الثورات... ومسؤولية العلماء
مع الأحداث الضخمة التي تشهدها العديد من البلاد العربية باندلاع الثورات منذ ابتداء هذا العام الجاري (2011م) التي ابتدأت من تونس بعد حادثة اشتعال النار في جسد (محمد البوعزيزي) رحمه الله، ثم امتداد شُعلة نار الثورات إلى مِصْر وليبيا فاليمن فسوريا... انقسم العلماء إلى ثلاث طوائف:
الأولى: الطائفة البارّة لدينها، المبرورة ببركة مواقفها وصدقها وإخلاصها، وبجرأتها في حمل أمانة العلم والتصدي للطغيان؛ وفي تمثُّل تعاليم الإسلام تطبيقاً وتبليغاً استجابة لقول الله سبحانه وتعالى: {ألم يُؤخَذْ عليهم ميثاقُ الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق} وقولِهِ: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقيّةٍ ينْهَوْن عن الفساد في الأرض} وقوله عزّ وجلّ: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسَّكُمُ النار}، وقولِهِ صلى الله عليه وسلم: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»... وعلماءُ هذه الطائفة يجدّدون سيرة الأئمة: الحسين السِبْط رسول الله صلى الله عليه وسلم وسفيان الثوري وسعيد بن جُبَير والأَوْزاعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل والنووي والعز بن عبد السلام، ومن المعاصرين سيد قطب وعبد العزيز البَدْري وعبد الله عزام وشيخ القرّاء حالياً في بلاد الشام محمد كريّم راجح... في طائفة كبيرةٍ أعدادُها، فخمةٍ في مقاماتُ أبطالها، على مدى تاريخ أمتنا العظيمة، رضي الله عنهم ورحمهم وأعلى مقامهم.
والثانية: الطائفة التي ارتأت أن تلوذ بالصمت وتَنْكفئ في البيوت لشدة ضغط الفتنة، فهذه وإنْ كنّا ندعو لأهلها أن يَقْبل اللهُ عذرهم إلا أنهم بعَدَمِ أَخْذهم بالعزيمة والتقدُّم بمواقف البطولة والفداء بما يليق بجُرأة أهل السنة وقيامِهِم بالحق وافتدائهم للدين بالمُهَج والأنفس، والصدع بما يُزلزل طغيان الحكام الظالمين: ليسوا القُدْوة، ورحم الله الإمام أحمد إذ قال: «إذا سكت العالِمُ وجَهِل الجاهل فمتى يظهر الحق»؟! فغفر الله لنا ولهم، وقوّانا وقوّاهم، ولا جعلهم الله فتنة.
والثالثة: الطائفة الخانعة الجبانة - وعدُّها من صنف العلماء من قبيل التجوُّز - وربما يكون بعض أفرادها منافقين مخذولين ينظرون بعينٍ عوراء يتأوّلون للحاكم الظالم والطاغية المجرم والسَّدَنة الذين يحكمون بغير ما أنزل الله ويُمعنون في تخلُّف الأمة وربطها بالعمالة وكَبْت طاقاتها والتسبُّب في إفقارها مع أنهم لصوص مجرمون وطُغَم حَقَدة متخلِّفون، في الوقت الذي يُشهرون سيوفهم في وجوه بَرَرة الأمة وأحرارها، وأبطالها ومجاهديها، ونسائها وأطفالها، فانقلبت عندهم الموازين وانعكست المفاهيم، لخذلان قلوبهم وانسياقهم الأعمى وراء أهوائهم، وصدق الله: {أرأيتَ من اتخذ إلهَه هواه؟! وأضله الله على علم}?!
وبعد فإلى كل علماء المسلمين هذا النداء الصادق: أن يكونوا مُبيِّنين للثوار وعموم الناس ما يريده(الإسلام) مذكّرين بالله عز وجل وبوجوب الانضباط بالحكم الشرعي، ثم أن يكونوا كما أغرى اللهُ ورسوله أن يكونوا: {ويخشَوْنهولا يَخشَوْن أحداً إلا الله}، {ولا تخافوهم وخافونيإن كنتم مؤمنين}، {وتوكّلوا على الله إن كنتم مؤمنين}، وفي الحديث: «ألا إنه سيكون عليكم أمراء إنْ أطعتموهم أضلوكم وإن عصيتموهم قتلوكم! فقالوا: فكيف نصنع يا رسول الله؟ قال: كما صنع أصحابُ عيسى ابن مريم... لموتٌ في طاعة الله خير من حياةٍ في معصية الله». اللهم اهدنا لنهج الحق، وثبتنا على مواقف البطولة والصدق. آمين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن