إخصائية تغذية وكاتبة اجتماعية ومهتمة بقضايا الشابات
شهران وتكبر صغيرتي
#حجاب_سنا
.
.
حسنا، بقي شهران.
قالت لي طفلتي إنها سوف ترتدي الحجاب في ذكرى ميلادها التاسع..
وأنا قلت أنني سوف أعمل لها حفلة ممتازة بهذه المناسبة.
بالتأكيد لا يخطر في بالها أنني في كل يوم صباحا، وعندما تستيقظ إلى المدرسة أفكر مرارا وأنا أسرّح لها شعرها ليبدو متناسقا ومرتبا: بقي شهران..
بعدها لن أقوم بتسريح شعرها بطريقة مميزة..
لن أفتح الفيديوهات المختلفة، بحثا عن أفكار جديدة تميز شعر طفلتي وتجعلها تشعر أنها أكثر أناقة..
لقد كبرت.. لا أصدق أنها كبرت!
سأفتقد كل هذا ولا شك!
سأفتقد أنني كنت أنتقي لها ربطات ملونة لضفائرها!
.
.
ترى هل سيأتي اليوم الذي تحاسبني فيه عندما تكبر وتقول لي: لماذا فرضتِ علي ارتداء الحجاب ولم تتركيني أرتديه بنفسي بعد أن أقتنع به؟ّ!
-------------------------
لقد سألت نفسي هذا السؤال قبل أن تطرحه هي عليّ، وفي كل مرة أمرر ذات الإجابة على نفسي وأتأكد من أنها مقنعة.
سأقول لها:
أنا أردتك أن تتعرفي على الحجاب يا بنيتي كـ "قيمة" وليس كـ "شعيرة"
فالشعائر لها حالاتها وأحكامها وبالتأكيد أنت بعد لم تبلغي مبلغا يجعل من ارتدائك للحجاب شعيرة واجبة.
الشعائر لها أوقاتها وأنا أريد أن يكون الحجاب في قلبك في كل وقت.
.
.
--------------------------
يعرف العلماء "القيم" بأنها معايير مرغوبة للحكم على السلوك وإنها توجه أفعالنا وتقدرها.
أريد من الحجاب أن يكون "قيمة" متوجة لكل تلك القيم التي زرعتها فيك وفي أخيك سابقا، وأن يكون عنوانا لمجموعة التصرفات والأفعال التي ستقومين بها لاحقا.
لقد زرعت فيك وفي أخيك الحياء والاحتشام في القول والفعل، فلا فاحش من القول ولا بذاءة، ولا سوء أدب في الفعل.
علمتكم غض البصر والطرف واللسان عن كل ما ينتقص من قدركم واحترامكم لأنفسكم.
علمتكم أن للجسد حرمة، لا يُحام حولها.
أردت أن أزرع بكم "مكارم الأخلاق" وليس الأخلاق وحدها.
ثم إذا حان الوقت، وضعت الحجاب على رأسك وفي قلبك ليوجه أفعالك نحو العفة ويرفعك عن كل ما لا يليق بك.
--------------------
.
.
عندما تكبرين قليلا سأعلمك يا ابنتي أن تفخري بأنوثتك، كما سأعلم أخيك أن يفخر برجولته.
أما فخر أخوك برجولته فمعروف: أن يكون متحملا للمسؤولية، قادرا على حل المشاكل في أي مكان يواجهها فيه.
وأما فخرك بأنوثتك: فأن تكوني واثقة من نفسك أنك تملكي من الأسلحة النفسية والجسدية ما يمكنك به أن تقهري أعتى الرجال لو شئت.
.
.
وأن "الحجاب" سيكون هو عنوان فخرك..
فلا أحد يستحق أن يرى ما لديك إلا بعد أن يدفع ثمنه غاليا، وفي كل يوم!
لا أحد يستحق..
----------------------
.
.
ما جعل الله على الرجل الجبار من سلطة بشرية..
يمكن بمكره أن يدك أعتى الجيوش، يطحن بها العظام ويدمّر بها العالم..
لكن قوته وجبروته كله يمكن أن يقفوا عاجزين تماما عن الحراك أمام أنوثة امرأة!!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ " رواه البخاري
بقوتها المغلفة بالضعف المدروس، ودهائها، وسعة حيلتها، وفتنتها..
كلها أسلحة لا تظهر إلا وقت الحاجة، وإلا فلن يعود لها أي طعم أو تأثير!
عندها، يمكن للرجل أن يدك أعتى الجيوش، ويطحن العظام ويدمر العالم
لكن هذه المرة .. من أجلك!
ولأنك تركته يدفع ثمن قربك غاليا!
.
.
----------------------
عندما تكبرين، سأعلمك أن تتسامحي مع طباع البشر التي خلق الله الناس عليها
لا تقولي لي لماذا علي أن أتحجب وليس على الرجل أن يغض بصره
على الرجل أن يغض بصره نعم
لكن لماذا تلعبي على نقاط ضعفه من الأساس!
كما قالت تلك المرأة الحكيمة لخاطبها الذي نبهها إلى أنه قد يستفز بسرعة، فردت عليه كلمة جوهرية:
أسوأ منك خلقاً تلك التى تُحوجك إلى سوء خلق
والبادئ أظلم!
.
.
----------------------------------
.
.
أريد من الحجاب أن يكون في قلبك قبل أن يكون فوق رأسك..
أن يحلق بروحك عاليا بعيدا عن السفاسف والسخافات والدناءات
أن يشعر الناظر إليك، والمتعامل معك ذكرا كان أو أنثى، أنك هناك في عليائك.. تنعمين بالنسمات العليلة التي تفعم رئتيك.
وإذا ما شعر أحد بالتعب والاختناق، مددت يدك إليه فالتقطته ومنحته عبيرا من ذاك النسيم الذي تستنشقين..
لكنك أبدا.. أبدا لا تهبطين.
.
.
-----------------------------
.
.
حسنا.. بقي شهران!
شهران وتكبر صغيرتي !
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة