رمضان مبارك عليكم، سألني ابني الذي يبلغ من العمر 11 عاماً، لماذا نصوم، فما هي الإجابة الكافية لسؤاله؟
_________________________________________________________
الإجابة: المستشارة أماني جازية
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مبارك عليكم الشهر.
حفظ الله لك ابنك، كما هو معلوم فإن الإجابة يجب أن تتوافق مع عمر الطفل، وبما أن ابنك بعمر 11 سنة، فهو قادر على إدراك الكثير من الأمور والمفاهيم؛ لأنه في بداية إقباله على الحياة.
في البداية، يجب أن نؤكد لأولادنا دوماً أننا نعبد الله بالصلاة والصيام وغيرها من العبادات؛ لأن الله أمرنا بذلك، ونحن نحب ونسعد بفعل ما أمرنا الله به ، هذا هو السبب الأساسي، وبنفس الوقت نحن مؤمنون ومتيقنون أن الله تعالى حكيم، له حكمة في كل أفعاله، وأوامره ونواهيه، لذا فإن حقيقة تسليمنا لأوامر الله، لا تتعارض من محاولتنا معرفة الحكمة من العبادات، بقدر استطاعتنا البشرية، وتبقى الحكمة المؤكدة في علم الغيب عند الله تعالى.
أخبري ابنك أن الصيام تزكية وتدريب للنفس من عدة نواحٍ:
• يعوّدنا على الصبر وقوة الإرادة، وذلك عندما نرى الطعام أمامنا، ونصبر عليه ولا نمد يدنا إليه كي نتناوله رغم رغبتنا بذلك... يجب علينا ألّا نحصر قوة الإرادة هذه بالامتناع عن الطعام والشراب فقط أثناء الصيام، ثم ننساها فيما بعد، بل نتذكر -ولو في أيامنا العادية، وفي كل موقف- كيف استطعنا الصبر أثناء الصيام.
• يعرّفنا على أنفسنا وقدراتنا أكثر، ويخرج ما فينا من قوة لم نكن نتوقعّها، الكثيرون من الأطفال يقولون قبل بداية الشهر: كيف سنصوم؟ كيف سنترك الطعام والشراب؟ لن نقدر على ذلك؟ ثم في الصيام، يحدث ما يخالف توقعاتهم، ويستطيعون الصيام، وهكذا نتعلّم أن الأمور في كثير من الأحيان، تبدو أصعب قبل أن نمارسها، وعندما نبدأ بها، تصبح أيسر للنفس وأسهل، وأيضاً -كما قلت سابقاً- يجب أن نقيس كل أمور حياتنا في هذا السياق على الصيام.
• الصيام يدربنا على المرونة، والتي تعني القدرة على تغيير عاداتنا، بما يناسب الظروف الجديدة، وألا نكون متصلبين، ولا يخفى على أحد بأن الصيام هو تغيير للعادات الغذائية والاجتماعية أيضاً.
• الصيام والإحساس بالجوع والعطش (أو بمعنى آخر "الحرمان") يجعلنا نشعر بشكل أكبر بالفقراء والمحتاجين المحرومين، صحيح أن الفقراء يصومون أيضاً، لكن من الطبيعي أن يختلف تأثير نفس العمل، باختلاف من ينفذه، وبالتالي فإن تأثير الصيام على الفقراء يختلف عن تأثيره على غير الفقراء، ويبقى للفقراء فوائد الصيام الأخرى.
أو دعونا نقول إن الصيام هو مشاركة للفقراء، عندما لا يقدر شخص ما على الصيام، لأي سبب كان، ولا يستطيع مشاركة الفقراء جوعهم، فإن كفارته هي أن يُطعِم فقيراً، وبالتالي يشاركه الفقير شبعه.
• للصيام فوائد صحية عظيمة، مثل تقوية المناعة، والوقاية من أمراض خطيرة، وقد انتشر حتى بين غير المسلمين، ما يسمى الصيام المتقطع، الذي إن نظرنا في أسسه، نجده يشبه كثيراً صيامنا الإسلاميّ، بسبب ما أدركوه من فوائد صحية للصيام، وهذه مناسبة كي تحكي لابنك عن مدى عناية الإسلام بصحة الجسد.
بعد كل ما قلناه، يجب أن نعود لأنفسنا دوماً، ونجدد النية أن الصيام هو أولاً طاعةً لله، وأنصحك يا أختي الكريمة، ألا تقولي كل ذلك لابنك دفعة واحدة كي لا يمل، بل اجعليها في جلسات خفيفة متفرقة، تقبّل الله منّا ومنك.
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة