماس بـ مهندس الصواريخ .
كما اغتالت طائرات الاحتلال في العام 2005م ابنها الثالث ( رواد فرحات ) بعد قصف سيارته في مدينة غزة ، وهو الأوسط بين إخوانه ، فما كان منها إلا أن كانت تصبر النساء، والناس الذين كانوا لمواساتها والذين كانوا يظنون أنها لن تحتمل فراق ثلاثة من أبنائها الذين ربتهم على الدين والقرآن والأخلاق الحميدة، فكان نموذجاً رائعاً يضرب فيه الأمثال ويسجله التاريخ .
وأفرجتْ سلطات الاحتلال عن نجلها ( وسام فرحات ) في العام 2005م بعد أن أنهى محكوميته البالغة (11عاماً) .
عرين المجاهدين :
آوت في بيتها الاستشهاديين والمطاردين ، حيث استشهد في منزلها عماد عقل قائد الجناح العسكري لحركة حماس في 24 نوفمبر عام 1993م ومن يومها أصبح بيتها مأوى المجاهدين والأبطال حتى باغتت الطائرات الحربية الصهيونية بيتها بقصفه أكثر من مرة .
قصف بيتها ثلاث مرات :
وعندما عرضت حكومة إسماعيل هنية على أم نضال فرحات إعادة بناء بيتها بعد قصفه رفضت ذلك إلا بعد ترميم جميع الدمار الذي لحق بيوت جيرانها جراء القصف ، ما دل على العمق الإنساني الذي كانت تحمله أم نضال فرحات بجانب جهادها ونضالها .
أرملة وأم لستة أبناء وأربع بنات ، كل أبنائها في كتائب القسام استشهد منهم ثلاثة : نضال ، ومحمد ، ورواد فرحات .
وهي أم لأسير منذ 11 عاماً في سجون الاحتلال الاسرائيلي والأم الروحية للشباب المجاهدين قصف منزلها أربع مرات .
عضو المجلس التشريعي :
بعد فوزها في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006م نائبة عن كتلة الإصلاح والتغيير ، خاضت مسيرة المقاومة والسياسة؛ لتكمل دربها ونضالها من أجل نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه كاملة وفق قولها لوسائل الإعلام .
وفاتها :
توفيت إلى رحمة الله في يوم الأحد 17 مارس 2013م في مستشفى الشفاء بقطاع غزة، بعد صراع مع المرض استمر سنوات، وقضت سنوات في رحلات العلاج بين مصر وغزة وسوريا علميات المرارة والزائدة والقلب المفتوح .
وصلى عليها نواب من المجلس التشريعي الفلسطيني وثلة من المواطنين الفلسطينيين .
وتلقى الأستاذ إسماعيل هنية العديد من برقيات العزاء والاتصالات للتعزية في وفاة خنساء فلسطين أم نضال فرحات ، وتلقى هنية اتصالاً هاتفياً من مرشد الإخوان محمد بديع ، والمراقب العام لجماعة الإخوان في الأردن همام سعيد، مستذكرين مسيرتها الجهادية ومدرسة الصمود والثبات التي صنعتها .
وأقامت حركة حماس حفلاً تأبينياً بحي الشجاعية شرق مدينة غزة شارك فيه عدد كبير من قيادات حماس والمئات من أبناء الشعب الفلسطيني وقامت الكتائب بعرض عسكري صامت تقديراً لروح أم نضال وأبنائها الشهداء .
خسارة للشعب :
من جانبها أكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس أن رحيل أم نضال فرحات يمثل خسارة كبيرة لواحدة من أعظم النماذج النسوية في التاريخ الفلسطيني .
ولفت متحدث باسم الكتائب في كلمة مقتضبة إلى أن أم نضال قدمت مسيرة جهاد طويلة من خلال تربيتها لأبنائها على الجهاد والمقاومة، ودعم المقاومين ومناصرتهم، وقال : ستبقى مثالاً خالداً في ذاكرة الأمة الإسلامية وتاريخها )) .
وأشاد أحمد بحر بجهاد أم نضال مؤكداً أنها آوت قادة المقاومة وقدمت الجهاد على كل شيء ، ومضيفاً : نحن نصفها اليوم بأنها أم الجهاد والأسرى وأم البرلمانيات )) وقال بحر خلال حفل التأبين : إن كل صفة من صفات أم نضال تحتاج لمحاضرات وكتب للتحدث فيه عنها ، فلا توجد كلمات توفي حقها مهما تكلمنا كانت معطاءة، وتطلب دائماً الجهاد والاستشهاد، وتؤكد أن العطاء لا يكون إلا بالنفس والمال .
ولفت أنها كانت تريد أن تضحي بنفسها لتقول لنساء العالم أن فلسطين تحتاج إلى أكثر من ذلك، وأن الصهاينة الذين يدنسون بيت المقدس، ويعتقلون الأسرى، ويقومون بالاستيطان بالقدس والضفة يحتاجون لمن يلجمهم عن ذلك .
بدوره أكد المراقب العام للإخوان في الأردن د. همام سعيد أن أم نضال قدمت الشهداء والجرحى والأسرى، ويكفي أن القائد عماد عقل استشهد في بيتها بعد تاريخ من الجهاد الطويل .
ولفت في كلمته عبر الهاتف إلى أن نموذج أم نضال كان فاتحة خير في مسيرة الجهاد الفلسطيني مؤكداً انها ضربت أروع الأمثلة على مستوى العالم الإسلامي كله، وسجلت في سجل الخالدين إلى يوم الدين بما عملته من نصرة للدين وإنجاز في تاريخ الأمة .
وتابع : سيكون لأم نضال الجزء الوافر في تحرير الأقصى وبيت المقدس وفلسطين؛ لأن عطاءها لم يتوقف أبداً طوال مسيرة حياتها الجهادية .
التأبين :
ونظم المجلس التشريعي الفلسطيني الاثنين في مقره وسط غزة حفل تأبين للنائب مريم فرحات (أم نضال ) .
وقال رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك : (( إن المجلس وهو يؤبن أم نضال يقف أمام امرأة عزَّ نظيرها في تاريخ الأمم والشعوب ، فقد مثلت هذه المرأة الرقم المقاوم الذي يقسم عليه الكل الفلسطيني دون استثناء )) .
وأضاف في اتصال هاتفي من الضفة المحتلة : (( لقد كانت فرحات امرأة عظيمة قدمت 3 من أولادها شهداء ، والمئات من أبنائها غير المولودين من رحمها من المجاهدين الذين آوتهم في منزلها في سبيل الله والوطن ، وفاقت الرجال في إرادتها وتصميمها )) .
ووصف دويك الفقيدة بأنها : نائبة مجاهدة وقدمت واستحقت أن تحمل الأجيال ذكراها في النفوس وتجعل منها المثل الأعلى لكل أم بل لكل رجل )) .
وأكد ضرورة أن تعلو صورة أم نضال في كل الميادين وفاء لها ولما قدمته من تضحيات مشدداً على أن طريقها هو الطريق الأقصر لتحقيق الأهداف وتحرير الأرض وعودة الإنسان .
من جانبه قال أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس : (( إن أم نضال كانت تحرص خلال عملها في البرلمان على 3 جوانب ، الأول منها : حرصها على قضية الأسرى وضرورة بذل أقصى الجهود لتحريرهم ولطالما دعت المقاومة لذلك ، والجانب الثاني هو اهتمامها بالفقراء والمساكين والعمال والخريجين من أبناء فلسطين ومطالبتها الدائمة للمجلس بإنصافهم وتشغيلهم خاصة وأن هؤلاء كانوا يأوون إلى منزلها باستمرار .
والجانب الثالث : كان مساهمتها في تأسيس تجمع أمهات وزوجات الشهداء والأسرى ، مؤكداً أن أي نائب لم تقدم ما قدمته من تضحيات وعطاء .
العائلة :
من جانبه أكد شقيق أم نضال السيد عاطف محيسن (( إن جانباً آخر لا يعرفه الجميع عن أم نضال، فهي الأخت التي كانت ملاذاً للجميع ومسكناً للقلوب، وقدمت الغالي لما هو أغلى، مضيفاً إنها كانت تستعذب كلمة (( أختي)) وفي نفس الوقت هي شخصية نافذة وراسخة : الله غايتها، والرسول قدوتها، وتابع: (( أشهد أني ما وجدت تقديراً وحناناً بعد وفاة أمي كما وجدت في أختي أم نضال، فقد كانت ذليلة للمسلمين شديدة الحدة على الاحتلال، وكثيراً ما صبرت، وتحملت وما ضعفت نفسها رغم ضعف جسدها )) .
حركة فتح :
من جانبه قال النائب الفلسطيني في المجلس التشريعي عن كتلة فتح ( فيصل أبو شهلا) : إن النائب فرحات كانت صادقة في عهدها مع الله وفي إيمانها وعطائها ولم تبخل على الوطن بفلذات أكبادها التي هي أغلى ما يملك الإنسان )) .
وأكد أنها كانت تتميز بإيمان راسخ وعقيدة متمكنة ووطنية عالية، وأنها كانت متميزة في حضورها وأدائها بالمجلس التشريعي وبلطفها في معاملة كافة النواب وفي خطابها .
وزارة شؤون المرأة :
بدورها أكدت الوزيرة جميلة الشنطي أن خنساء فلسطين كانت حالة فريدة في التاريخ المعاصر، ربت ونجحت في غرس القيم والتضحية والعطاء في أبنائها.
وقالت : (( نحن أمام امرأة تمثل فلسفة تربوية تختلف عن المعاصرة، فهي صاحبة إرادة تحرر صاحبها من كلّ أشكال الخضوع والخوف الذي انتزعته من قلوب النساء بإيوائها للمجاهدين وصبرها على وداع أبنائها الشهداء ))
وفي نهاية حفل التأبين كرم إسماعيل هنية عائلة النائب أم نضال بتقديم لوحة تحمل صورة مرسومة لها مقدمة من المجلس التشريعي الفلسطيني .
شخصية ملهمة :
ونظم المنتدى التربوي بالتعاون مع الحركة النسائية التابعة لحماس برفح أمسية شعرية احتفاء ورثاء لأم نضال فرحات مساء الاثنين في مقر الحركة النسائية وسط المدينة، وشارك في الأمسية عدد من الشعراء بقصائدهم وأشعارهم يذكرون فيها فضل أم نضال وتاريخها المشرف في الجهاد والمقاومة .
وقال د. نهاد الشيخ خليل، محاضر في التاريخ في الجامعة الإسلامية : (( أم نضال من الشخصيات الملهمة التي تمتلك الحس الفطري والتلقائية الإيمانية ما جعلها رمزاً مهماً في المجتمع )) .
وأشار الشيخ خليل إلى أن أم نضال تميزت بالقيام بالواجب بعيداً عن المطالبة بالحقوق، موضحاً أن سيرتها كان لها تأثير استراتيجي سياسي من خلال الثقافة التي فرضها .
وقال : إن أم نضال احتلت دوراً واسعاً في المجتمع الفلسطيني ، داعياً الحركة النسائية الإسلامية لتفعيل دور المرأة في المجتمع .
الوصية :
وذكر ولدها حسام فرحات في لقاء خاص مع ( فلسطين الآن ) : (( أن والدته استعجلت العودة من القاهرة إلى غزة بعد رؤية رأتها في المنام للشهيد عماد عقل الذي استشهد في بيتها منذ 20 سنة .
وكانت المجاهدة توصي أبناءها وكل من زارها في المستشفى بتقوى الله وطاعته والاستعداد لمرحلة تحرير الأقصى وترك اليأس والتسلح بالأمل والتفاؤل )) .
خنساء فلسطين شاركت في قصف تل أبيب :
كشف مؤمن فرحات نجل خنساء فلسطين أن والدته شاركت عناصر من كتائب الشهيد عز الدين القسام بقصف تل أبيب بصواريخ غراد من قطاع غزة، وأكد فرحات في لقاء مع إذاعة صوت الأقصى مساء الأربعاء أن والدته شاركت في معركتي الفرقان، وحجارة السجيل بقصف المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م بالقذائف الصاروخية من القطاع .
وأوضح أن من بين المستوطنات التي شاركت والدته في قصفها كانت مستوطنة ( نتيفوت ) خلال معركة الفرقان عام 2008م إضافة إلى صاروخ على مدينة تل الربيع في معركة (حجارة السجيل) في منتصف نوفمبر الماضي .
وكانت طائرات الاحتلال قد قصفت سيارة القائد أحمد الجعبري في منتصف نوفمبر الماضي ما أدى إلى استشهاده ومرافقه فقصفت المقاومة الفلسطينية للمستوطنات والمدن المحاذية لقطاع غزة خلال معركة أطلق عليها (( حجارة السجيل)) واستمرت ثمانية أيام .
وتشهد عناصر المقاومة في غزة، لأم نضال بدعمها وتفقد المرابطين في ساعات متأخرة من الليل لتقديم الطعام لهم ومساعدتهم .
شال الخنساء :
وبعد أسبوع من وفاتها بيع في المزاد العلني الذي يمثل أحد فعاليات مهرجان : (( سوريا حتماً ستنتصر : قصة عامين من الصمود )) شال خنساء فلسطين أم نضال فرحات والذي سيعود ثمنه لصالح الثورة السورية .
وكسب صلاح سلطان أمين عام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في المزاد العلني شراء الشال الخاص بالراحلة النائب في المجلس التشريعي مريم فرحات خنساء فلسطين .
وعقد مهرجان (( سوريا حتماً ستنتصر : قصة عامين من الصمود )) بمركز مؤتمرات كلية الطب بجامعة القاهرة في جمهورية مصر العربية، وبالتنسيق بين مؤسسة سوريا الغد، وفريق جسد واحد .
الذكرى الأولى لرحيل أم نضال فرحات :
أصبحت ذكراها مفخراً فلسطينياً وإسلامياً تتغنى به الأجيال .واحتفلت مديرية التربية في رفح بافتتاح مدرسة ( مريم فرحات ) في الحي السعودي غرب محافظة رفح يوم الاثنين 17 مارس 2014م بحضور وزير التربية والتعليم أسامة المزيني ومدير تعليم رفح أشرف عابدين . وخلال كلمة له اعتبر الوزير المزيني أن افتتاح هذه المدرسة في هذه الظروف الصعبة هو إنجاز وانتصار عظيم للإرادة الفلسطينية، وأوضح أنها أول مدرسة يتم افتتاحها بعد اشتداد الحصار الظالم على القطاع مبيناً أن 26 مدرسة توقفت عن إتمام أعمالها وكذلك توقف العديد من المانحين بسبب الحصار .
وركّز الوزير المزيني خلال حديثه على فضائل أم نضال فرحات ومناقبها، وأكد أن بيتها كان مأوى للمجاهدين والاستشهاديين على مدار عشرين عاماً ، وقال : (( كانت أم نضال في زمان غير زماننا وكأنها في زمان الصحابة والتابعين الأجلاء )) .
ومن جانبه اعتبر مدير تعليم رفح أشرف عابدين أن هذا حدث عظيم في رفح أن يتم افتتاح مدرسة ( مريم فرحات) في ظل هذه الظروف الصعبة وقال : هذا شرف وفخر لنا في رفح أن تسمى هذه المدرسة باسم مريم فرحات تمجيداً لها لكي تكون نبراساً على مرّ الأجيال .
وأضاف : (( إذا كانت الأم مدرسة فأم نضال مدرسة، وإن كان العلم مدرسة فالعلم أم نضال، وهي الأم التي علمت العالم بأسره، وضربت أروع الأمثال في التضحية والجهاد )).
وهددت الفيسبوك المعلق التونسي عصام الشوالي بإغلاق صفحته على التواصل بعد نشره صورة لـ خنساء فلسطين أم نضال فرحات على موقعه وصفحته .
شخصية خنساء فلسطين ( أم نضال فرحات) في الشعر الإسلامي المعاصر
أعدت أولادها للشهادة :
ردت قيادة حماس الفتى محمد فرحات الذي جاءها مطالباً بإرساله في عملية استشهادية لصغر سنه، وأعادته أمه إليهم مع رسالة تطالبهم بها بقبوله استشهادياً، فكان لها وله ما أرادا في أجرأ عملية استشهادية ، فإلى أم المجاهدين ( خنساء فلسطين ) نرفع هذه الأبيات التي كتبها الشاعر الإسلامي مصطفى عكرمة ( سورية) يقول فيها على لسان المجاهدة :
أعددتُ طفلي لكي ألقاه في الشهدا فحاذروا أن تقولوا : لم يزل ولدا
مــــــــــــــــــــــــــــــــا مــــــــــــــــــــرّ يومٌ بنا إلا وزاد به شوقاً توقّد كي يرضي الجهادَ غدا
أعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــددته وأنا أدرى بأن غداً لا لن يجيء إذا لم نرسل الشهدا – مجد الحصى : 44 .
وعندما جاءها نبأ استشهاد فلذة كبدها زغردت أم نضال فرحات، واحتسبت ولدها في ذمة الله :
وزغـــــــردت أمه في الحيّ هـــــــــــــــــــــــــاتفةً لله درّ فتى وفّى بمــــــــــــــــــــا وعـــــــــــــــــــــــــــــدا
إني احتسبتك عــــــــــــند الله يا ولدي إذ فقتَ بالصدق جيشاً كدّس العددا
ما أهون الجيش قد غلّت يداه وما أعزّ طفـــــــــــــــــــــــلاً تحدّى الموت واتقدا
وقال للمسجد الأقصى فداك دمي ومــــــــــــــــــــــــــــــا تردد يوماً أن يكون فدا – مجد الحصى : 45 .
خنساء فلسطين :
وكتب الشاعر الفلسطيني د . عبد الجبار دية قصيدة يتحدث فيها عن خنساء فلسطين أم الشهيدين ( نضال ومحمد فرحات) نشرها في موقع رابطة أدباء الشام بتاريخ 21 / 8/ 2004م :
ربتهم حتى إذا كبروا أوصتهم كونوا كما أمروا
في بدئها حملوا حجارتهم يرمون مغتصباً به خورُ
حتى إذا اشتدّ عودهم طمحوا إلى العلياء إذ نذروا
لاقوا ( عماد) العزّ يحفزهم بجهاده يستنزل المطرُ
آووه إذ ضاق الغريب به ورجاهم الرحمن يغتفرُ
ورعتهم أم تهدهدهم وتشربوا الإيمان وانتظروا
فخرت بهم ( أم نضال) وفي أمثالهم للأم مفتخرُ
ودعت لهم رباً بخير لهم الحسنيين : الموت والظفرُ
أم رؤوف برة جبلٌ في جنبها الأبطالُ تحتقرُ
لقد ربت أولادها على الجهاد والمقاومة فحين كان في ريعان الشباب حملوا الحجارة وقذفوها في وجه اليهود الغاصبين، وآوى بيتهم عماد عقل، فتربوا على يديه ، وعشقوا الشهادة، وكانت الأم الحنون تدعوا لهم بالنصر أو الشهادة ، فكانت نعم الأم ونعم المربية ، وحين جاءت ساعة الصفر ، ودعتهم في خزائن الله وأوصتهم بالثبات والصمود فقالت لهم :
ضمتهم فجراً تودعهم دكوا جحورَ الشرّ واصطبروا
فتساقطوا في الله أسوتهم ذاك ( العماد) الصارم الذكرُ
صدقٌ إذا لاقوا وإن جهدوا آساد إن حمّ القضا صبروا
ذاقوا يهود حصارَ بغيهم فحوتهم في جوفها سقرُ
لله ما بذلوا وما سهروا لله ما صبروا وما ذكروا
عادوا إليها في دمائهم أشلاء منها المسك ينتشرُ
وحين حملوا إلى أمهم جثثاً هامدة لم تجزع، ولم تشق الثياب بل صبرت، واحتسبت بل زغردت، ووزعت الحلوى، وطلبتْ من الناس أن يقدموا لها التهاني بدل العزاء :
فاستقبلتهم غبطة ورضى والحزنُ في الأحشاء يعتصرُ
لله درّهم إذا اغتصبوا بعصابة التوحيد وابتكروا
إيهاً لكم ما أنتم بشراً بل أنتم في ليلنا القمرُ
مهلاً خناسُ فديت من أمٍّ نبراسها الآياتُ والسورُ
صدقوا الإله وصدقت أمٌّ والأمُّ مدرسةٌ ومعتبرُ
فإذا تمنت يسرت سبل وإذا رجت أصغى لها القدرُ
بك يا بنة الإسلام غبطتنا وبمثلك الخنساءُ تفتخرُ
وما أروع أولئك الأبطال حين يعتصبون براية التوحيد، إنهم أقرب إلى الملائكة في قدسها وطهرها السماوي ، ويفدّي الشاعر خنساء فلسطين بأمه وأبيه ، لقد جعلت نبراسها القرآن العظيم، وربط الله على قلبها، وثبتها، فاستقبلت أولادها أشلاءً ممزقة، وصبرت على أسر وسام، فكانوا نعم الأسرة التي ضحت بالغالي والنفيس في سبيل الله والوطن، واستحقت أم نضال فرحات لقب ( خنساء فلسطين ) عن جدارة .
رواد فرحات شهيداً ::
هذا الشهيد الثالث الذي تقدمه أم نضال فرحات في انتفاضة الأقصى، رواد فرحات ( 17 عاماً) استشهد بقصف طائرات الأباتشي لسيارة كان يستقلها، وقد رثاه الشاعر الفلسطيني المسلم ياسر علي بقصيدة نشرها في رابطة أدباء الشام بتاريخ 1/10/2005م ، فقال في مستهلها :
هل شاب ليلك أيها الصبر الطويل بغزة أم هل أصابك داءُ ؟
ما للفراق على فراقهم ينوح وما طوته من الأسى أنواءُ
هل كان قاصم ظهرنا استشهاده أم أن الاستشهاد ذاك دواءُ
أرضيت ربي ؟ أو أريد شفاعة ؟ روحي فدى والأهل والأبناءُ
أتبسم الشهداء في جناتهم ؟ أم رحبتْ بحبيبنا الأنحاءُ
قدمت مهراً يا (روادُ) مطيباً مهرُ الجنانِ من الشهيد دماءُ
يا نضالُ ويا محمد جاءكم هذا المساء (رواد) والأشلاءُ
فتفسحوا يا آل مريم اجلسوا هذا الفتى بالخير يا جلساءُ
ابن الكريمة قد أتاكم راغباً إذ حملته سلامها الخنساءُ
إني أراكم قوم خير في الظلال وشيخكم وتحيطكم خضراءُ
يحكي لكم عن وعد حق قد أتى ويصدق الدكتور والشهداءُ
رثاء المجاهدة أم نضال فرحات :
خنساءُ قالتْ : والدمــــــــــــوع بمقلة أقدم بني واقتحم ثغرات
والدينُ عزٌّ والجهادُ فريضــــــــــــــــــــــــــــــــةٌ قسامُ دمّر واقتحم غيمات
رباه إني للجــــــــــــــــــــــــــــــــــهاد وهبتهم والقدس يشكو فرقة وشتاتِِ
هذا (نضــــــــــــــــــال) والهزبر (محمد ) صهيون ارحل فاللقاء ممات
هذا (روادُ) والشــــــــــــــــــــــــهادة دربه أماه صبراً وارسلي الدعواتِ
رباه إني قد فرحت بمـــــــــــــــــــــــــــــوتهم واجمع شهيداً في جنة سموات
رباه إني قد سئمتُ بعادهم إن البعاد أثخن الطعناتِ
واجمع أحبة في ثنايا رحمتك إن اللقاءَ يطفئ الجمرات ِ
الأنشودة الرائعة خنساء فلسطين أم نضال فرحات بصوت يحيى حوى.
المصدر : رابطة أدباء الشام
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة