النساء.. والتدخين
بسم الله والحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد...
إن انتشار تدخين النارجيلة وسط الشباب بصنفيه (الذكور والإناث) دليل خراب ومرض وتخلف حضاري وانحدار بالغ السوء على مستوى التدين والأخلاق والاقتصاد والاجتماع!! نعم وأكثر من ذلك..
كم كنت أشعر بالاشمئزاز والحنق كلما رأيت ذكوراً يتسممون – وليس يدخنون- هذا السم في صباح جميل أو عند مساء رخيم، وهم يفترشون الأرصفة وأعمار بعضهم لا تتجاوز السادسة عشرة! ولطالما حوقلت واسترجعت عند رؤيتي فتيان صغار، يُوصلون النارجيلة مع الفحم المشتعل، على شكل توصيل منزلي! على الدراجات النارية!
أرى أن استهتار الذكور وهجومهم على تعاطي هذا الضرر بهذه الطريقة النهمة والمخيفة أباحت وألجّأت الإناث على تقليدهم، كما أن انعدام وجود رجال أكفّاء قوامين في عائلاتهم، سهّل ارتماء الإناث في أحضان النارجيلة مع أن النارجيلة أول قسم من حروفها النار!!
أذكر في ما مضى أن الشباب كانوا لا يدخنون السجائر بحضرة الوالد أو الوالدة احتراماً منهم للكبير (كما يزعمون) أما الآن فنرى الأولاد يسارعون إلى تحضير هذا السمّ للأمّ!! وللأب وكلاهما راضيان عن فعل الأولاد ولا حول ولا قوة إلاّ بالله...
ولا نستطيع أن ندّعي عدم اطلاع شباب اليوم على مهالك ومفاسد وضرر النارجيلة حتى نفسّر سبب تهالكهم عليها، فالكل عندما تحدثهم عن الدمار الصحي والاقتصادي الذي تلحقه ناهيك عن الدين يُتحفونك بمعلوماتهم العلاّمة وبأجوبتهم الفهّامة من الألف إلى الياء عن خطر النارجيلة فتحتار وتقبع في مجلسك كالغريق المحتار!
ويعود تهالك وتفشي ظاهرة تدخين هذا السمّ بين الفتيات إلى عدة أسباب لعلّ أهمها: ضعف المسلمة الشخصي واستسلامها للموجة الآخذة بالتمادي وفصلها بين الوقوع في المعصية والتقليد الجارف للهوية الذاتية.
حيث أن الخوف من الله تعالى بناءً على أن شرب أو تعاطي الدخان حرام، غير موجود أساساً في قلوب المتهالكات على هذه المعصية فترى الفتيات يعتبرنها تسلية مباحة شرعاً بل عادة اجتماعية أخذت تتنامى منذ زمن قريب والأمر لله.
وسبب آخر هو انعدام الحياء كفضيلة وقيمة أصيلة في خلق الفتيات حيث استبدلتها فتيات اليوم بجرأة مخيفة وصلت حد الوقاحة واقتحام الشهاب والوقوع في الحرام أسوة بالذكور! بالله عليكم فتاة ترى والدها (المثل الأعلى لدى الفتاة) وأخاها الكبير وخالها وعمّها يدمنون على تعاطي النار؛ فكيف لا تتجرأ على تمثيل ما وعته عيناها ولو بعد حين؟
إذا ظاهرة مبكية تعكس مدى تفلت الأسر المسلمة من قيود الدين والأدب وتعكس هشاشة قوامة الذكور في مجتمعنا الإسلامي حيث لا يردع الزوج زوجته ولا يردع الأب ابنته ولا يشكّل سداً منيعاً بوجه الانفلات الأخلاقي والانحدار الاجتماعي اللذان يطالان الجنس الناعم المهدد بالكوارث المفتنة إذا لم يعِ الرجل دوره في الأسرة كقوّام وكقدوة حسنة للزوجة والأولاد وكقائد للسفينة التي أكلتها أمواج البحر برضاه التام.
إن مكافحة هذه الكارثة تقوم على ما يلي:
- امتثالاُ وطاعة لأمر الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا).
- وعملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته"
- والتزاماً بأوامر الأطباء المختصين الذين يقولون أن التدخين هو انتحار بطيء وموت قبيح بطريقة ناعمة وأسهل طريق إلى ضيافة السرطان بكل أنواعه وأشكاله.
- وانتصاحاً لطلب الاخصائيين الاقتصاديين الذين يُشيرون بأن المصروف المستهلك على هذا السمّ الضارّ والاستشفاءات والمعاينات والعمليات الجراحية الذي يدفعه المدخّن بسبب الضرر القاتل الذي يتجرعه هو من أسباب الإفلاس والفقر والتوسل والديون المُغرقة.
نقول للأم: اتقي الله في الإمانة التي تُربينها، فالاحصائيات تقول أن 85% من العائلات التي تتسمم النارجيلة تحصد أولاداً يتسممون النارجيلة كنتيجة حتمية!
أيها الأب الوالد: اتقِ الله في اللواتي جعلك الله قوّاماً عليهن ومارس دورك كاملاً، فلا ترضى برؤية زوجتك وبنتك وابنك يلقون بأيديهم في التهلكة وتقف متفرجاً! ساعد ابنتك على التحليّ بالحياء والخفر بحضورك وبالاحترام والأدب لما ربّيتها عليه في غيابك، وباشر أنت بالإقلاع فوراً عن هذه المعصية وسيلحق أهلك بك بلا شكّ.
أيتها الفتاة الحيية الطيبة؛ فليكن حديث نبيّك (صلى الله عليه وسلم) "الحياء كلّه خير" والحديث الآخر: "الحياء شعبة من الإيمان" والحديث الآخر " الحياء لا يأتي إلا بخير" شعارك في الحياة، وارفعي مستوى أجهزة الإنذار التحسسي لديك لكل ما يمكن أن يخدش حياءك ومظهرك، لأن شهق الدخان السام ثم زفره وطريقة تعاطي النارجيلة تُسيء إلى مظهرك أيّما إساءة، وإنّ الناظر إليك وأنت مُغلفة بأدخنة صاعدة وتلوّث ضبابي ورائحة مثيرة للغثيان تمنع محاورة المرأة الحامل والإنسان الطبيعي والإنسان المصاب بالربو والأطفال الأبرياء لكِ، صدقيني صورة بشعة لفتاة ندية عطرة مثلكِ... ولو شئتِ صوّري نفسك بالجوال وشاهدي نفسكِ ولن تصدقي!!
إن النصيحة التي أودّ بعثها عبر منبر الداعيات إلى كل الأخوات المُنرجِلات هي:
1- إن الفتوى التي نصّت على حرمة الدخان هي الأقوى والأرجح والله أعلم، فبادري أختاه إلى الإقلاع فوراُ عن هذه المعصية كي لا تقعي في الكبائر فيما بعد..
2- إن التسمم بهذه المادة السامة بالطريقة المصنوعة والهيئة التي تُتخذ لتدخينها هيئة تخدش الحجاب وآدابه وضوابطه وهي هيئة منفّرة ومستفزّة للإنسان... وكونك فتاة (تدل مظهرياً على ميوعة وتغنج واسترجال) مما يهتك ستار الحياء والتعفّف لديك ويوحي بصورة بشعة!
3- في تفرير متلفز بثته إحدى وسائل الإعلام أقرّ الاخصائيون أن كمية التنباك المستهلك في جلسة رأس واحد فقط من النارجيلة يدفع بالدمّ إلى أدنى مستوى هدوء في دورته الشريانية، وهو ما يوصف بحالة الاسترخاء والشلل العصبي والدماغي المؤقت بحيث نقول عنه بالعامية (تسلطن ومخمخ) وهي شبيهة بحالة الإنتشاء الدماغي العصبي فكيف يليق بكِ أيتها الفتاة العزيزة الغالية وقد تسممت برأس مدبّس (من العنب أو التفاح المعسّل) الذي فوق ما ذكرته لكِ آنفاً أفاد التقرير أن هناك نسبة من الكحول يُخلط معه!! فلله الأمر من قبل ومن بعد..
4- أماه.. أختاه... بنتاه إن كنت ضاربة عرض الحائط بدينك ويوم حسابك وبصحتك ومرضك فلا تسببي الأمراض للمحيطين بكِ، خصوصاً الحوامل والأطفال وما أنتِ عن (التدخين السلبي) ببعيدة!! وهو حدوث نفس المرض المُسبَّب من الدخان عند غير المدخنين بسبب شمهم المتواصل لمن يعيش معهم من المدمنين على الدخان، وما أنتِ عن تشوّه الأجنة في بطون الأمهات المدخنات والمستنشقات للدخان ببعيد!!
إن مقولة "المجتمع يحدد سلوك أفراده" مقولة هابطة ساقطة وإنّ مقولة "فرد واحد يسعى لتغيير مجتمعه نحو الأفضل والأكمل لن يلبث أن ينضمّ إليه أفراده باقون وسيتغير المجتمع" هي المقولة الناجحة والفائزة.
فإذا كانت هذه الظاهرة في طور النمو والاتساع؛ فعلى الجميع إدراك مدى خطورتها كما أن على الجميع محاربتها بدءًا بالوعي الذاتي للفرد بفداحة ما يرتكبه من جريمة بحقّ دينه وصحته والمحيطين به ومجتمعه وبعد أن يتمكن خوف الله والخوف من الوقوع في ما حرّمه الله تعالى من قلبه ويملك عليه قراراته لا يلبث أن ينشر بركة طاعة أوامر ربّه سبحانه ثم يعمّ نور وبركة التزام هذه العائلة (قدوة ونموذجاً يحتذى) مباركة يقلّدها بعد أن شجعته ودفعته بلطف التأثير النوراني للطاعة الربّانية.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن