طالب ثانوي مهتم بشؤون المسلمين | لبنان
إسقاطات
تلوَّث العقل الإسلامي المعاصر بلوْثات فكريَّة متعددة الموضوعات والمجالات، وكان أبرزها لوثة "الإسقاطية."
تنطلق هذه النّزعة من مبدأ "الدفاع الذي يصبُّ في مصلحة الخصم" ومن منطق دفاعي قائم على التفتيش في نصوص الشرع عمّا يتناسب مع "موضوع الإسقاط"؛ بغْية إسقاط النص على نظريات وآراء واكتشافات علمية حديثة.
فبعدما شهد عصرُنا الحاليُّ تقدُّماً مدهشاً في التفسير العلمي، ومن منطلق "الدفاع" و"التبرير"؛ لُوِيَت أعناق النصوص الشرعية بما يوافق، بل يصيب "الاكتشاف العلمي"، لكي ندرأ عن أنفسنا _ على الأقل _ شبهة "التخلف العلمي"!
وقد عمَد البعض في بعض الأحيان إلى ترجيح رأي في مسألة "علمية" خلافية بعد ليِّه لعنق نصٍّ شرعي بما يوافق هذا الرأي المعين،وهكذا يلتمس "راحة نفسية" ويعتزّ بنفسه ويرسخ الإيمان في قلبه !
وكأننا نحن مَن أنتج هذه النظريات...والواقع خلاف ذلك للأسف !!
فكلّ ما فعلناه أننا "فتشنا" في النصوص الشرعية وانتقينا منها ما هو قريب... وكلُّ هذا تمَّ دون النظر في أبعاد الآيات، ودون النفاد إلى أعماقها؛ بل بنظرة سطحية ظاهرية للنص الشرعي، كقولهم في قوله تعالى: (كانتا رتقا ففتقناهما): إن المقصود هنا نظرية الـ"Big Bang"، أو ما يعرف بالانفجار الكوني العظيم !
هذا،فلم يكتفِ العقل الإسلامي بـ"إسقاطات" متعلِّقة بمواضع الاكتشاف العلمي؛ بل تعدَّاها إلى مواضيع السياسة والحكم! فالإسلام فيه ديمقراطية، ودليله قول الله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)، وفيه رأسمالية بدليل أن الإسلام لم يحرِّم أساسياتها، وفيه اشتراكية لقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون شركاء في ثلاث» (أحمد).
وفيه من كلِّ تيار فكري ومفهوم عصري لونٌ وريح !
وهكذا، فإنَّ منهج "الإسقاط" أو "الإسقاطية" ليس منطقيٍّاً في الاستدلال، ولا علميٍّاً في المنهج، وإنما هو "منطق" دفاعيٌّ تبريريٌّ، حلُّه الوحيد يكمُن في عودة اهتمام المسلمين بالعالم الغيبيِّ، وربطِه بالعالم الشهوديِّ من جهة، ووعي المسلمين لأهمية "تأصيل العلم الشرعي" من جهة أخرى، ومنهجيَّته انطلاقاً من منطق الحقيقة والإنصاف، فإيماننا بالله يؤكد أن العلم لم ولن يعارض الدينَ أو القرآن، وعزَّتنا الإسلامية لا تقبل منطق الدفاع والتبرير المنبعثين إما من قلة الإيمان بالله، أو من الانهزام الفكري أمام الغرب !
ويجدر التنبيه إلى أننا لا نرفض العلم أو الإعجاز العلميَّ مطلقًا، وإنما نرفض مبدأ التبرير المستمرِّ، ولَيِّ أعناقِ النصوص الشرعيَّة، وتفسيرِها دون الإحاطة بأصول وقواعد التفسير وفهم كلام العرب، وإلا فنحن مع التقدم في التفسير العلمي بلا أدنى شكّ.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة