لصوص الأفراح
دعانا زميل عمل إلى مأدبة عشاء بمناسبة انتقاله إلى بيت العمر الذي صرف عليه كل ما يملك وست سنوات من عمره.
وبعد وجبة العشاء الدسمة التي تناولناها معا أخذنا في جولة على مرافق منزله الجديد. كانت سعادته تقفز من عينيه وملامحه وهو يشرح لنا كل شيء. من فرط فرحته كان يجيب عن أسئلة لم نسألها. من أين ابتاع السيراميك؟ وكيف فصّل المطبخ؟ وكيف عثر على مهندسة الديكور التي ساعدته في تأثيث المجلس وغرفة الطعام؟ كيف اختار تصميم "الجبس" الذي يزين الغرف الرئيسة؟
كانت الأمسية ممتعة في كل تفاصيلها ابتداءً بالمنزل الذي وفق في تصميمه وتشطيبه وتأثيثه انتهاء بطلاقة وجهه ورحابة صدره.
كانت النقطة السوداء في تلك الليلة هي مداخلة أحد الأصدقاء التي اختتم بها هذه المناسبة السعيدة.
لقد فاجأنا هذا الصديق بانتقاد بالغ للمنزل حينما أشار إلى أنه ينقصه قبو. لم تكن ملاحظة عابرة بل صاروخا أطلقه في وجه مضيفنا بلغة فظة فجة، أتذكرها تماما كأنه فجرها أمامي قبل لحظات وليس قبل سنوات،
قال لصاحب المنزل بصوت عال يخترق طبلة الأذن:
"حرام تخسر كل هذه الأموال على بيت بلا قبو. ستندم كثيرا". ولم يكتف بذلك وإنما انتقد نوع المكيفات التي اشتراها: "لن تعيش أكثر من سنة. اسأل قبل أن تشتري".
وفور أن أطلق صديقنا انتقاده انقلب وجه مضيفنا. تحول الحبور الذي يعلو ملامحه إلى وجوم.
يبرع بعضنا في إفساد الأفراح وتحويلها إلى أتراح. لا يستطيع أن يكبح جماح سلبيته مهما كانت طبيعة المناسبة. علينا جميعا في الأعياد والأعراس وكل المناسبات السعيدة أن نتخلى عن انتقاداتنا.
فكلمة سلبية واحدة نرتكبها قد تهدم هذه الأفراح في لحظات.
الكلمات السلبية في المناسبات السعيدة لا تفيد ولا تزيد بل تحبط وتثبط العزائم وتشعل الحزن في النفوس وتشيع العبوس.
لا تسرق الأفراح فنحن بأشد الحاجة إليها.
وفر يا صديقي انتقاداتك وكلماتك لنفسك. بدلا من أن تسديها للآخرين استثمرها لتطوير قدراتك وإمكاناتك.
اختر التوقيت المناسب للنقد، ولا تلوث الأجواء الجميلة بسموم عباراتك.
تذكر أن الكلمة السلبية تجرح وفي صدرنا تعبث وتسرح.
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن