الأمين العام لحزب الأمة - الكويت
القدس... والطريق الثالث
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾
منذ قيامها لم تأخذ ثورة الربيع العربي هذا البعد العقائدي والديني كما أخذته اليوم مع إعتراف الرئيس الأمريكي ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني منطلقا من البعد الديني للسياسة الأمريكية ولو تعارضت هذه الخطوة مع المصلحة الأمريكية.
فقبل الثورة كانت الأمة وشعوبها بين محورين لا ثالث لهما محور النظام العربي الرسمي المستبد ومحورإيران ومشروعها الصفوي الطائفي والذي رفع شعار المقاومة والممانعة.
ومع قيام ثورة الربيع العربي عام 2010م دخلت الشعوب في المشهد السياسي كعامل أساسي وغيرت من المعادلة السياسية للنظام الأقليمي وأصبحت الثورة خطرا على النفوذ الغربي الصليبي مع انتشار الثورة وسقوط الأنظمة والطغاة، وما أن بدأ هذا كله حتى ظهرت حقيقة محوري النظام العربي والإيراني وتفاهمهما في كل ساحات الثورة العربية خاصة في العراق وسوريا واليمن.
فمحور النظام العربي الرسمي المستبد لم يكن إلا أداة وظيفية تم تأسيسها بعد سقوط الخلافة لضبط المنطقة العربية وإخضاعها من قبل القوى الاستعمارية بريطانيا وفرنسا بالأمس واليوم أمريكا لينتهي المحور مع قيام الثورة إلى التحالف علنا مع المشروع الصهيوني والتطبيع معه، وأما المحور الإيراني الطائفي وتحت شعار المقاومة والممانعة فقد انتهى به المطاف بالتحالف مع روسيا فتحول من محور مقاوم كما يدعي إلى محور وظيفي تواجه به القوى الاستعمارية الشعوب العربية وثورتها كما في العراق وسوريا واليمن خاصة بعد الاتفاق النووي لتعود إيران لدورها الوظيفي كشرطي في المنطقة كما كان الشاه من قبل.
وبعد سبع سنوات من قيام الثورة التي كشفت المشهد السياسي والتحالفات والمحاور الوظيفية جاءت القدس ومسجدها الأقصى لتضفي البعد الديني على الصراع بين الأمة وأعدائها وهو ما حذر منه قادة النظام العربي بعد القرار الأمريكي بجعل القدس عاصمة للكيان الصهيوني.
لم يعد أمام الأمة وشعوبها وقواها الثورية ودولها الحرة كتركيا اليوم إلا العمل على شق طريق ثالث يمثل الأمة وشعوبها بدينها وبتاريخها وهويتها التي صادرتها لقرن كامل الحملة الصليبية الأخيرة بعيدا عن محوري النظام العربي الرسمي والمشروع الصفوي الطائفي..
فالأمة وشعوبها لا يمكن لها المراهنة على محور النظام العربي الرسمي الذي صادر حريتها ورهنها للمحتل الأجنبي، ولا على محور المقاومة والممانعة الطائفي الذي يهدد دين الأمة وعقيدتها وهويتها..
ولم يعد للأمة وشعوبها من خيار لحماية دينها وهويتها وإسترجاع حريتها واستقلالها ونهوضها من جديد إلا بشق طريقها لتشكيل محور الثورة والتحرير كطريق ثالث حر مستقل..
فمع دخول القدس على خط الثورة والتحرر فقد أصبح لهذا الطريق الثالث الفرصة التاريخية للتشكل خاصة مع انكشاف حقيقة الصراع ببعده الديني بين الأمة وأعدائها على حقيقته والذين ما فتئوا على إخفاء هذه الحقيقة دوما فالقوى الاستعمارية وقوى الاستبداد باسم الشرعية الدولية ومؤسساتها والأمن والسلام والمشروع الصفوي الطائفي باسم المقاومة والممانعة..
فبدخول القدس والشعب الفلسطيني المرابط على خط التحرر والثورة العربية فقد جاءت فرصة تاريخية للأمة وشعوبها وقواها الثورية ودولها الحرة لم تحدث منذ مائة سنة من سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية لترتيب صفوفها وتوحدها من جديد لتعيد تجديد دينها وتاريخها ومجدها بين الأمم لتحقق ما بشر النبي ﷺ (يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها) لتنهي هذه الأمة العظيمة بوحدتها واعتصامها بدينها هذا التداعي الأممي من قوى الاستعمار والاستبداد والتخلف.
المصدر : موقع سيف الهاجري
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة