حنين طفلة
بقلم: إنصاف درزي
من زمنٍ ليس بغريبٍ دارت في وطننا حرباً أهلية عبثية ظالمة إنقضّت علينا دون رحمة أو هوادة عانينا منها ما عانيناه من خوف وحزن ورعب، كنت طفلة في الثامنة من عمري وكنت أكبر إخوتي. شهدنا تلك الحرب المشؤومة رغماً عنّا... لم يرحمونا سرقوا منا الطفولة الجميلة، سلبونا الراحة والأمان وهجر الفرح قلوبنا... تبعثرت أمانينا... وتبخّرت أحلامنا، بتنا مشتتين ضائعين في بلدنا لا من منقذ ولا معين سوى الله، كان الوضع يسوء يوماً بعد يوم شُلت حركة البلاد وتعطلت كثير من المؤسسات والأشغال وعمَّ الدّمار والخراب كل الأماكن والأرجاء، مما اضطر والدي أن يترك البلد ويسافر بحثاً عن الرزق وأصبحنا وحدنا مع والدتنا نبكي واقعنا المرير، فقدنا ركن البيت والسند الذي كنا نلجأ إليه عندما نشعر بالخطر والخوف، على كتف من أسند رأسي؟ من يمسح دموعي بيده الحنونة؟ من يهدئ من روعي عندما أخاف؟ من يزيل قلقي وحزني؟ من يملأ بيتنا سعادة وطمأنينة؟ لم يعد بإمكاننا سوى التضرّع إلى الله سبحانه بأن يفرّج عنا كربنا وكرب بلدنا الحبيب، أصبحت كاليتيمة لا أرى أبي إلا في منامي تمنيت لو كنت طيراً كي أطير وألحق به. كنت أرفع رأسي إلى السماء عندما أرى طائرة فوقنا أستحلفها بأن تعيد لنا العزيز الغالي.
ومرّت الأيام والأعوام وبعد انتظار مرير وبعد جهود ومساعٍ من البلاد العربية توقّفت الأطراف المقاتلة واستفاقت ضمائرهم بعد سبات عميق وبدأ البلد يتعافى شيئاً فشيئاً وهدأت النفوس وأخذ الوضع يتحسّن تدريجياً وتنفّسنا الصعداء، وبدأ الفرح يتسرب إلى قلوبنا وتحقق الحلم وعادت الطيور المهاجرة إلى وطنها وعاد صقرنا الحبيب الغالي باسطاً جناحيه ليضمّنا بعد طول غياب ولتعود السعادة ترفرف من جديد بيننا.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن