مبدعون ولكن؟!
كتب بواسطة خلود المعلم
التاريخ:
فى : زينة الحياة
2686 مشاهدة
كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن الإبداع وعن تنمية الإبداع، حتى ظننا أنه موضوع جديد على ساحات التربية والتعليم، ونسينا ما كان عليه أجدادنا من مواهب وإبداعات يعجز العقل عن تصديقها أو التفكير بها. هذا هو الإمام الشافعي قد حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ العلم في مكة حتى أُذن له بالفُتيا وهو دون عشرين سنة. وهذا الإمام مالك بن أنس رحمه الله كانت لديه ابنة قد اعتنى بتربيتها وتعليمها حتى حفظت موطأه (موطأ الإمام مالك)، وكانت تقف خلف الباب أثناء درسه؛ فإذا أخطأ أحدُ تلامذته في الحديث نقرت الباب، فيفطن مالكٌ فيردُّ عليه.
أحببتُ أنْ أذكر ذلك قبل أن أبدأ في ذكر بعض الأمثلة عن مدارس مونتوسوري (Montessori School) في ولاية فلوريدا وفي دولة فنزويلا وغيرها، هذا المنهج الذي اجتاح مدارسنا بقوة، والقائم على فلسفة تربوية تأخذ بمبدأ: أن كل طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل، وأن العملية التربوية يجب أن تهتم بتنمية شخصية الطفل بصورة تكاملية من النواحي النفسية والعقلية والروحية والجسدية الحركية.
وينقل لنا بعض المختصين العرب الذين زاروا مدارس فلوريدا الأميركية؛ ما هالهم الذي رأَوْه من جوٍّ صحيٍّ مهيَّأ أيَّما تهيئة لتربية وتنمية القدرات الإبداعية لدى الأطفال، حيث إنَّ هذا النظام التعليمي قد اعتمد أهدافاً للتنشئة الإبداعية وهي:
أولاً: الحرية في التعلم.
ثانياً: اختيار ما أريدُ أن أتعلَّم، ومتى أريدُ أن أتعلَّم.
ثالثاً: مرونة نظام التعليم والبدائل التعليمية.
والملاحَظ عندما تتحدَّث مع أيِّ طفل منهم أنه قد تميَّز بشخصية متفردة عن باقي رفاقه، وتشعر بثقته العالية بنفسه، وإنجازاته في برامج مختلفة ومتنوعة.
والجدير بالذِّكر أن الأبحاث قد أظهرت أنَّ الأشخاص الذين يعتقدون أنهم مبدعون؛ هم كذلك، وأنَّ الأشخاص الذين يعتقدون أنهم ليسوا مبدعين؛ هم كذلك أيضاً.
والسؤال هنا: كيف ننتج طُلاباً موهوبين ومبدعين؟ وما هي الطرق والأساليب التي يجب اتباعها لتحقيق ذلك؟
ليس لنا هنا إلَّا أن نضرب مَثَل حبة القمح النضرة؛ التي إن لم نُحِطْها بالعناية سوَّست وتعفَّنت. وإذا رعيناها وقدَّمنا لها ما يجب؛ نَمَت وكبرت وأعطت سنابل مضاعفة. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ؛ أَحَفِظَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ» [رواه النسائي].
والأبناء هم وصية الله سبحانه وتعالى إلينا، يقول: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ). ولا يوصينا الله بشيء إلا لعلمه بقيمة هذا الشيء ونفاسته، فإنَّ الأبناء هم امتداد الذريَّة التي تعمر الأرض.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «إِذَا أَرَدْتُمُ الْعِلْمَ فَانثروا الْقُرْآنَ، فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ».
إنَّ البداية المباركة النقية الموفَّقة لتنمية الإبداع إنما تكون بحفظ كتاب الله تعالى وفهمه، ومعرفة ما فيه من إبداعات الخالق العظيم، لذا فإنَّ أبناءنا بحاجة إلى رعايتنا لهم، وتعهُّدنا لهم بشرح ما فيه من الآيات والمعجزات والذِّكر الحكيم، وتذكيرنا لهم بما سطَّره الله تعالى في كتابه عن عِظَم خلقه للكون وللبحار والمحيطات والحيوانات وغيرها.
وحفظ القرآن يعين على تنمية الدماغ؛ ذلك لأنه يساعد على زيادة الروابط بين الخلايا العصبية في المخ (العصبونات)، كما أنه يساعد على الثَّراء اللغوي، وعلى الطلاقة اللفظية. وقد أثبتت الدراسات أنَّ ثمة علاقة طردية بين الطلاقة الفكرية والطلاقة اللفظية.
إنَّ اهتمامنا بأولادنا بهذه الطريقة الفضلى ستساعده على أن يكون مؤهَّلاً ليقف في طابور المبدعين؛ ينتظر فرصته في الحياة، لكي ينطلق نحو الهدف السامي الذي خُلق من أجله.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة