اتقوا النار و لو بشِقِّ تمرة...!!!
ولَكأنه الآن بيننا، يرى حالنا ويسمع شكوى قلوبٍ أثقلتها مصائبُ الدنيا وما نزلت بها من أزمات، فينطق بالنصيحة وما ينطق عن الهوى، فهو الصادق يأتينا بكل خير، عليه صلوات ربي وسلامه، فمن حديث عدي بن حاتم قال: سمعت النبي ﷺ يقول: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، أخرجه البخاري ومسلم.
استوقفني هذا الحديث ونحن نمرّ في لبنان خاصة وبلاد المسلمين عامة بأيام صعبة، فمنذ بدء "ثورة 17 تشرين" في لبنان إلى اليوم والأوضاع الاقتصادية التي ثار عليها الناس (باختلاف انتماءاتهم ومرجعيتهم الدينية) في تردٍّ من سيئ إلى أسوء ومن فقر إلى فقر مدقع، ومن كان حاله في الأمس القريب يبكي لعدم قدرته على سداد الدين فاليوم قد لا يجد من يسلفه....
ويدمع القلب قبل دمع العين، فكيف السبيل إلى الخروج من هذه الأزمة التي باتت تنذر بموتٍ في ظل حياة بلا مقومات الحياة!
الأزمة السياسية طويلة المدى على نحو ما نرى!!! والعجب العجاب من أولئك المتمسكين بمناصبهم بحجة إدارة البلاد وهم يدركون أو لا يدركون أنهم يدورون بها نحو هاوية الجوع .....
فهل ننتظر ممن استشرى الفساد في نفوسهم إصلاحاً لأحوال البلاد؟! وهل ننتظر منهم أن يشعروا بجوع الأطفال.. ينتظرون لقمة تسد رمقهم؟!
ونحن نسمع اليوم عن أحداث تكررت لأطفال يأكلون الخبز بلا غذاء فيه، يحملونه زادهم في المدرسة؟!
فهل ينتظرون أن يحرم الأطفال حتى من كسرة الخبز؟!
وهناك من لم يجد ثمن دواء مريضه المزمن ... وهنالك وهنا الكثير الكثير ممن لم يملك ما يسد به رمقه.
إن الموقف اليوم لا ينتظر شفقةً من الخارج ولا حلاً من لصوص حكم الداخل، إنما هو في تطبيق ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، أن نتقي النار ولو بشق تمرة قبل أي خطة استراتيجية تنهض بالبلد من جديد وتعيد الحياة إلى دورانها الطبيعي..
سيسأل سائلٌ: كيف لي أن أتصدق ولم آخذ من راتبي سوى النصف؟! وسيقول آخر وكيف لي أن أقدم معونة لغيري وأنا لم أستوفِ حاجات المنزل ...؟!
نقول لهذا وذاك إن كنت وجدت شيئاً تتكئ عليه فهناك من لم يجد أي شيء، وهناك من بات جائعاً هو وعياله وهناك من لم يجد ثمن (جرة) الغاز ليوقد طعاماً...
إن الوضع لا يحتمل أن نخشى الفقر فلا نتصدق ولو ... بشق تمرة!
واسمع لعائشة رضي الله عنها وهي تحدث النبي صلى الله عليه وسلم بما رأت من أمر عجب.. تقول رضي الله عنها: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله ﷺ، فقال: " إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار"، فهنيئاً لها صنيعها.
فهل نعجز اليوم عن قليل يساوي عند المحتاج كثيراً؟!
فبادروا قبل أن تغادروا وقدموا لأنفسكم خيراً ولنكن معاً في وجه الأزمات نتحدى مصاعب الحياة.
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن