بدي يوسف يحكمني..
لماذا يوسف..؟
في ظل ما نشهده اليوم من استنهاض في الوعي الجماهيري ،العابر للحدود..
أحلم بحاكم كيوسف..
يوسف شخصية يقبل بها المسلم لإنه ذُكرت قصته في القرآن
والمسيحي أيضا لذكر قصته في الكتاب المقدس..
ويقبل به العلماني المدني..
لأنه رسم خطة طريق اقتصادية مدنية خدماتية أنقذت مجتمعا بأسره من أزمة محتمة..
ويقبل به اليساري الشيوعي،فكم استشهد بقصته في اناشيد ومقالات أعداء الإمبريالية..
وهو الذي قسم الرزق تقسيما عادلا بين فئات المجتمع من غير تمييز طبقي..
ويقبل به الملحد،الذي خرج من رحم ظلم الكهنوت الذي يحكم بثيوقراطية بغيضة ظالمة بمشاركة سلطة جائرة باسم الدين،والذي يقبل( أي الملحد) بمنظومة أخلاقية عادلة تحكم الشعوب كمثال يوسف..
بدي يوسف يحكمني..
لأنه مثال للحاكم الذي قدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة..
بعد ما علم المستقبل المظلم المقبل على البلاد والعباد
وهو الذي ظُلم من بعض أركان الدولة(امرأة العزيز)
{..وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ ءَامُرُهُۥ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ ٱلصَّٰغِرِينَ}
وهو الذي لبث في السجن بضع سنين تلت ،لنسيان صاحبه في السجن بعد أن أوصاه يوسف ذكره في حضرة الملك بعد خروجه..
{وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}
فلم يشترط الخروج من السجن ولم يقاض ثمنا لحريته مقابل خطة الإنقاذ..
ولم يوبخ صاحبه بسبب نسيانه..
بل بادر برسم خارطة طريق إنقاذية من غير شروط..
{قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}
لماذا يوسف؟..
لأنه رفض الخروج من السجن عندما جاءه رسول الملك..حتى تبرأ ساحته من أي شبهة محتملة تكون عائقا في غضون ممارسته لعمله الإنقاذي،فتُفبرك له ملفات من قبل أعداء محتملين..
{فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ}
وأن لا يتهم الملك بشراكة مشبوهة مع عامل من عماله،في ملف أخلاقي قديم لم ينته القضاء منه بعد..فكان الإعتراف ببراءته عاما وبشهادة الجميع..لينتهي هذا الملف..
قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِۦ ۚ قُلْنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوٓءٍۢ ۚ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْـَٰٔنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفْسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ
لماذا يوسف..
لأنه بالرغم مما مرّ به من مكر وفقر، لم يستغل منصبه كمؤتمن على موارد الدولة الإقتصادية لزيادة رصيده البنكي في حساباته المصرفية..
{..قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}
كيف لا وهو الذي حفظ أمانة من استأمنه وأحسن إليه، ولم يفضح..
{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}
لماذا يوسف..
لأنه بالرغم من الظلم الذي تعرض له ،لم يستخدم نفوذه في الدولة للانتقام ممن يعتبر مسببا لما مر به من محن،فلم يركب الملفات،ولم يفبرك الأفلام لإسقاط الخصوم ،بل وُزعت الموارد في حكمه توزيعا عادلا ،وكان الإحسان والعفو والصفح ..
{قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}
يوسف حلم لحكم عادل ساد الأرض أنقذ الله به البلاد والعباد..
في حقبة زمنية مشرقة..
عسى أن تلامس أنوار أحداثها صروحا وعروشا ،استغلت واستخفت واستبعدت أناسا يفترض أن تكون رعية،فما رعتها العروش الزائفة حق رعايتها..
فحق لها أن تنتفض..
فسبحان من جمّل صورة يوسف..
وجمّل سورة يوسف بقوله..
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
والسلام..
المصدر : لبنان 360
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة