خطوات الحب الفاشل.. على وسائل التواصل
_عندما كتبتُ المقال السّابق .. عن الحبّ على وسائل التّواصل .. ربما لم أعِ حجم المشكلة .. كما أنّني كنتُ متردّدة .. فتلك الموضوعات حرجة .. لكنّ كمّ الرّسائل الخاصّة والأسئلة .. وكذا كميّة المشاركة .. بيّنت لي حجم الكارثة ..
_ وقد كانت الطّلبات على الخاص .. ترجوني الكتابة عن الأسباب ..
وإن كنت أنا نفسي عندما تأتيني بعض طلبات الصّداقة .. أتساءل عن أين هي تلك .. جامعة الحب والعشق .. الّتي تخرّجَ منها نصف شباب الفيس بوك !!
_ ولبحث الأسباب أقول لكم ..
إنّ الأشياء السّيّئة .. لا تتنشر هكذا فجأة .. بل نحن نغضّ الطّرف عنها .. ثمّ نعتادها ~
والخطّة أكبر من أن نصدّق خطواتها ..
_ إنّها خطوات الشّيطان .. يرسمونها لنا خطوة خطوة .. ثم يشرفون على تنفيذها .. وتمكينها .. في مجتمعنا بقوة ..
_إنّها كقصّة اليهوديّ الّذي أحضر ديكا إلى بيته .. فاشتكى الجيران من صوته .. فأحضر كلبا صار يعوي الّليل كلّه .. فقال الجيران رضينا بالصّياح .. ولكن نرجوك أن تُسكت النباح .. فأتى بخروف لا يهدأ مأمأة ..
فقالوا رضينا بالدّيك والكلب .. ولكن نرجوك أن تذبح الكبش ..
_ إنّها سلسلة من التّنازلات .. ما إن تنفكّ حلقة حتّى تتبعها أخرى .. ونحن نصمت ونرضى .. في كلّ مرّة .. ثمّ نعتاد الأمر ~
_ إذ كانت المسلسلات قديما محترمة .. وأنا أقصد هذه الكلمة .. بل كان أكثرها اجتماعيّا هادفا .. ولهذا يصحّ أن تراها كلّ العائلة ~
وكان الابتذال محصورا في السّينما ..
_ ثم بدأ الإسفاف وعصر الانحطاط يتسلّل إليها .. ودخلت الرّاقصات في القصّة .. ثم صارت الواحدة منهنّ مسكينة تبعث على الشّفقة .. فهي ترقص كي تقتات وتحافظ على شرفها !!!!
حتّى صار النّاس يتعاطفون معها .. وبالطّبع تغيّرت الملابس لتناسب الدّور .. وغابت الحشمة ~
_ ثم دخلت قصص الحبّ في كلّ مسلسل كطرف من القصّة .. ونحن أيضا نغضّ الطّرف .. تدريجيّا .. حتّى أصبحت هي مدار الرّواية وأصل الفكرة .. فتقبّلنا الوضع .. وبخاصة أنّ القصص كانت أولا عفيفة .. و تنتهي بالخِطبة ~
لكنّ الوضع تطوّر لاحقا .. وصار الحبيب يلتقي بالحبيبة .. وتحدث بينهما مصيبة .. ويظهر أنّه خائن للعشرة .. وكذا -التّسعة- .. وهو لا يعترف بابنه !!
_ وصارت الأجيال تتفرّج أوّلا .. ولا تفهم .. ثمّ أصبحت تفهم .. بل وتشرح للجدّ .. الّذي أصبح مسكينا لم يعد يستوعب ما استجدّ ..
حيث لم يخطر بباله عندما وجد حفيده الّذي يبلغ عشر سنين .. وقد كتب حالته على الفيس "مؤلم أن تتعوّد على شخص ثم تفقده "
سوى أن يواسيه بقوله : ( معلش يا حبيبي هيك الشّغالات لازم يسافروا) !!!
الجدّ البريء المسكين .. من يُفهمه أنّ الحفيد يحبّ !!
_ لكن لا تفهموا أنّني أتابع مسلسلات .. وإنّما كلّ القصّة أنّ -أم بي سي- هكذا لا يتركوننا نتفرّج على الدّعايات .. إذ كلّ دقيقة يقحمون مسلسلا داخلها !!!
_ وعدا عن المسلسلات الّتي تروّج لفكرة الحبّ .. تأتي البرامج الّتي تستضيف أيضا تلك النّخبة .. من الممثلين .. ليتحدّثوا عن إنجازاتهم الفذّة .. وكيف عاشوا في الحياة نفس القصّة .. إذ يرفض الممّثل أحمد عزّ الاعتراف بابنه ..
فترفع زينة عليه دعوى .. ثم يشفق الجميع عليه أو عليها ..
ويخرج المجتمع بعِبرة .. وهي أنّه تخلّى عنها وهو يحبّها .. إنّها كالمال نحبّه .. ولكنّنا نصرفه .. ونتخلّى عنه .. فانصرفي أنت وابنك .. حتّى يأتي قضاء مصر النّزيه و ينصفك !!
_ ثمّ نصل إلى عصر المسلسلات المكسيكيّة .. ثمّ التّركية .. لتقضي على البقيّة .. وتنشر الإباحية .. فنتعوّد .. ثم تنتج قنواتنا مسلسلات على نفس النهج ونفس المبدأ .. و بالعربيّة .. ويتابع الآباء مع الأبناء بحسن نيّة .. وتنتشر في مجتمعاتنا أفكار الصّهيونية .. وملابس الشّذوذ الأمريكية .. وحركات ونقوش الماسونية .. ونحن لا نعي القضيّة !!
_ولا تظنّوا أنّني ذكرت اليهوديّة جزافا أو من باب السّجع .. فتالله إنّه مخطّط محبوك لسنوات قد مضت .. وسنوات لاحقة لتلك ..
_ إذ لم تسلم قصّة سيدنا يوسف من أن تُدنّس - والنّاس لا تعترض أو حتّى تنبس- فقد أخرجها عبقريّ له النّاس تصفّق .. وهو يوسف شاهين على أن النّبي فعل مع امرأة العزيز كلّ المحرّمات .. من القبل والعناق .. ثم في آخر المطاف .. قال السّجن أحبّ إليّ ..
فتبّا للمخرج .. ولكلّ من بيديه أن يوقف الفيلم .. ثم لم يوقف!!
_ فالتّرويج للحبّ والفسق .. هو ما يلهي الأمّة عن مخططات العدوّ .. ويغرقها في مستنقع العشق .. ومن ثمّ الحزن للفقد .. وبخاصة مع توفر وسائل وسرّية التّواصل .. يصبح الأمر سهلا وأكثر من رائج ..
_ ولهذا فهم يحشرون قصّة حبّ عنيفة .. نشأت في دقيقة .. في فيلم عن غرق سفينة .. (تاينتك) .. وكذا في فيلم عن مصّاصي دماء .. وآخر عن غزو الفضاء .. حتّى يصل الأمر.. إلى علاقات بين الإنس والجنّ !!!
_ و الشّعب العربي كإسفنجة سبونج بوب .. جالس في محيط ويغبّ .. ودون أن يستوعب يحبّ .. ثم يرتمي مغشيا عليه من آلام الخيانة والفقد ..
وفي كلتا الحالتين هو غير مهيّأ للسّلم أو للحرب ..
بل مهيّأ للبكاء والنّدب ..
سواء الشّاب أم البنت ..
لتجد صفحات على الفيس .. باسم ضحايا الحبّ .. أكثر من ضحايا الحرب !!
وصفحة .. مشاكل >> الحبّ الفاشل ~
أمّا أسماء الضحايا من دواعش الحب .. المقتول عشقا.. والمذبوح هياما .. والمحروقة شوقا ..
( حبيبتي .. فتحي مخّك وبعدين فتحي بشرتك .. الحياة أولويات )
(وانتبهي إذا قال لك حبيبك : "ليس لديّ سواك" ... فمعنى ذلك أنّه يستخدم فرشاة ومعجون الأسنان ) !!
(وإذا عم تقولي رائع بالصّد إي هاد بينفع حارس مرمى .. ما بينفع بالحب)
وكما قال الشّاعر -الإنستغرامي- : تحيّة .. لكلّ بنت واقفة .. جانب حبيبها .. ريثما يلتقي .. بنت الحلال ويتركها !!
#لن_يتزوجكي
_ وبعد المحبيّن .. نبتلى بجيل حزين ..
تقول : لقد أحببته بشدّة (طيب وهو حبّك بهمزة .. روحي حطّي سيروم مغذّي .. وحاجة تبكي وتشكي )
بينما هو يقول : -والله أغليتها - ( ليش أغليتها كتير .. تفضّل هي تبخرت من كتر الغلي)!!
_ ومن المضحك أنك تجد الشّاب .. يبحث في وسائل التّواصل عن أيّ فتاة .. لدرجة تبعث على السّخرية .. إذ أنّني بتّ أشفق على طالب كليّة الهندسة .. فهو يدرس خمس سنوات ليضع بجانب اسمه Eng ليأتي بعد ذلك "أسير الحبّ" ويقول له : ( هاي أنجي ممكن نتعرف)!!!
_ لكنّنا مع هذا لا ننكر أنّه من محاسن الحبّ .. أن الفتيات أصبحن يشجّعن التّعدّد >> نعم في حال هي الثّانية أو الثّالثة !!
_ بل لم تسلم أفلام الكرتون أيضا من نشر الحبّ الكرتوني.. منذ توم وجيري ..
والّتي نشرت معها سياسة المكياج ( من أجل التّفريق بين الذّكور والإناث) .. ولهذا فلا تلوموا البنات .. على وضع المساحيق والألوان وكعب الحذاء .. فلولاها لم نعرف الفرق .. بين جيري و حبيبته الّتي تضع ثلاث رموش كبيرة ثم ترفرف بها كبلهاء .. مع شبك أصابع يديها إلى الجنب ..
فالذّكر إذا اغترّ بالجمال .. لم يعد يهتم بالذّكاء .. وذلك لأنّه يفقد العقل!!
_ وبالطّبع فإنّ أكثر مجال وأفضله .. لنشر ثقافة الحبّ .. هو الغناء .. وبما أنّ التّوجه إليه وله .. فلا بدّ من الاعتناء به ..
وصنع فنان>>لكلّ مواطن .. مع الاهتمام بالشّكل .. على حساب الصّوت .. حتّى تكثر القنوات ..
ومن ثمّ جعل هؤلاء المغنّين والغانيات قدوة للشّباب والبنات .. ولهم آلاف من المعجبين والمعجبات >> مجنون فلانة ومجنونة فلان !!!
وبالطّبع أمّة مجنونة بفنان وراقصة .. لن تعرف أنّه لا يجوز طلب الرّحمة لكافرة .. فقد حدث معي أمس أن تناقشت لفترة مع شاب كتب تحت صورة أنيسة الخسيسة لا يجوز على الميّت إلا الرّحمة !!
ثمّ كال لي من السّباب ما أعجز عن نقله .. قائلا أنّني ظالمة ومتطرّفة ..
ونسي أنّه محاسب على كلّ كلمة .. وقد شتمني وأنا مسلمة كي يترحّم على مجرمة .. فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم !!
_المصيبة أّنّنا نقلد الغرب .. لكنّنا لا نقلّدهم بالاهتمام بالبحوث والعلم ..
مع العلم أنّ لديهم أيضا نخبة .. تهتمّ بالعفّة .. لكنّنا لا نقلدها
_ كما أنّ لديهم أغان كثيرة عن الصّداقة و عن الطّبيعة وأغان تحارب العنصرّية وأخرى ضدّ الحرب ..
بينما كلّ أغانينا عن العشق .. عدا أغنية يتيمة .. وقديمة .. منذ قرن .. عن حبّ الأم ..
_ ومن أفلام كرتون الحبّ للصّغار .. يخترعون لنا -ذا فويس- أيضا للأطفال .. إذ يجب تأهيل الشّعب منذ نعومة الأظفار ..
وإبعاده عن الدّين .. وعن حفظ القرآن .. فلا ننتظر بعد هذا محمد الفاتح ولا الظاهر بيبرس .. ولا حتّى سيف الدّين قطز !!
_فلا بواكي لنا .. وقد أضعنا فوق القدس >> العراق .. ثمّ أضعنا شامنا ~
_ولا بواكي لنا .. ونحن نمضي بلا هدف .. وقد اعتدنا الخطأ .. حتّى أصبح صحيحا في منظورنا ~
_ ولا بواكي لنا ونحن .. نتبع الغرب .. شبرا بشبر .. وندخل جحر الضّبّ .. بإرادتنا وأموالنا~
..............................
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة