ما هي خياراتي؟
منذ أن نفتح أعيننا، إلى أن نغمضها، ونحن نقوم بعمليات اختيار، سواء أكنا واعين أننا نختار أم لا؟ وسواء أكنا واعين للاختيارات أم لا؟
عملية الاختيار الصحيح تؤثر على جودة حياتنا وعلى صحتنا النفسية، لذلك من الضروري أن ننقل عملية الاختيار من اللاوعي إلى دائرة الوعي، وبما أنه لا يمكن أن تتم عملية الاختيار بدون وجود خيارات نختار منها.
لنناقش حالات وكيفية وضعنا للاختيارات:
لا يوجد خيار آخر: كثيرًا ما وافقنا على أمور لا نحبها، لأننا نعتقد أنها خيارنا الوحيد، بل قد لا نفطن أننا أمام عملية اختيار، مما قد يأزّمنا نفسيًّا، أو يسبب لنا المشاكل، لنفكر مليًّا قبل اتخاذ أي قرار، هل لدينا خيار آخر؟ بعض الأحيان قد لا نملك خيارًا مختلفًا تمامًا، لكن يمكننا الاختيار من درجات متنوعة لنفس الخيار، أو من طريقة تنفيذ الاختيارات، مثلًا: طلب مني شخص طلبًا لا أريد تنفيذه، وأخجل من رد طلبه، الخيار الآخر هو أن أؤجل تنفيذ طلبه لبعض الوقت.
الخيار الأبيض والأسود: عندما نظن أن لدينا خيارَين متناقضَين فقط، ولا يوجد بينهما خيارات أخرى، مثلًا، شخص يعاني من استغلال ربّ العمل، فيكون خياره محصور بين إما أن يبقى في حالة استغلال، أو يصرخ على رب العمل ويترك العمل نهائيًّا.
أفضل خيار: عند بعضنا فكرة تقول: أريد أفضل شيء في كل شيء، وهذا محال في الواقع، فغالبًا سيبقى هناك خيار أفضل لا نستطيع الوصول إليه، وإن استطعنا الوصول إليه في شيء ما، فلن نستطيع الوصول إليه بكل شيء، وكأننا حكمنا على أنفسنا بالتعاسة المؤبدة بسبب فكرة أفضل خيار.
أفضل خيار موجود: مثلًا طالبة نجحت في الثانوية العامة، ودرجاتها تؤهلها لدراسة طب في مدينة أخرى ودراسة صيدلة في مدينتها، هذا الخياران موجودان في واقعها، لكن هل كلاهما متاح لها؟
أفضل خيار متاح: هو الخيار الموجود حقيقة وفي الواقع، وبنفس الوقت يتناسب مع ظروفنا، وإن كنا نريد لعملية الاختيار أن تكون فعالة، فالأفضل أن تكون اختياراتنا ضمن هذا التصنيف.
مثلًا: ابنة اغتربت عن أهلها مع زوجها لسنوات، كانت تتكلم مع أهلها بالفيديو دومًا، وفجأة أحست بضغط نفسي كبير، بعد المعاينة ظهر أنها كانت تضع في بالها خيارَين: الأول أذهب لأرى أهلي في الواقع، الثاني أن أراهم عن طريق الفيديو، وضمن هذَين الخيارَين، بالطبع، فإن ما تفعله هي من رؤية أهلها بالفيديو هو الخيار الأقل، لذا كانت تشعر بالضغط والغبن.
ماذا لو اخترنا خيارات من ضمن المتاح: الأول: أن ترى أهلها بالفيديو، والثاني أن تعيش مثل أيام زمان، على الاتصالات العادية كل أسبوع أو شهر حتى، حين وضعت هذه الخيارات، شعرت بأن ما تفعله من رؤية أهلها بالفيديو، هو الخيار الأعلى والأفضل، فارتاحت نفسيتها، رغم بقاء الشوق لأهلها، وبالطبع عندما تتغير ظروفها، ستتغير معها الخيارات المتاحة لها.
إذًا لنكن واعين بالخيارات التي نضعها أمامنا، فالاختيار ليس أمرًا كماليًّا، وإنما هو أمر جوهري يؤثر على حياتنا وصحتنا ونفسيتنا.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة