حاصلة على شهادة ليسانس في الدراسات الإسلامية - لبنان
عليك العافية
في لحظة من اللحظات "عطست" فقلت "الحمد لله" فقالت لي ابنة أختي وكان عمرها يومها أربع سنوات " عليك العافية!!!" ... فاستغربت من مقولتها وقلت لها "عندما يعطس أحد أمامنا يا خالتي ويقول الحمد لله نقول له يرحمك الله لا عليك العافية " فردت علي قائلة " لا يا خالتي نقول له عليك العافية!!" فسألتها " من علمك هذا يا خالتي؟؟" فقالت لي "لا أحد" !!!
فتساءلت بيني وبين نفسي "هل من المعقول أن تكون قد تعلمت هذه العبارة من الرسوم المتحركة ؟؟"
كنت في تلك الفترة أعمل على إنهاء بحثي التمهيدي للماجستير عن الرسوم المتحركة وكنت أتابع المسلسلات واﻷفلام الكرتونية ﻷقف على مضامينها ومحتوياتها وكانت مفاجأتي كبيرة وأنا أتابع أحد المسلسلات أن تعطس الشخصية الكرتونية بطلة المسلسل فتقول لها صديقتها "عليك العافية" !!!
لقد كنت أرصد مضامين الرسوم المتحركة لسنوات خلت وأتتبع آثارها ولكنني ما تخيلت يوما أن يكون أثرها أصيلا في عقول أطفالنا إلى هذا الحد !!
صحيح أن ابنة أختي لم تعي من أين استقت تلك العبارة ولكنها حفظتها وحكمت سلوكها وهنا مكمن الخطر !!!
والسؤال العبرة مما حصل هل تحتوي الرسوم المتحركة على سلوكيات و"آداب" مغايرة لآداب الإسلام وقيمه؟؟؟ وما هي هذه الآداب والسلوكيات ؟؟؟
حتى الرسوم التعليمية لا تخلو منها!!
كنت أشاهد بين الحين والآخر قناة فضائية للأطفال هي قناة تعليمية تربوية ... وكانت تبث مسلسلا كرتونيا من إنتاج غير عربي وما ذلك إلا لندرة الإنتاجات العربية للمسلسلات التعليمية والتربوية ... وأثناء المشاهدة رأيت الشخصية الكرتونية ومجموعة من أصدقائها تفتح باب منزل لشخص ما دون أن تطرق الباب .. ثم يتحدثون مع هذا الشخص ويخرجون دون أن يغلقوا الباب خلفهم !!!
إن الرسوم المتحركة المستوردة من المجتمعات غير الإسلامية جميعها تحتوي على سلوكيات وآداب مخالفة لما أدبنا عليه رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ....
ومن هذه المخالفات أنك تجد الشخصية الكرتونية تتناول الطعام بيدها اليسرى وتخرج فتات الطعام من فمها وهي تتكلم وتشرب الماء دفعة واحدة وتحدث أصواتا خلال الطعام والشراب ... كما تقوم بأخذ أغراض الآخرين دون استئذانهم أو تدخل بيت الخلاء بالرجل اليمنى وتخرج باليسرى دون غسل يديها ... كما تخلع ثيابها أمام الآخرين وترميها كيفما كان وكذلك اﻷحذية !!!
أما عن الفوضى في المكان وعدم الترتيب فحدث ولا حرج !!!
وزد على ذلك تخريب المقتنيات دون إصلاحها سواء كانت ملكا للشخصية الكرتونية أو للآخرين دون تعويضهم عما خربته لهم !!!
أما عن أدب العلاقات مع الآخرين فلن يكون مفاجئا بعد كل ما تقدم من سلوكيات خاطئة أن تغلق الشخصية الكرتونية هاتفها في وجه من تكلمه !!! أو ترفع صوتها على كبير في السن وتهينه !!! ولا يغلق أحد أذنيه حين يكون خلق الشخصية الكرتونية رفع الصوت ..
أما ما يزيد على ذلك أن تنام الشخصية الكرتونية على ظهرها وتأكل وهي مستلقية أو تجلس وقد فتحت رجليها ... وآخرها وليس ختامها أن تتسلق الشخصية الكرتونية نافذة بيت غير بيتها لترى ماذا يفعل أصحابه !!! أو النظر من ثقب الباب لترى ماذا يفعل من في الداخل !!! وهذا من أخطر ما تعلمه الرسوم المتحركة للأطفال !!!
فماذا نفعل مع الطفل!!! وكيف نكسبه آداب الإسلام وأخلاقه وسط هذا الكم الهائل من اللا أدب على الشاشة ؟؟؟
لتزهر جنان القيم من الشهر اﻷول
في إحدى المدارس التي درست فيها مادة التربية الإسلامية تحكي لي زميلة فاضلة أن أحد منسقي اللغة علق على مسابقة أجرتها للتلاميذ عن الأخلاق -وكانت قد أدرجت فيها أدب الاستئذان معتبرة إياه من اﻷخلاق - علق قائلا وما دخل الاستئذان باﻷخلاق !!! وما المشكلة إن دخل أحد مكتبا دون قرع الباب وأخذ الإذن ؟؟!!!!
والجواب على مثل هكذا طرح هو:
أن الدين الإسلامي دين ظاهر وباطن ...يهتم بالشكل والمضمون على حد سواء ويجعلهما متكاملان...
فاﻷخلاق قسمان في الإسلام قسم متعلق بالظاهر أو الشكل وهو ما يعرف بالآداب الإسلامية أو فن الاتيكيت وقسم له علاقة بالباطن أو المضمون وهو القيم العليا من صدق وأمانة وغيرها ... ولا يكون المسلم مسلما بحق حتى يتحلى بالآداب شكلا وبالقيم مضمونا ... فيكون عندها على خلق كريم...
أما في الفكر الغربي فإن الشخص لن يتحلى بالآداب كما جاءت عند المسلمين فله فنونه من حيث الشكل وأما في اﻷخلاق فإنه يدور معها حيث تكون مصالحه وغرائزه ... وهذا ما تعلمه الرسوم المتحركة ﻷطفالنا ...
فكيف نحمي أبناءنا من كذب ألبسوه ثوب البياض ومن لا أدب قادوا أجيالنا إليه ؟؟؟
والجواب هو أن تتحلو أنتم بالآداب أولا وبالصدق مع الطفل ثانيا .... ليحرص الوالدين على إسماع الطفل اﻷذكار عند كل عمل من طعام وشراب ولباس وغيرها وذلك منذ الشهر اﻷول لولادته ... ألبسوه الثياب باليد اليمنى أولا ولو كان عمره يوما ... قولوا أمامه دعاء بيت الخلاء في كل مرة تدخلونه إليه وإن كان لا يجيد النطق... سموا الله أمامه عند كل عمل تقومون به .... علموه أن ينام على جنبه اﻷيمن مع إسماعه أذكار المساء .... لا تغيروا له ملابسه أمام أحد ... وقبل ذلك لا تغيروا أنتم ملابسكم أمامه .... أطرقوا باب غرفته عندما تريدون دخولها وسوف يستأذن عليكم هو بدوره .... وحين تكونون في مكان عام وتريدون أخذ مكان طفل للجلوس على كرسي يجلس عليه إستأذنوه أولا وسوف يتعلم احترامكم واحترام كل كبير .... لا ترفعوا أصواتكم على صوته أولا وسوف لن يصرخ في وجهكم يوما .... وبالمختصر المفيد كونوا أسوة حسنة ﻷولادكم وغيرهم من اﻷطفال .... ولا تقولوا عمره يوم لا يرى وعمره شهور لن ينطق .... فالطفل يخزن ويمتص كل سلوكياتكم منذ أن يكون جنينا فكيف به وعمره أشهرا ومن ثم سنوات ....
إنكم إن فعلتم ذلك فإن الطفل سيربو معتادا على تلك الآداب والقيم وسوف يستغرب كل سلوك يراه مغايرا ... فعندما تجلسون معه أمام الشاشة وتناقشونه في السلوك الخاطئ فإنه سوف يقتنع بخطأ هذا السلوك بسهولة ....
دمتم مطيبين وذرياتكم الطيبة بآداب الإسلام وأخلاقه ...
وإلى لقاء يتجدد ...
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن