هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلة الرحم
كتب بواسطة د. محمد راتب النابلسي
التاريخ:
فى : في رحاب الشريعة
1073 مشاهدة
بلغ في صلة الرحم مبلغاً عظيماً ، ضرب به المثل على مرِّ التاريخ ، فما سمعت الدنيا بأوصل منه صلى الله عليه وسلم، قام قرابته ـ أبناء عمه وأقاربه ـ فأخرجوه من مكة، وطاردوه وشتموه وآذوه، حاربوه في المعارك، ونازلوه في الميدان، وقاموا بحرب عسكرية وإعلامية واقتصادية ضده، فلما انتصر ماذا فعل؟
تصرف النبي مع أقرباءه
دخل مكة منتصرا ، ووقفت له الأعلام مكبرة، وطنت بذكر نصره الجبال والوهاد فلما انتصر، وقف عند حلق باب الكعبة ـ صلى الله عليه وسلم ـ منحنياً، وهو يقول للقرابة وللعمومة: ما ترون أني فاعل بكم؟ فيتصورون الجزاء المر، والقتل الحار، والموت الأحمر فيقولون وهم يتباكون: أخ كريم، وابن أخ كريم، فتدمع عيناه، ويقول:
(( اذهبوا فأنتم الطلقاء))
كأنه يقول : عفا الله عنكم وسامحكم .
خوف ابن الحارث من النبي
ويأتي ابن عمه أبو سفيان بن الحارث، فيسمع بالانتصار، وقد آذى الرسول عليه الصلاة والسلام، وشتمه وقاتله، فيأخذ هذا الرجل أطفاله، ويخرج من مكة، فيلقاه علي بن أبي طالب، ويقول: يا أبا سفيان! إلى أين تذهب؟ قال: أذهب بأطفالي إلى الصحراء فأموت جوعاً وعرياً! والله إن ظفر بي محمد ليقطعني بالسيف إرباً إِرباً ! فيقول علي ـ وهو يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أخطأت يا أبا سفيان! إن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصل الناس، وأبر الناس، وأكرم الناس، فعد إليه، وسلم عليه بالنبو ، وقل له كما قال إخوة يوسف ليوسف:
﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴾
[ سورة يوسف الآية :91]
تغيير موقف ابن الحارث من النبي
فيأتي بأطفاله، ويقف على رأس المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويقول: يا رسول الله! لسلام عليك ورحمة الله وبركاته: تَا للَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ فيبكي عليه الصلاة والسلام، وينسى تلك الأيام، وتلك الأعمال، وتلك الصحف السوداء، ويقول
﴿ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾
مدح أبو سفيان بن حرب للنبي
ويقول أبو سفيان بن حرب: يا بن أخي، ما أوصلك؟ ما أرحمك؟ ما أحكمك؟ ما أعقلك؟.
فهل من متسم بأخلاقه ؟ وهل من مقتد بأفعاله ؟ فإنه الأسوةُ الحقة، وإن اتباعه نجاة من العار والدمار والنار.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن