لبنان .....بصوت واحد
ضجّت الساحات بالهتافات وعلَت أصوات الحناجر بالمطالبة بحق الإنسان بعيشٍ كريم في وطنٍ مظلته فساد يكسوها فساد. مطالبين بسقوط العهد .
كان كلّ عهدٍ سالف يورث العهد الذي يليه زيادة في الرفاهية والفساد ونهب المال العام ، ومن ثم تضييقاً على الشعب، حتى اتسع الفَتْقُ على الرَّاتِقِ فثار الثائرون.
إن الحديث عن ثورة أشعلت شرارتها ضريبة ٦$ على تطبيق تواصل اجتماعي لجدير بالتوقف عنده، فمصير شعب بأكمله تحدده مسارات ما ستؤول إليه الأيام القادمة. ونستحضر هنا تجارب الثورات القريبة منا والبعيدة عنا، وما آلت إليه بعضها إلى حروب دامية و ما آلت إليه أخرى إلى تحقيق أحلام الشارع بالحرية والعيش الكريم كما في ثورة تونس..
والمشهد اليوم في الساحات وَحّد الناس بغالبية أطيافهم ومِللهم، فقد وحّدت الثورة همومهم بهمّ واحد، ألا وهو البحث عن الكرامة، فلا فرق بين مسلم ونصراني ، ولا بين مسلم سنّي ومسلم شيعي، لا بين نصراني ودرزي، ولا بين ماروني وأرثوذكسي أو كاثوليكي، فقد توحدت نداءاتهم المطالبة بالتغييرلا الإصلاح وبالاستبدال لا التجديد.
تسوء أحوال هذا البلد مع الوقت فيعظم ألمُ أهله ، إلا أولئك الذين نهبوا ثرواته ومن والاهم.
إن المسلم اليوم الذي نزل إلى تلك الساحات من الشمال إلى الجنوب هو انعكاس لهويته وأخلاقه التي يحملها و هوتعبير عن مبادئه وقيمه التي ينادي بها.
فلا بد له من التحلي بخلق المسلم الذي يعرف حقّ الناس عليه من الاحترام والتقدير، والتزاماً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سَلم المسلمون من لِسانه ويده".
فما تناقلته وسائل الإعلام من مظاهر لا تمتّ إلى الدين الإسلامي بصلة، ليست مبرراً لنا أن نشتم ولا أن نهين، ، فكلٌّ نزل إلى الساحة يعبِّر بالطريقة التي ألِف التعبير بها عن نفسه ، ولكلّ وجهةٌ هو مُولِّيها.
وهذا ليس مبرراً للبعض أن يترك الساحات لهؤلاء ظنّاً منه أنه يربأ بنفسه ودِينه من التعرّض لتلك الفتن، بل على العكس تماماً؛ إن وجود المسلمين الملتزمين بدينهم المعتدلين بتفكيرهم ومنهجهم الواضح لَهُو أمر لازم عليه، فلا يترك الأمر بحجة أنّه لا يرقى للغايات السامية التي أمر الله تعالى عباده بها وهي (عمارة الأرض).
بل لا بد من التحرّك بتنظيم بين جميع الأطياف، ولا ينأى المسلمُ بنفسه إلى جماعة أو حزب، فإن ذلك مدعاةٌ إلى تضعيف هذه الثورة، وخلْق ثغرات فيها وذريعة لمن لازالوا متمسكين بالطائفية، للقول بأن الثورة ليست إلا مظهراً تنضوي تحته أحزاب متطرفة.
فليحذر المسلم من هذه المزالق فإنها مرحلة ليس بالسهلة ولكنها تحتاج حكمة وتدبرا.
وعلينا بالسعي لتأمين احتياجات المتظاهرين في الساحات من خلال عمل مشترك منظم تقوم به فئات الشباب القادرة على الجمع والتوزيع.
هي مرحلة مفصلية، ومنعطف خطير يحتاج الثبات وحسن التفكير واستخدام الحكمة في التدبير.
فلن يكون سكوت الحكومة بعد إعلانها ورقة الإصلاحات وبقاء الشارع يغلي ثورة ويندد بكل رموز الفساد سكوت من قبل التنازل عن الكرسي الذي تربع فوقه، فقد يطول الأمر أو يقصر الطريق، وبالحالين لا بدّ من دراسة الخطوات بتؤدة وروية، والتأكيد على وحدة الشعب بإنسانيته ومطالبه وإن اختلفت خلفياته أو عقيدته.
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
أثر تغيير الأسماء والمفاهيم.. في فساد الدنيا والدين!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!