وزلزلوا زلزالا شديدا
حين تجول بنظرك تجاه السماء باحثا عن لونها بشوق كي ترفع شكواك لله بلا حائل رمادي يحجب عنك رؤيتها ، تعلم يقينا أن الله قريب منك ، وأن ذلك الدخان الكثيف الأسود لن يحول دون إيصال صوتك له سبحانه ، لا ترفع صوتك فهو منك قريب ، يسمعك ، يراك ، يثبتك ، يؤيدك .
يعلم أن الهول شديد ، والخطب فوق طاقة البشر .
لكنك لست بشرا عاديا
اختارك أنت دون غيرك كي تحمل أمانته
" قولا ثقيلا "لا تحتمله النفوس العادية ، الرقيقة ، الضعيفة .
أنت دون غيرك مخلقو لتلك المهمة
لكنك لست مؤهلا بعد
هنا مدرسة التأهيل
يجب أن تعبر المحنة بنجاح
قف أمام الرصاص ، وتحت الرصاص ، وبين جثامين الشهداء
هل فعلت ؟ هل جاءوك من فوقك ومن تحتك ومن حولك ؟ هل أحاطوك بطغيانهم وحقدهم وجبروتهم ؟ هل توقفت كل الأسباب دونك فعلمت يقينا انه لا ملجأ من الله إلا إليه ؟ هل اختنق صدرك بالغاز وزاغت الأبصار ؟
تعلق قلبك بمن ؟
التمست النصرة عند من ؟
احتسبت آلامك لمن ؟
" إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله
الظنونا* هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً* وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا "ً
طائرات تقصفك عشوائي من فوقك بالرصاص الحي فيقتلك بلا رحمة ، وبلا استئذان ، لا ينتقي ، شباب ، شيوخ ، نساء ، أطفال ...
قناص لا تدري إن كان بشرا أم آلة شيطانية تلقي بغضبها فوق الأبرياء لا لشيء سوي أن قالوا ربنا الله .
قناصة فوق الأسطح كالأشباح لا تدري من أين تأتيك الضربة الأخرى .
قنابل كالمطر ، تهبط عليك فيلاحقها الأطهار ليكفوا شرها عن أطهار آخرين
شهيد يرتقي ، يسرع أخوك لحمله لتجده هو وأخيك قد سقطوا معا
فالقناص الأعمى أثاره مشهد نجدة جثة شهيد
لتصير الجثة جثتان
فتضطر لحمل الاثنين معا .
تلك أمك ، أختك ، ابنتك ، لا تستطيع أن ترفع عنها بلاءا وقد كنت تخشي عليها هواءا تتنفسه ، تستجديك ابنتك ألا تخشي عليها فهي صابرة محتسبة ، وأنت تراها تختنق ، وتنزف دماءا حرة فلا تملك لها شيئا .
صابرة ، مجاهدة ، جميلة ، تهدأ الأنفاس المتقطعة ، ويبرد الجسد الذي اكتوي بشمس رابعة وحرارة النهضة ، ووعورة شوارع مصر . دعها تستريح وابحث عن أخت أخري صابرة ، ترفع سبابتها في ثبات وتكبر ، الله أكبر علي كل طاغية متجبر .
زلزلت ؟
بلغت القلوب الحناجر أم انه ما زال في صدرك متسعا لرصاصة أخري ؟
ناداك حنينك لقليل من الماء البارد ؟
وفراش يلملم عظاما افترشت الأرض طويلا في الخيام ؟
تاقت نفسك لكوب من الشاي في صحبة الأحباب ورفاق الطريق في ساقية رابعة تنشد عندهم أحلي الكلمات ؟
ابتسمت تحت رذاذ الماء المتناثر البارد من " رشاش " رابعة وأنت تتجول بين ربوعها ، وخيامها ، وطيبة أهلها ، وخفة شبابها ، وثبات بناتها ؟
أخذتك سنة من نوم فرأيت فيما يري النائم أنك تلهو بحدائق غناء في ربوع بلادك التي تذوب فيها عشقا وهياما .
فابتسمت
لتوقظك قنبلة نارية تزلزل الأرض من تحت قدمك ، فتصحو علي حقيقة الرعب المحيط بك .
المرجفين
المنافقين
المغيبين
كلهم ينكرون عليك أحلامك
ما الذي ذهب بك إلي هناك ؟
فلتعش ولترضي بما هو كائن
سلم للأمر الواقع
لترض من الحياة بالتنفس ، والطعام والشراب ، ماذا تريد فوق ذلك ، أشكرهم علي عطاياهم ، سمحوا لك بالوجود ، هم السادة ، والقيادة ، والبيادة ...
لا قبل لك بهم
أنتم من قتلتم أنفسكم
انتم الجناة والمجني عليهم
أنتم القاتل والمقتول
انتم من حرقتم ومن احترقتم
انتم من أفسدتم علينا الهواء بقنابل غاز كانت تريدكم .
ذلك قولهم
إعلام ، وجهلاء ، ومرجفين ، اجتمعوا علي قول واحد ، وهدف واحد ، هو إسقاطكم ، فأنتم مصدر النور الوحيد هنا ، ويجب أن ينطفئ حتى لا يروا حقيقة أنفسهم
قلت كلمتك ؟ بذلت كل ما عندك ؟ زاغ بصرك ، اختنق صدرك ؟ انغلقت كل السبل فلم يعد سوي بابه ؟
قالوا كلمتهم ؟
اتهموك بكل بهتان ؟
ضيقوا عليك الأنفاس ؟
فانتظر إذن
انتظر كلمة الله
فهو لم يقل كلمته بعد
أنت نجحت وعبرت وتهيأت للمهمة الكبري التي أرادك لها
أنت الآن مؤهل لحمل الأمانة
فانتظر كلمة الله
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرا "....
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة