أ. صفا فايز لولو، ليسانس علوم سياسية وإدارية، ليسانس في الشريعة والقانون، ماجستير في الفقه المقارن.
حرّيتي في حِجابي
جديرٌ بالذكر أنه تمّ الاحتفال لأول مرة باليوم العالمي للحجاب في عام 2013، بعد أن أطلقت الفكرة "ناظمة خان" المقيمة في ولاية نيويورك الأمريكية، بعد تعرضها للعديد من المضايقات والمشكلات بسبب ارتداء الحجاب في أمريكا.
وتتمثل مهمة الیوم العالمي للحجاب في خلق عالمٍ أکثر سلميّة، یحترم فیه المواطنون بعضهم البعض، کما یؤکد هذا الیوم ضرورة مكافحة العنصرية والتمييز والانحياز ضد المرأة، بحسب ما أعلنتْه المنظمةُ على صفحتها. ويتوقع المراقبون مشاركةَ الكثير من السيدات حول العالم في إحيائه في عامِه العاشر، ودَعت منظمة اليوم العالمي للحجاب عبر صفحتها على الفیسبوك، النساءَ غير المحجبات من المسلمات وغیر المسلمات، لارتداء الحجاب الذي ليس موجودًا في الإسلام فقط، بل هو موجود بكل الشرائع السماوية بما في ذلك التوراة والإنجيل.
وتحت هاشتاغFreeinHijab ، انطلقت الحملة التي لاقت إقبالًا كبيرًا بمشاركة عدد كبير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين قابله هاشتاغ مضاد بعنوان FreeFromHijab الذي يدعو لخلع الحجاب والتحرر منه.
أثارت تلك الوسوم جدلاً كبيراً مصدره مقولة مكذوبة: "اخلعي حجابك فالإيمان بالقلب وليس بالمظاهر"، والمحاولات العديدة التي تزداد يومًا بعد يوم لسلخ المجتمعات المسلمة عن أي مظاهر إسلامية، بل وانتزاع كلِّ ما يميزها سواء بسَنِّ القوانين مثل فرنسا أو بالدعوة الى خلع الحجاب ما لم تقتنعي به، بالمقابل حملة "لا تلمس حجابي" تنظمها المحجبات الفرنسيات.
الحجاب في اللغة العربية معناه السِّتر ومنع الوصول إلى المطلوب. أما في الشرع فيطلقه أهل العلم على كل ما يستر المرأة من جدار أو باب أو لباس، ويمنع الرجال غير المقرّبين من الاطلاع على مفاتنها وزينتها مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ولا يُبدين زينتهن إلا ما ظهر منها﴾. وقوله تعالى: ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب﴾.
وحكم الإسلام المتفق لدى جمهور الفقهاء هو: وجوب اللباس الشرعي على كل امرأة مسلمة بالغة وعاقلة، والشاهد على ذلك حسب أهل العلم قوله تعالى في سورة الأحزاب: {يا أيها النبي قلْ لأزواجك وبناتِك ونساء المؤمنين يُدْنِينَ عليهن من جلابيبهن..}.
ويرى العلماء أن القصد من هذه الآية هو الحجاب بغطاء الرأس واللباس الساتر الفضفاض، وأنها موجهة لأمهات المؤمنين وبنات النبي r وغيرهن من نساء المسلمين بصفة عامة.
فكان من الواجب معرفةُ ردّ المسلمات على هذه الهجمة وما هو شعورهن عندما ارتدينه؟ وماذا يمثل لهن؟
عدد كبير من السيدات ممن يرتدين الحجاب، لا يمثل لهن أي مشكلة ولا يمنعهن من ممارسة حياتهن الطبيعية، وهو ما أكدته لمى - خريجة العلوم السياسية والإدارية- "الحجاب لا يمثل لي أي عائق أبداً.. فأنا أستطيع ممارسةَ العديد من الأنشطة التي تمارسها غير المحجبات، مثل الرياضة والسباحة وغيره".
كما لم يمنع الحجاب النساءَ والفتيات في بلاد المسلمين أن يتفوقْن في كثيرٍ من مجالات تخصصهن.
فالحجابُ في معناه الحقيقي، يدلّ على امرأة مسلمة راقية السلوك مطمئنة النفس حريصة على أنوثتها، تعرف هدفَها وطريقها وتسعى جاهدة في الحياة لكل ما فيه خير ونفع لنفسها وبيتها ومجتمعها. إنها منظومة من العفاف والعطاء والتقوى ولوحةٌ متكاملة لأفضل صورة ممكنة للمرأة، والحجاب هو إطار الصورة التي يبرزها ويحافظ عليها.
يقول الدكتور أمجد قورشية في لقائه حفلَ تكريم محجبات: "مبارك عليكن ارتداء العفّة في زمن التفلّت والفتن، وهو أكثرُ بكثير مما كان في زمننا، مباركٌ عليكن أن تكنّ طائعات لله، ولله فقط. فالأخرياتْ تظن الواحدة منهن أنها حرّة، ولكن عملياً ليست حرة، فقد عصت أمر الله ثم سلمت نفسها لإلهٍ آخر، هو شهواتها، كاتباع الموضة الفرنسية أو الغربية وغيرها. الحجاب ليس رمزاً إسلامياً وليس عادةً عربية بل هو أمر إلهي، حكم شرعي وعبادة تؤجرين على طاعتك بها".
في الختام لا يسعني إلا أن أشدد على إزر كل من يدافع عن الحجاب ويؤديه على الشكل الواجب شرعاً. ولنحدث أنفسنا بأمرين:
الأول: هو السؤال الأرقى في الحياة (لماذا أحيا؟) لا نحيا لنتزوج أو نتجمل أو نُعجبَ الآخرين، ولكن لنرضي ربَّنا ونتبع أمرَه ونهيَه ونتوكل عليه تماماً.
أما الأمر الثاني الذي يجب أن يشغلك: فهو يمكنك الارتقاءُ بنفسك وتنميةُ شخصيتك عن طريقة التزامك بأوامر خالقك، ومنها الحجاب. فتزداد شخصيتك قوةً وجاذبية واحتراماً، ووقتها سيحبّك الناس ويلتفون حولك، وسيتمناك الشاب الصالح زوجة وشريكة للحياة وأمَّا للأبناء، وسينعكس جمال نفسك وسكينة روحك على صفحة وجهك فلا تحتاجين مساحيقَ الزينة ولا وسائل التجميل الخارجي.
المصدر : موقع مجلة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن