كاتب باحث ومحاضر متخصص في علوم بيت المقدس
ناشط شبابي جزائري
مدير فريق التدريب، شباب لأجل القدس- الجزائر
القدس بين لهب التهويد ولهيب الصمود
كتب بواسطة كدير مراد
التاريخ:
فى : آراء وقضايا
1051 مشاهدة
تمر علينا سنة كاملة عن نموذج عظيم لصمود المقدسيين في "هبة الأسباط" التي أفشلت نقلة كبيرة في مشروع التهويد لو تحققت، نعيش الذكرى ومشروع التهويد لا يزال يخطط ويتحرك للوصول لمبتغاه ولا يزال المرابطون داخل المسجد الأقصى يذودون عن حماه ولا زالت المؤسسات المتحركة لأجله تستنهض الأمة وتبني جيلا واعيا بحجم التحديات التي تهدد بيت المقدس وتشكل جيلا يتحرك بنظام ويحرك مجتمعا لحماية المقدسات، رغم ذلك لا يزال الكيان الصهيوني غير آبه يسرع ولو تدريجيا في فرض أمر واقع جديد في المسجد الأقصى عبر فرض التقسيم الزمني والمكاني والتحرك الواسع لفرض مشروع القدس الكبرى لتشكيل قدس يهودية تحت الاحتلال الصهيوني.
القدس نقطة التدافع بين الحق والباطل إلى يوم القيامة وهي سرة العالم، بقدر عودتها لأهل يكون الأمن والسلام العالمي وبكمية الظلم الجاثم عليها يتعدى ذاك الجبروت لتتذوقه البشرية جمعاء، تمهيدا وجب علينا معرفة الآليات التي يركز عليها الكيان الصهيوني لفرض مشروع التهويد في المسجد الأقصى رغم كثرتها وتشعبها إلا أننا سنتكلم عن مشروع واحد انطلق تحقيقه لتغيير هوية مقدس المسلمين الثالث.
التقسيم المكاني
يركز الكيان الصهيوني على تكثيف الاقتحامات والتركيز على أماكن بحد ذاتها لدلالاتها المستقبلية في مشروع بناء المعبد الثالث:
بدأ مشروع تقسيم المسجد الأقصى بعد احتلاله مباشرة سنة 1967، أغلق يومها المسجد الأقصى ومنع الصلاة ورفع الأذان فيه أسبوعا كاملا، صادر فيها الكيان الصهيوني مفاتيح كل الأبواب
أ- صحن قبة الصخرة: يحرص المستوطنون على الوقوف على الأسوار الجنوبية والشرقية والغربية لصحن قبة الصخرة الذي تعتبره العقائد اليهودية مكان بناء المعبد الثالث ووجود الغرفة الأكثر قداسة "قدس الأقداس" التي تحوي صفائح التوارة وتابوت العهد على حسب زعمهم، ويستخدم المستوطنون مؤخرا تصريحا ممضي من محافظ الشرطة الصهيوني الذي يسمح لهم بالوقوف على أسوار صحن قبة الصخرة، وهذا الأخير يعتبر تطورا خطيرا في مسار تهويد المسجد الأقصى ومحاولة نقل البكاء والنواح والصلوات التلموذية إلى داخل المسجد الأقصى.
ب- باب التوبة والرحمة: تعتبر الجهة الشرقية من المسجد الأقصى منطقة انحدار الهضبة التي بني عليها المسجد الأقصى، وهي الحد الشرقي المشترك للبلدة القديمة والمسجد الأقصى، وهي المكان الذي يحوي رفات أفضل الناس بعد وفاة رسول الله من الصحابة والتابعين والصالحين ممن اختاروا مجاورة المسجد الأقصى ونيل بركات خدمة الإسلام منه.
يركز الصهاينة مشروع التهويد وتقسيم المسجد الأقصى على فرض واقع جديد يهدف لنقل ملكية جهة باب التوبة والرحمة إلى ملكية صهيونية عبر الخطوات التالية:
من داخل المسجد الأقصى
1- تكثيف الوجود الصهيوني اليهودي في هذه الجهة لإضفاء شرعية مزيفة.
2- منع المقدسيين من ترميم الجهة الشرقية وتهيئتها للصلاة من طرف المقدسيين ونزع الأتربة عنها التي منع الكيان الصهيوني الأوقاف والمقادسة من إخراجها منذ افتتاح الدرج والبوابات الكبرى للمصلى المرواني.
3- العمل على الحد من عمل دار الحديث الموجودة رب باب التوبة والرحمة والتي بنيت في عهد الظاهر بيبرس وتأسست دار للتعليم الفقهي القرآني فيها سنة 1981، وتعتبر أحد معالم التعليم داخل المسجد الأقصى وأبرز علامات الوجود الإسلامي في هذه المنطقة.
من خارج المسجد الأقصى
1- غلق مقبرة التوبة والرحمة ومنع دفن المسلمين فيها.
2- العمل على انتهاك حرمة القبور وتغيير صورة المقبرة الإسلامية.
3- العمل على تحضير المنطقة لمشاريع تهويدية كتليفيريك القدس ووضع محطة من محطات الترام. فيه لتكون بوابة الدخول - تحقيقا للمعتقد- للمعبد المراد بناءه.
عمل الكيان الصهيوني على وضع الخطط والإستراتيجيات الدقيقة من أجل تطبيق مشروع تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، ورغم أن التقسيم الزمني هو الخطوة السابقة للتقسيم المكاني إلا أنني ابتدأت به سباقا لتوضيح رؤية الكيان الصهيوني لمستقبل المسجد الأقصى، إلا أن التقسيم الزمني هو المرحلة الخطيرة التي نعيشها والتي يسعى الكيان الصهيوني عبر أدواته الناعمة الصلبة فرضه.
التقسيم الزمني
يعتمد المخطط "نموذج المسجد الإبراهيمي في الخليل" الذي كان بعد مجزرة غولدشتاين الشنيعة التي قتل فيها أكثر من عشرين مصلي من المسلمين في رمضان وجرح أكثر من 150 منهم، اتخذ الكيان الصهيوني من الحادثة ذريعة لتقسيم الأوقات بين المسلمين واليهود بحجة الأمن والاستقرار. النموذج يعتمد على تكثيف الاقتحامات في أوقات محددة من ساعات اليوم وأيام السنة من الأعياد اليهودية.
بدأ مشروع تقسيم المسجد الأقصى بعد احتلاله مباشرة سنة 1967، أغلق يومها المسجد الأقصى ومنع الصلاة ورفع الأذان فيه أسبوعا كاملا، صادر فيها الكيان الصهيوني مفاتيح كل الأبواب، واقتحم الجنود ساحات المسجد الأقصى وحرقوا المصاحف ورفعوا رايتهم على أسواره، بقي هذا الدخول العسكري اقتحام محتل، إلا أن قضت قاضية المحكمة المركزية الصهيونية بحق اليهود في الصلاة سنة 1976. أردفه اقتحام المسجد الأقصى سنة 1981 من طرف جملة من الحاخامات.
مباشرة بعد الاحتلال حافظت الاوقاف الأردنية على شرعية إدارة المسجد الأقصى والمقدسات ووضع توقيتا يسمح للسياح الدخول للمسجد الاقصى في الفترتين الصباحية 7:30 - 10:00 والساعة 1:30 - 2:30 خارج أوقات الصلاة. بعد اقتحام زعيم حزب الليكود اليميني آنذاك أرييل شارون اندلعت الانتفاضة الثانية انتفاضة الأقصى، استغل الكيان الصهيوني الوضع فسيطر على الطرق المؤدية لأبواب المسجد الأقصى المبارك وفرض واقعا جديدا، أصبح فيه الاحتلال المتحكم في الداخل والخارج من المسجد الأقصى.
يعمل الكيان الصهيوني على فرض تقسيم زمني بين المسلمين أصحاب الحق الشرعي واليهود المحتلين عبر الأدوات التالية:
أ- تفريغ المسجد الأقصى من المسلمين
1- تحديد السن لدخول لمسجد الأقصى ومنع من هم دون الـ 50 من الصلاة في المسجد الأقصى.
2- منع المرابطات معلمات القران الكريم من لدخول المسجد الأقصى.
3- تجريم الرباط في المسجد الأقصى واتهامه بالإرهاب ووضع قائمة لجملة الفاعلين من المرابطين الذين يعملون على افشال السياسة الصهيونية ومنع تواجدهم في المسجد الأقصى وتغريمهم بغرامات مالية مثقلة.
4- تقليص حركة الطلبة في المسجد الأقصى من تلاميذ المدارس النظامية إلى طلبة المدارس الشرعية وجامعة القدس.
5- تحريك المحاكم والقضايا الجنحية والجنائية المفبركة ضد حراس المسجد الأقصى وعمال الاوقاف.
6- سجن حراس المسجد الأقصى عند قرب أوقات الاعياد اليهودية والاقتحامات الكبرى لمنع مقاومة الحراس وحماة المسجد الأقصى.
ب- تكثيف الاقتحامات وترسيخ التهويد
1- استغلال الأعياد اليهودية لتفريغ المسجد الأقصى من الوجود الإسلامي تمهيدا لإغلاقه كاملا أمام المسلمين أيام السبت و100 يوم مدة الاعياد اليهودية.
2- توفير الحماية الأمنية لمتطرفي المؤسسات اليمنية المتطرفة القائدة لمشروع التهويد.
3- انتقال مشروع التهويد من حلم مؤسسات مجتمع مدني متطرفة إلى استراتيجيات حكومية ومشاريع قوانين تشريعية.
4- دخول المؤسسات الرسمية الصهيونية في خط الاقتحامات بعد سماح للوزراء وأعضاء الكنيست في اقتحام المسجد الأقصى.
5- تكثيف دعاوي الحاخامات للمتدينين في وجوب دخول جبل المعبد في مسماهم كأحد واجبات اليهودي لنيل رضا يهوه.
6- إصدار فتاوى تبيح دخول المسجد الأقصى لعموم اليهود دخول المعبد لتجاوز فتاوي قدامي تحرم الدخول أو توجب التطهر سباقا.
مع كل ذلك يعمل المرابطون الصامدون ومن خلفهم مؤسسات الاستنهاض والدعم وجمعيات التحرك القانوني ومؤسسات بعض الدول في قيادة مشروع صمود منطلقا ببعض الأدوات البسيطة في شكلها القوية في منجزاتها، نركز في المقال المقبل على سردها وتسليط الضوء على تطور أدواتها وتفصيل بعض منجزاتها واستشراف مآلات عملها مستقبلا.
المصدر : مدونة الجزيرة
الكلمات الدالة : اليهود القدس التقسيم المكاني التقسيم الزماني فلسطين تهويد المسجد الأقصى صمود المقدسيين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة