أديبة وكاتبة | المدينة المنورة
حدود الذلّ
كتب بواسطة إيمان شراب
التاريخ:
فى : بوح الخاطر
2375 مشاهدة
ذات يوم ومنذ سنوات صدموني في قُنصليَّةٍ لدولة عربية إسلامية، ليس مُهمّاً ذِكرها لأنَّ كل قُنصلياتنا وقوانين دُولِنا تتشابه.. قالوا: لن يكون عمر جواز سفرك منذ اليوم أكثر من سنة، وسببهم المُضحك المُخزي المُبكي أنَّه عليَّ الحصول على جواز سفر الدولة التي ينتمي إليها زوجي، وكأنِّي أو زوجي نملك من أمرنا شيئاً! ولأن الشروط صعبة فلم أتمكن من الحصول على جنسية زوجي العربي! وصرت أجدِّده كلَّ عام، وقبل أنْ أفكِّر بالسفر يكون قد انتهى! لأنه لا بدَّ أن يكون قد بقي في عمره من ثلاثة إلى ستة أشهر حسب الدولة التي سأسافر إليها.
تمنيتُ يوماً أن أقف في مكان مُهمٍّ وأحرق جواز سفري وأصرخ: يا مَن كنتم السبب،الله يعلم بكم والتاريخ وكلُّنا، لماذا قضيتم على وحدة أمتنا؟ لماذا حوَّلتمونا إلى أقسام وقسَّمتم المقسوم؟ لماذا وضعتم الحواجز وحدوداً أذلَّتنا؟ لماذا تُفرِّقون بين جنس وجنس في عبور الحدود؟ من قال لكم إنَّ مَن حَكم جزءاً من أرض الله يحق له أن يمنع مسلماً عادياً مسالماً من الدخول؟ لماذا وضَعتم تصنيفات للناس ومستويات لجوازات سفرهم؟ لماذا تُضرب التَّحيَّات للجواز الأمريكي والكندي والألماني و.... وتُحتقر جوازات أخرى؟ لماذا لا تكون لجوازات المسلمين كلِّها ومن كل الدول نفسُ الأهمية والقيمة؟ بل لماذا لكلِّ بقعة من الأرض الإسلامية اسم وجواز ولغة؟
تمنيتُ أن أقول أيضاً وبقوَّة وثقة في مستقبلٍ عادلٍ: ستعود خلافتنا الإسلامية رغماً عن الجميع، يحكُمنا حاكمٌ واحدٌ، وتصبح لنا جوازات لها نفس اللون والشكل؛ مكتوب عليها: "جواز سفر الخلافة الإسلامية"، ونتنقل بواسطته من بقعتنا إلى بقعتنا الأخرى دون حدود ولا تعقيدات، نعيش ونعمل ونتعلم دون عنصريَّةٍ ولا اضطهادٍ ولا ظلمٍ، وسيكون مُرحَّباً بنا في كلِّ جزءٍ ممَّا نملك من أرض الله..
ستعود الخلافة ويعود العدل وقوانين الله في الأرض. لست أتنبَّأ ولا أتخيل، وإنَّما هو وعدٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعندها فعلاً سنحرق هذه الجوازات العنصريَّة البغيضة، وتمتلئُ الأرض حُبّاً وعدلاً، ولن ينظر أحدٌ إلى أحدٍ باحتقارٍ لأنه من جنسية معيَّنة، ولن نتسابَّ ونتعاير على المنابر ومواقع التواصل لأن أحدنا خلف هذا الخط من تلك الناحية والآخر فوق ذلك الخط، وستكون ثروات الأرض للجميع بالتساوي وسيختفي الفقر والجوع والبطالة، والأهم من كل ذلك ستعود لنا هيبتنا وتخافنا أمريكا وروسيا وتُضرب التحيَّة لجوازاتنا.
جاءتني رسالة: (يقولون: أين صلاح الدين؟ وأنا أقول: أين صلاح النفس بالدِّين! ويريدون الصلاة في الأقصى؛ وصلاة في المسجد القريب هي عليهم أقصى!! ).
رسالة ما أحببتها، لأنها تبعث في النَّفْس انهزاماً، فلو وُجِد صلاح الدِّين أو مثلُه لوُجِد النموذج الذي يتَّبعه الكبار والصغار، وسينادي: حيَّ على نصرة الإسلام ولن يُخذل.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة