إسرائيل وتوظيف حرب المعلومات
تقوم حرب المعلومات على توظيف ممنهج للمعلومات، وبالتالي تمثل عنصراً حاسماً في مجال الحرب النفسية، وتهدف إلى ابتزاز العدو والدعاية ضده والكشف عن معلومات يحاول اخفاءها. كما أنها تهدف بشكل أساسي للتأثير على آراء وسلوك العدو وأنصاره بشكل يناسب مصلحة الطرف المبادر بالهجوم دون استخدام السلاح الحي، وهذا يختلف عن التجسس.
ويتمثل الشكل الآخر في حرب المعلومات في الدعاية؛ والتي تقوم على بث معلومات تبرر العمل العسكري للجمهور الداخلي في الدولة التي تهاجم أو تخطط للهجوم أو الدول التي تعتبر صديقة لها؛ على اعتبار أن هذا أمر حيوي من أجل توفير الشرعية للعمل العسكري مستقبلاً. ومع الانتقال من الإعلام الجماهيري للإعلام الإلكتروني، فقد طرأت زيادة كبيرة على استخدام حرب المعلومات الموظفة والدعاية. ويتمثل الفرق بين حرب المعلومات وبين الهجمات الإلكترونية في أن حرب المعلومات تعتمد على معلومات يتم تقديمها بشكل منظم وبشكل مفهوم لمستخدمي المجال الإلكتروني.
ولقد قامت الولايات المتحدة بتوظيف حرب المعلومات أثناء مواجهتها لتنظيم "القاعدة" في العراق، كشكل من أشكال الحرب النفسية، وتقوم أمريكا بتوسيع استخدام هذا النوع من الحروب ضد أطراف إسلامية أخرى، وهي: باكستان، أفغانستان، إيران، ومختلف مناطق الشرق الأوسط. فقد حرصت الولايات المتحدة على بلورة انطباعات سلبية عن تنظيم "القاعدة" لدى الرأي العام العربي والإسلامي .
ويمكن التدليل على ذلك بالإفادة التي أدلى بها الجنرال دفيد باتريوس، قائد قوات التحالف في أفغانستان أمام الكونغرس،حيث تحدث عن جهود أمريكية تهدف إلى زيادة العمليات الاستخبارية في شبكات التواصل الاجتماعي من أجل ضرب ومواجهة الأيدلوجية المتطرفة والتصدي للدعاية المعادية للولايات المتحدة والغرب بشكل عام .
وكجزء من هذا الجهد، فقد حرص الجيش الأمريكي على تكليف شركات خاصة بتطوير برامج قادرة على التأثير على شبكات التوصل الاجتماعي. فعلى سبيل المثال،فازت شركة أمريكية،تتخذ من ولاية كليفورنيا مقراً لها، بعطاء للجيش الأمريكي لتطوير برامج خاصة قادرة على تمكين مستخدم واحد من الظهور بعشر شخصيات مزيفة في آن معاً في شبكات التواصل الاجتماعي، وبشكل يعطي الانطباع بأن الردود الصادرة عن نفس المستخدم تأتي من مناطق مختلفة في العالم. ويمنح هذا البرنامج المدونين الذين يعملون لصالح الجيش الأمريكي القدرة على التدخل في مواقع التواصل الاجتماعي عبر استخدامهم اللغات العربية والفارسية واللغات المتداولة في باكستان وأفغانستان .
في الوقت ذاته، فقد بات معروفاً بأن سلاح الجو الأمريكي يضم سرباً من طائرات "هيركوليس سي 130"، المصممة على ممارسة الحرب النفسية من خلال قدرتها على اختراق بث قنوات التلفزة ومحطات الإذاعة التابعة للدول المعادية، والقيام ببث دعاية مناوئة لنظم الحكم فيها، وبث رسائل تحريضية لمواطني هذه الدول. وفي أحيان أخرى تقوم هذه الطائرات ببناء شبكات هواتف نقالة لمواطني تلك الدول وتمنحهم الفرصة للارتباط بشبكات الانترنت لاسلكياً، بل وإقامة تواصل معهم في حال تحرك النظام لقطع الاتصال عنهم . أي أن الولايات المتحدة تنزع عن الأنظمة المعادية القدرة على السيطرة على مجالها الكهرومغناطيسي والفضاء الإلكتروني من أجل تحقيق أهدافها.
وهناك مجال آخر من مجالات حرب المعلومات، يتمثل في كشف أسرار العدو بغرض المس به، مثل الكشف عن نواياه وأنشطته المخالفة، وتفوهات محرضة لزعمائه....الخ، لكن هذا المجال يتم استغلاله من قبل الحركات والمنظمات السياسية.
من هنا، فأن إسرائيل لا تخترع العجلة من خلال تحويل حروبها ضد قطاع غزة في العقد الأخير إلى حقول تجارب لاختبار أنماط المعلومات التي يمكن استخدامها لتحقيق أغراضها النفسية والعسكرية والأمنية.
فاختراق البث الإذاعي والتلفزيوني الفلسطيني وتوزيع المناشير وتوظيف العملاء في ترويج الإشاعات الموجهة، تعد بعض أنماط العمل المستخدمة صهيونيا في حرب المعلومات.
إن التحدي الذي يواجه الفلسطينيون هو ضرورة الحرص على التحوط من خلال الإلمام بفنون حرب المعلومات التي تمارسها ضدهم ومحاولة وضع إستراتيجيات لمواجهتها لتقليص الأضرار الناجمة عنها.
المصدر : موقع الصحافي صالح النعامي
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة