الشام بين غراب يدفن وغربان طائفية تنبش
استفاقت الإنسانية بالأمس القريب على كائنات فضائية وهي تنبش قبر مجاهد مضى على وفاته سنوات عديدة في خان السبل على الطريق الرئيسي الواصل بين حلب ودمشق، لتضع هذه الكائنات الفضائية الجمجمة وهي تتكأ عليها وتشعل سيجارتها وتحدث الجمجمة وتستهزأ بها وتهاجمها، كم فكرت بأنه لو هيئ الله لهذه الجمجمة أن تنتفض في وجه هؤلاء الأقزام الذي كان اسمه يجلب لهم الذعر والخوف، فماذا سيكون حالهم؟!
وبعدها غرد أحد قادة العصابة الطائفية عمر رحمون على التويتر قائلاً لو حق لقبر أن ينبش لكان قبر ابن تيمية، ولبعض المتفذلكة أن يقول إن هؤلاء ليسوا إلا من السنة، بينما الكل يعلم أن هؤلاء ما هم إلاّ خدم وجند للعصابة الطائفية المجرمة التي تدفع منظومتها الأمنية والطائفية أمثال هؤلاء ليفعلوا ما يفعلوا دون محاسبة أو مراقبة أو توبيخ، ولو عرف هؤلاء واحد بالمئة أن هذا لا يرضي أسيادهم لما اقتربوا منه، ولكن هذا كله ضمن نسق طائفي معروف منذ وصول العصابة الطائفية إلى السلطة عام 1970، وما على الإنسان إلاّ أن يقرأ ما حصل لسجناء تدمر وتعذيب الطائفيين لهم ليعلم أن هذا كله يعمل ويشتغل ضمن منظومة حاقدة مجرمة لا علاقة لها ببني البشر و لا حتى الحيوان.
في آذار من عام 2002 توفي خالد زيدان أحد أقاربي في بغداد وهو ممن فرّ كما فررنا من حكم المقبور حافظ أسد في الثمانينيات، وشاء أهله وإخوانه أن يطلبوا من العصابة الطائفية يومها متسلحين بأمل وصول الشاب الدكتور بشار صاحب التغيير المنشود أن يسمح لهم بدفن الجثة في تفتناز بإدلب، فجاء الجواب الصادم لهم يومها، يمكن أن تدفنونها شريطة تشكيل لجنة أمنية لتوبيخ الجثة، والحديث عن جرائمه ومساوئه، فما كان من الأهل إلاّ أن ألغوا الفكرة ودفنوه في بغداد عاصمة الرشيد.
لم ينس السوريون بعدُ، حين أقدمت العصابة الطائفية ومعها الاحتلال الإيراني على تدمير وتدنيس قبر خالد بن الوليد في حمص يوم احتلالها وذلك تحت سمع العالم وبصره دون أن يتحرك أحد يومها، وقبل أيام قاموا بتدنيس ضريح الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز في الدير الشرقي شرقي معرة النعمان، ولم ينبس أحد أيضاً ببنت شفه.
إذن هي عصابة طائفية حاقدة لا يمكن أن يُعاش معها، تذكرني تماماً بالقرار الذي اتخذ في شبه القارة الهندية عام 1947 يوم استقلت باكستان وهي ترى من يعبده الهندوس من البقر يأكله المسلمون في باكستان، وما حصل يومها لا يشكل عشر معشار ما يحصل اليوم في الشام وعلى مدى عقد كامل، من القتل والإجرام وجلب الاحتلالات المتعددة والعصابات الطائفية العابرة للحدود للفتك بالشام وأهلها.
هل تدمير المدن وتفريغها من أهلها أصعب أم تدنيس الأموات والقبور بهذه الطريقة، مدن شامية عريقة يصل عمرها إلى ما قبل الميلاد بكثير غدت اليوم فارغة وكأنها مدن أشباح، ولا يزال الإجرام الطائفي وسدنته يصر على المضي قدماً في وحشيته وهمجيته ولكن لكل أجل كتاب.
المصدر : مدونة الجزيرة
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة