حنان وصحبة السوء
بقلم: إنصاف درزي
حنان فتاة مهذّبة تربّت في كنف أهل طيبين؛ فهي مجتهدة وذكية نجحت في الشهادة المتوسطة لتنتقل إلى مدرسة ثانوية، ومن سوء حظها أنها تعرّفت على صديقة جديدة بعد أن بدت لها فتاة محبّة وصادقة وراحت شيئاً فشيئاً تسيطر عليها وعلى تصرفاتها بعقلها الشيطاني حتى أصبحت طوع يمينها تديرها كما تشاء، فصارت تغرّر بها قائلة: أنتِ فتاة جميلة وذكية لكنكِ منغلقة على نفسك كثيراً فأنتِ في عصر الحرية والانفتاح، أنتِ الآن شابة لكِ حرية الرأي والتصرف، فاخرجي من حياتك الممّلة هذه، واستقبلي حياة جديدة.
أعجبت حنان بهذه الفكرة، فبدأت تعكس تصرفاتها مع أمها وإخوتها باسم تلك الحرية المزيفة، لاحظت أمها تصرفاتها التي أخذت تسوء يوماً بعد يوم، وعرفت أنّ صديقتها تلك هي السبب بهذا التغيير في سلوك ابنتها، ومن شدّة خوفها عليها وبحكمة ولين أخذت تُسدي النصائح إليها قائلة: ((أنا أمك، وأحبك أكثر من كل الناس، فأنتِ ابنتي وفلذة كبدي، وأخاف عليكِ من نسمة هواء باردة، فكيف لو كانت عاصفة هوجاء تجتاح عقلك وقلبك؟ عودي يا عزيزتي إلى رشدك بالله عليكِ)).
وكأنّ الأم في واد وابنتها في واد آخر فلا حياة لمن تنادي، لقد ازدادت أخلاق حنان سوء وتراجعت في دروسها وأخذت تكثر من مشاهدة التلفاز وتتابع عروض الأزياء وما شابه ذلك وباتت تضيّع أوقاتها سدى، وذات يوم دعتها صديقتها لزيارتها في بيتها، فلبّت حنان الدعوة دون تردد ودون أن تخبر والدتها، وحان موعد الزيارة وذهبت إلى بيت صديقتها وبعد أن رحبّت بها تلفتت حنان قائلة: ((أين أمك لأتعرّف عليها؟ )) أجابتها الفتاة مرتبكة: ((إن أمي ذهبت لزيارة شقيقتي في القرية))، فصدّقتها حنان، ولم يمض وقتاً طويلاً حتى أطلّ عليهن من الغرفة المجاورة شقيق صديقتها؛ فعرّفتها عليه وبدأ يتحدث معها وكأنّه يعرفها من زمن وأخذ يُثني عليها وعلى جمالها بكلامه المعسول المبطّن بالسمّ الزعاف الذي تعوّد أن يقوله لبعض الفتيات السذج ليزجهن في أتون الضياع دون خوف أو وجل من الله.
مضى قليل من الوقت ثمّ استأذنت الفتاة من حنان بالخروج لبضع دقائق بحجة أنها سوف تشتري شيئاً ضرورياً من الدكان المقابل لبيتهم، فقام الشاب ليحضر القهوة وبقيت حنان لوحدها في غرفة الضيوف وكان ذلك الشاب يراقبها من المطبخ بنظراته التي لا تخلو من الخبث والمكر، وقفت حنان لتنظر من النافذة لتراقب صديقتها علّها تعود بسرعة وإذ بها تراها تبتعد وتسرع في مشيتها حتى توارت عن نظرها واكتشفت أنها لم تدخل إلى أي دكّان.
أحسّت حنان بالخطر فاعتراها الخوف وبدأت ترتجف رعباً وأنها وقعت في المصيدة، ولكن سرعان ما تماسكت وحاولت وبسرعة أن تنقذ نفسها، فأوهمت الشاب بأن حقيبتها وقعت من النافذة، وأسرعت إلى الباب وخرجت منه بسرعة تركض كالمجنونة حتى وصلت منهارة إلى بيتها وقصّت لأمها ما جرى وركعت تحت قدميها نادمة تائبة تقبّل يديها وتطلب منها السماح، ووعدتها أن تعود الابنة الصالحة المجتهدة كما تعرفها.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة