ربطت دراسة علمية متخصصة بين حفظ كتاب الله الكريم والصحة النفسية للمسلم حيث أكدت أن هناك تبايناً بين المسلمين في صحتهم النفسية على قدر ما معهم من كتاب الله، وقالت: إن الذي يحفظ في صدره كمّاً أكبر من الآيات يترقى في مستوى صحته النفسية ويفضُل من يقل عنه في مقدار الحفظ، والشواهد على ذلك كثيرة مما يتكرر في حياة الناس اليومية ويشعر به كل من عرف حفاظ كتاب الله وقارنهم بغيرهم ممن حرموا السعي لحفظ كتاب الله وانشغلوا عنه بحطام الدنيا، فيلحظ الفرق بينهم في مظاهر الصحة النفسية وعلامات السعادة والطمأنينة القلبية.
واستهدفت الدراسة الميدانية - التي أجراها الأستاذ الدكتور صالح بن إبراهيم الصنيع أستاذ علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض - (أثر حفظ القرآن الكريم على مستوى الصحة النفسية).
وقد تكونت عينة الدراسة من مجموعتين: مجموعة طلاب وطالبات معهد الإمام الشاطبي للدراسات القرآنية في محافظة جدة وعددهم (170) طالباً وطالبة، وقد كانت الفئات العمرية للمجموعتين متقاربة، وكذلك المستوى الدراسي لمجموعة الطلاب والطالبات في العينتين كانت متمركزة في نفس المستوى.
وقد استخدم الباحث لقياس مقدار حفظ القرآن الكريم سؤالا متدرجا من ثمانية مستويات يبدأ الأول بحفظ أقل من جزء ثم الخمسة التالية لكل مستوى خمسة أجزاء، وفي المستوى السابع أربعة أجزاء، والمستوى الأخير وهو أعلى المستويات حفظ القرآن الكريم كاملاً. ولقياس مستوى الصحة النفسية استخدم الباحث مقياس الصحة النفسية من إعداد (سليمان الدويرعات)، وهو مكون من 60 عبارة وحصل على معامل ثبات وصدق جيدة.
ومن أبرز نتائج الدراسة - كما خلص إليها الدكتور صالح الصنيع - وجود علاقة ارتباطية موجبة دالة إحصائياً بين ارتفاع مقدار الحفظ وارتفاع مستوى الصحة النفسية لدى عينتي الدراسة.. كما أن طلاب وطالبات المعهد (والذين يفوقون نظراءهم في مقدار الحفظ) كانوا أعلى منهم في مستوى الصحة النفسية بفروق دالة إحصائياً. ولم توجد فروق في مستوى الصحة النفسية لدى عينات الدراسة يمكن أن تعزى لمتغيرات الجنس أو الجنسية أو العمر أو المستوى الدراسي.
وفي نهاية الدراسة، أوصى الباحث بالاهتمام بحفظ القرآن الكريم كاملاً لدى الدارسين والدارسات في مؤسسات التعليم العالي للأثر الإيجابي لهذا الحفظ على كثير من مناحي حياتهم وتحصيلهم العلمي، كما ظهرت في نتائج بعض الدراسات السابقة، وكذلك ما ظهر في نتائج الفرضين الأول والثاني من الدراسة.
وأوضح أن من أهم أسباب الوصول إلى مستوى عال من الصحة النفسية يتحقق من خلال الاهتمام بحفظ القرآن الكريم والامتثال لأوامره ونواهيه، وأن الطلاب الذين يحفظون قدراً كبيراً من أجزاء القرآن الكريم ينعكس ذلك إيجابياً على مستوى الصحة النفسية لديهم مقارنة بنظرائهم الذين لا يحفظون إلا النزر اليسير من سور القرآن الكريم، وأن الأثر الإيجابي لحفظ القرآن الكريم على ارتفاع مستوى الصحة النفسية لا يتأثر بعوامل الجنس والجنسية والعمر والمستوى الدراسي.
وأوصى الباحث بضرورة اهتمام المعلمين والمعلمات برفع مقدار الحفظ لدى طلابهم وطالباتهن حتى لو كان خارج إطار المقرر الدراسي بحيث يكون إضافياً، لما له من أثر إيجابي على تحصيلهم وصحتهم النفسية، ولفت انتباه الآباء والأمهات إلى الأثر الإيجابي لكمية الحفظ من القرآن الكريم على تحصيل أولادهم العلمي وارتفاع مستوى صحتهم النفسية، بحيث يحرصون على إلحاقهم بالدور الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الفترات المسائية.
وحث الدكتور صالح الصنيع - في ختام توصياته - معلمي ومعلمات دور تحفيظ القرآن الكريم على إتقان الحفظ لدى الطلاب والطالبات، وتذكيرهم بالحرص على المراجعة الدائمة حتى لا ينسوا ما حفظوا بعد تخرجهم من تلك الدور، وتأكيد الأجور المترتبة على الحفظ والفوائد الدنيوية المصاحبة للأجر الأخروي.
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة