عندي أسئلة كثيرة في أمور كثيرة
التاريخ:
883 مشاهدة
السؤال
السَّلام عليْكم ورحْمة الله وبركاته
أسئلة كثيرة أوقعَتْني في مشاكل أتمنَّى أن تُساعدوني في حلِّها:
1 - كيف أعوِّد نفسي على المسؤوليَّة والضَّغط المفاجئ، من جهات أطفالي وبيْتي وزوْجي، وزيارة أقاربي والتمشيات والتسوق؟
علمًا أني متزوِّجة من سنة ونصف، وعندي طفلان توءمان؛ لذلك قلت: الضغط المفاجئ
2 - كيف أحافظ على زوجي؟ لأنَّه بعد ولادتي للتوءمين، تغيَّرت حياتُنا شيئًا ما، فأصبح ينشغل بعملِه كثيرًا، وأنا بالبيت والأطفال وآخر اليوم أكون متعبة وأنام؟
علمًا أني أحبُّه وهو يُحبُّني، ولا أشكُّ في ذلك أبدًا، هل من نصيحة لي
3 - كيف أتعامل مع مَن يكذِب عليَّ ويَجعل المثاليَّة له، ويَمدح في نفسه وكل هذا كذب وأنا أعلم بكذبِها، وأسكت وأحيانًا أجامِلُها حتَّى مللت الجلوس معها، لكن مضطرة أجلس معها مرَّة بالأسبوع وهي أكبر مني بسنوات كثيرة، تقريبًا 12 سنة
4 - هل من نصائح تربويَّة لتربية توءميّ؟ عمرهما سنة وأنا في حيرة بيْنهما إذا بكيا معًا أو في غيرتهما الشَّديدة
ذهبتُ للمكتبة أريد كتُبًا تربويَّة عن التَّوائم، وللأسف لا كتاب موجود عن التَّعامل مع التَّوائم.
5 - أريد أن أكون قويَّة الشَّخصيَّة وواثقة من نفسي، وسريعة في اتِّخاذ قراراتي
أريد أن أختصِر الوقت عن نفسي وأفكِّر التَّفكير الصَّحيح بسرعة بدون تردُّد أو حيرة؛ لأنِّي متردِّدة في أشياء كثيرة، حتَّى في اختيار ملابسي أو ملابس الصِّغار، أحيانًا أدخل السّوق وأخرج بثلاث قِطَع فقط، وهذا يأخُذ مني وقتًا كثيرًا، هو مُمتع لي ولكن مزْعِج لزوجي.
6 - سؤال: أنا إنسانة محبوبة وطيِّبة وصريحة وصراحتي بأدب واحترام
سؤالي: هل للصراحة حدود؟ مع الأهل والزَّوج والنَّاس؟
إذا كان للصراحة حدود، فإلى أي حد هي إذًا؟
7 - كيف أردُّ على النَّاقدين لي أو لأطفالي؟
في أحد الأيَّام دخلتُ على مجموعة من الحريم والبنات ومعي صِغاري، وأخذوا يَمدحون في ملابِسِهم أنَّها روعة إلا واحدة قالت: ملابِس أطفالِك شعبيَّة، من أين اشتريتها؟ تضايقت ولم أوضِحْ لها ضيقَتي، ورجعتُ لبيْتِي مكسورة الخاطر.
أرشدوني.
أسئلة كثيرة أوقعَتْني في مشاكل أتمنَّى أن تُساعدوني في حلِّها:
1 - كيف أعوِّد نفسي على المسؤوليَّة والضَّغط المفاجئ، من جهات أطفالي وبيْتي وزوْجي، وزيارة أقاربي والتمشيات والتسوق؟
علمًا أني متزوِّجة من سنة ونصف، وعندي طفلان توءمان؛ لذلك قلت: الضغط المفاجئ
2 - كيف أحافظ على زوجي؟ لأنَّه بعد ولادتي للتوءمين، تغيَّرت حياتُنا شيئًا ما، فأصبح ينشغل بعملِه كثيرًا، وأنا بالبيت والأطفال وآخر اليوم أكون متعبة وأنام؟
علمًا أني أحبُّه وهو يُحبُّني، ولا أشكُّ في ذلك أبدًا، هل من نصيحة لي
3 - كيف أتعامل مع مَن يكذِب عليَّ ويَجعل المثاليَّة له، ويَمدح في نفسه وكل هذا كذب وأنا أعلم بكذبِها، وأسكت وأحيانًا أجامِلُها حتَّى مللت الجلوس معها، لكن مضطرة أجلس معها مرَّة بالأسبوع وهي أكبر مني بسنوات كثيرة، تقريبًا 12 سنة
4 - هل من نصائح تربويَّة لتربية توءميّ؟ عمرهما سنة وأنا في حيرة بيْنهما إذا بكيا معًا أو في غيرتهما الشَّديدة
ذهبتُ للمكتبة أريد كتُبًا تربويَّة عن التَّوائم، وللأسف لا كتاب موجود عن التَّعامل مع التَّوائم.
5 - أريد أن أكون قويَّة الشَّخصيَّة وواثقة من نفسي، وسريعة في اتِّخاذ قراراتي
أريد أن أختصِر الوقت عن نفسي وأفكِّر التَّفكير الصَّحيح بسرعة بدون تردُّد أو حيرة؛ لأنِّي متردِّدة في أشياء كثيرة، حتَّى في اختيار ملابسي أو ملابس الصِّغار، أحيانًا أدخل السّوق وأخرج بثلاث قِطَع فقط، وهذا يأخُذ مني وقتًا كثيرًا، هو مُمتع لي ولكن مزْعِج لزوجي.
6 - سؤال: أنا إنسانة محبوبة وطيِّبة وصريحة وصراحتي بأدب واحترام
سؤالي: هل للصراحة حدود؟ مع الأهل والزَّوج والنَّاس؟
إذا كان للصراحة حدود، فإلى أي حد هي إذًا؟
7 - كيف أردُّ على النَّاقدين لي أو لأطفالي؟
في أحد الأيَّام دخلتُ على مجموعة من الحريم والبنات ومعي صِغاري، وأخذوا يَمدحون في ملابِسِهم أنَّها روعة إلا واحدة قالت: ملابِس أطفالِك شعبيَّة، من أين اشتريتها؟ تضايقت ولم أوضِحْ لها ضيقَتي، ورجعتُ لبيْتِي مكسورة الخاطر.
أرشدوني.
الجواب
يا أختنا الكريمة، أنت لم تطْرحي سؤالاً يَحتاج إلى جوابٍ في صفحة أو صفحتين، بل موسوعة أسئِلة تملأ أجوبتُها نصفَ مجلَّد! ومع ذلك سأجيب عن أسئِلتك كلِّها باختصار.
1- في إحْدى الدَّورات الإداريَّة عن إدارة الوقْت يطبِّق المدرِّب مثالاً لطيفًا، وهو مثال مشهور يتكرَّر في كثيرٍ من الدَّورات، وسوْف أصِفه لك الآن، ولعلَّك تسمعينه من غيري ذات يوم:
يأتي المدرِّب بإناء كبير ويضع فيه عددًا من البرتقالات، ولنقل: إنَّها خمسة مثلاً، حتَّى لا يبقى فيه محلّ لمزيد، ثم يسأل المشاركين: هل نستطيع وضْع شيء آخر في هذا الإناء؟ فيجيبون بالنَّفي، عندئذ يأتي بعشرات من حبَّات الفول، ثلاثين مثلاً، ويرْميها فوق الإناء، فتتدحْرج من فوق البرتقالات وصولاً إلى الفَراغات التي بقيتْ بين البرتقالات الكبيرة حتَّى يَمتلئ الإناء إلى آخره، وهنا يعيد السؤال الَّذي طرحه من قَبل، ويَحصُل على الجواب ذاته، فيأتِي بكيس من العدس ويفرغه فوق الإناء، فتتسرَّب مئات من حبَّات العدس الصَّغيرة في الثقوب والفراغات ويَمتلئ الإناء تمامًا، وحين يستَسْلِم المشاركون ويقولون: إنَّ ذلك هو الختام وما عاد في الإناء متَّسع لمزيدٍ، يأتي صاحبُنا المدرِّب بالمفاجأة الأخيرة: كأس من الماء يُفرغها فوق المحتويات، فينساب الماء خلالَها بغير عناء.
1- في إحْدى الدَّورات الإداريَّة عن إدارة الوقْت يطبِّق المدرِّب مثالاً لطيفًا، وهو مثال مشهور يتكرَّر في كثيرٍ من الدَّورات، وسوْف أصِفه لك الآن، ولعلَّك تسمعينه من غيري ذات يوم:
يأتي المدرِّب بإناء كبير ويضع فيه عددًا من البرتقالات، ولنقل: إنَّها خمسة مثلاً، حتَّى لا يبقى فيه محلّ لمزيد، ثم يسأل المشاركين: هل نستطيع وضْع شيء آخر في هذا الإناء؟ فيجيبون بالنَّفي، عندئذ يأتي بعشرات من حبَّات الفول، ثلاثين مثلاً، ويرْميها فوق الإناء، فتتدحْرج من فوق البرتقالات وصولاً إلى الفَراغات التي بقيتْ بين البرتقالات الكبيرة حتَّى يَمتلئ الإناء إلى آخره، وهنا يعيد السؤال الَّذي طرحه من قَبل، ويَحصُل على الجواب ذاته، فيأتِي بكيس من العدس ويفرغه فوق الإناء، فتتسرَّب مئات من حبَّات العدس الصَّغيرة في الثقوب والفراغات ويَمتلئ الإناء تمامًا، وحين يستَسْلِم المشاركون ويقولون: إنَّ ذلك هو الختام وما عاد في الإناء متَّسع لمزيدٍ، يأتي صاحبُنا المدرِّب بالمفاجأة الأخيرة: كأس من الماء يُفرغها فوق المحتويات، فينساب الماء خلالَها بغير عناء.
الفراغ الأصْلي في الإناء هو وقتك الَّذي تملكينه، والأشياء التي وُضعت فيه هي الواجبات والمهمَّات التي طلبتِ منّي مساعدتك على ترتيبها ليتَّسع لها وقتك، لو رمَيْنا ثلاثين حبَّة فول أوَّلاً في الإناء، لما استطعْنا إدخال البرتقالات الخمس؛ لِذلك تذكَّري القاعدة: رتِّبي أوَّلاً الأشياء الكبيرة، جَدْولي المهمَّات التي تستغرق وقتًا طويلاً، كالإعداد لوليمةٍ، أو الذَّهاب إلى السوق، أو زيارة أهل زوجِك، وأمثال هذه المهمَّات في الوقت المتبقِّي، رتِّبي المهمَّات الأقل شأنًا: إعداد الغداء أو كيّ ثوب الزَّوج أو إطعام التوءمين، وفيما يبقى من الوقت الحُرّ مارسي الأعمال الخفيفة: قراءة في كتاب أو طباعة رسالة أو إجراء اتِّصال هاتفي (في قاموسي يُصنَّف الاتصال الهاتفي في خانة أخف الأعمال وأقصرها، وكلٌّ أدرى بقاموسه!).
وممَّا يمكن أن يساعِدك أن تدرّبي نفسك على إنجاز عملَين في وقت واحد، ولاسيَّما إذا كان أحد العملين من أعمال الجسم والآخَر من أعمال العقل، وهذه المهارة تعلمتُها أنا من زوجتي لأنَّ النِّساء متعدِّدات القنوات بعكس الرِّجال كما يعلم الجميع.
فمثلاً يُمكن أن تكوي الثَّوب وأنت تُحدِّثين صديقتك بالهاتف، أو تقطِّعي الخُضَر للطَّبخة وأنت تتابعين برنامجًا في التلفاز، وهكذا.
2- وصول المولود الأوَّل فرحة معجَّلة وكربة مؤجَّلة، هذا ما تُعْلِنه أكثر كتُب التربية التي تنبِّه الأمَّهات إلى عدم المبالغة في الانشِغال بالوافد الجديد – الطفل - ونسيان الوافد القديم – الزَّوج - وتنبِّه الآباء أيضًا إلى ضرورة استيعاب الظروف الجديدة واحتمالها.
شِئْنا أم أبَيْنا لابدَّ أن نعترف بأنَّ الحياة بعد وصول الطِّفل ليست كالحياة قبل وصوله، فالمسؤوليات تزداد والحريَّة تنقص، واستِمْتاع الزَّوجين بحياتِهما الخاصَّة تبدأ بالتناقص.
ربَّما من أجل هذا السَّبب، وبالتَّأكيد من أجل سبب آخَر أهم بكثير، أميل إلى نصح كل عروسين بتأخير البدء بمشروع الإنجاب ستَّة أشهر على الأقل؛ أي: أن يَجتهدا في عبور مرحلة الأمان والاختبار التي أقترح ألا تقلَّ عن نصف سنة قبل أن تَحْمِل الزَّوجة، وهذا أمر آخَر غير الَّذي كنا نتحدَّث فيه، لكنَّها رسالة أحببت إرسالها لعلَّ متزوجين جددًا يقرؤونَها فتكون لهم فيها فائدة.
هذا كله والقادم الجديد طفل فرْد، فكيف إذا كانا اثنين كحالتِك؟! أعانك الله، على أنَّك تستطيعين - إن شاء الله - التَّوفيق بين الطرفين ببعض الحِكْمة والإدارة الجيِّدة للوقت، ومهما كانت الظروف فلا تسْمحي أن يكون زوجك هو الخاسر الأكبر، فإنَّ استقرار العلاقة بينكما هو مفتاح استِقْرار البيت، وهو في المصْلحة القريبة والبعيدة للتوءمين (فائدة لغوية: يقال للطفلين يولدان معًا إنهما "توءم" وإنَّهما "توءمان"، كلا اللَّفظين صحيح، والواحد توءم، والواحدة توءم أو توءمة، فإن زادا إلى ثلاثة صاروا ثلاثة توائم، والأربعة أربعة توائم، وهكذا)
3- الَّذي وصفتِه في هذا الفرْع من السؤال يسمِّيه النَّاس "مجاملة"، وأسمِّيه أنا "نفاقًا اجتماعيًّا"، إن شئت رأيي فقلِّلي من لقائِك بالنَّاس الذين يدفعونك إلى هذا النِّفاق، واحرصي على أن يكون نفاقُك سلبيًّا بالسكوت والابتسام، لا إيجابيًّا بالتَّصديق والموافقة؛ حتَّى لا تضطري إلى الكذب
4- لا أستطيع أن أقدِّم لك نصائح كثيرة للتعامل مع التوائم في هذه العجالة، ولكنِّي أطمئنك إلى أنَّ التوءم لا يغار من توءمه، وهذا يسهِّل الأمور كثيرًا، ولو كانا طفلين متعاقِبَين لكانت هذه المشكلة معقَّدة وتحتاج إلى كثير من الصَّبر لحلِّها.
النَّصيحة العامَّة التي أستطيع تقديمها هي أن تَجعلي من عادتك في التَّعامل مع الطِّفلين أن تبدئي بأحدِهِما في كلِّ مرَّة، على التعاقب، فإذا بدأت بإطْعام سعد في وجبة النَّهار، فليكُن سعيد هو مَن تبدئين به في وجبة الليل، وإذا غسّلت هذا اليوم قبل ذاك، فغيِّري التَّرتيب في حفلة التغسيل في الغد، وهكذا؛ هذا للمحافظة على العلاقة الطيِّبة بهما وبينهما.
واعدلي بينهما في كل شيء، في الحب والحنان، والعناية والاهتمام، وفي كافَّة أشكال العطاء المادي والمعنوي.
أمَّا لتسهيل مهمَّتك، فتعلَّمي أسلوب العمل والإنتاج بالجملة، على الطَّريقة التي تعمل بها المصانع والمطابخ العامَّة، مثلاً: اخلِطي بالخلاط أكلاً يكفي للاثنين في دوْرة خلاط واحدة، ثم أفرغي المحتوى في طبقين، ولا تخلِطي لكل واحد طعامه على حدة، جهّزي الفِراشين معًا ثم انقلي إليْهما الطِّفلين في رحلة واحدة، وليس كلاًّ على حدة... إلخ
5- هل تتصوَّرين أنَّك يمكن أن تتعلَّمي فنَّ التفكير الجيّد وفنَّ اتّخاذ القرار الصَّحيح، وأن تكتسبي قوَّة الشَّخصيَّة من خلال قراءة جواب من بضعة أسطر؟! هذه فنون وقدُرات يقطّع الناس أجزاء من أعمارهم ليتْقِنوها، وهي مهارات تُبنى بناء متدرجًا ولا تكتسَب في يوم وليلة.
ربَّما كان الحصول على مصادر تنمية الذَّات (وهو العنوان العريض الذي يضمّ هذه المهارات والفنون وأشباهها) أمرًا صعبًا في الماضي، أمَّا اليومَ، فقد صارت في متناول كل واحد من النَّاس، كتبًا كانت أم أشرطة ومحاضرات ودورات، منها ما هو مسجَّل ويباع في المكتبات، ومنها المجاني الذي تجِدينه في الشَّبكة العنكبوتية (الإنترنت)، وفي بعض الفضائيَّات المختصَّة في هذا المجال، فابحثي عمَّا يناسبك وجِدّي في التعلُّم، وسوف تستفيدين الكثير
6- بالطَّبع الصَّراحة لها حدود، فالمرء لا يكون صريحًا مائة بالمائة إلاَّ مع نفسه، وصريحًا أقلّ من ذلك قليلاً مع شريك العمر الذي هو أقرب النَّاس إليه؛ قال - تبارك وتعالى -: {خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} - وفي قوله: "من أنفسكم" محلّ كبير للتَّأمّل - {لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: 21]، ولا توجد السَّكينة في أكمل صُوَرِها إلاَّ بين الزوجَين.
وتقل الصَّراحة المسموح بها مع الإخوة والأخوات، ثمَّ تقلّ مرَّة أخرى مع سائر القريبات، وتقلّ من جديد مع الصَّديقات، وتقلّ حتَّى تصبح في حدود ضيّقة تمامًا مع الغريبات البعيدات، وهذا كلّه يَحكمه قانون نسمّيه قانون "اللباقة الاجتماعيَّة" (بالباء لا بالياء، خلافًا لما يظنّه عامَّة الناس)، ومن كان ضعيفًا في فهْم هذا القانون وتطبيقه، فإنَّه يعيش بقليل من الأصدقاء، فإذا كان فاشلاً فيه تمامًا فلا يُستبعَد أن يعيش بلا أصدقاء أصلاً
7- هذا أغرب سؤال سمعتِه منذ اليوم! ولماذا تردّين على النَّاقدين؟ ومن منَّا كَمُل حتَّى يستغْنِي عن النَّقد؟ ثمَّ إنَّ النَّقد الفنّي خاضع للذَّوق لا للخطأ والصَّواب، فإذا اجتهدت في شراء ملابس أنيقة لأطفالك، فحصدت مديح الجمهور، وخالفَت واحدةٌ فهَجَتْ ذوْقَك، فإنَّما يعني هذا أنَّ تلك الواحدة تملك ذوقًا مختلفًا عن الذَّوق العامّ، وقد يعني هذا أنَّ ذوْقَها هو الذي يَحتاج إلى تحسين لا ذوْقك أنت.
فمثلاً يُمكن أن تكوي الثَّوب وأنت تُحدِّثين صديقتك بالهاتف، أو تقطِّعي الخُضَر للطَّبخة وأنت تتابعين برنامجًا في التلفاز، وهكذا.
2- وصول المولود الأوَّل فرحة معجَّلة وكربة مؤجَّلة، هذا ما تُعْلِنه أكثر كتُب التربية التي تنبِّه الأمَّهات إلى عدم المبالغة في الانشِغال بالوافد الجديد – الطفل - ونسيان الوافد القديم – الزَّوج - وتنبِّه الآباء أيضًا إلى ضرورة استيعاب الظروف الجديدة واحتمالها.
شِئْنا أم أبَيْنا لابدَّ أن نعترف بأنَّ الحياة بعد وصول الطِّفل ليست كالحياة قبل وصوله، فالمسؤوليات تزداد والحريَّة تنقص، واستِمْتاع الزَّوجين بحياتِهما الخاصَّة تبدأ بالتناقص.
ربَّما من أجل هذا السَّبب، وبالتَّأكيد من أجل سبب آخَر أهم بكثير، أميل إلى نصح كل عروسين بتأخير البدء بمشروع الإنجاب ستَّة أشهر على الأقل؛ أي: أن يَجتهدا في عبور مرحلة الأمان والاختبار التي أقترح ألا تقلَّ عن نصف سنة قبل أن تَحْمِل الزَّوجة، وهذا أمر آخَر غير الَّذي كنا نتحدَّث فيه، لكنَّها رسالة أحببت إرسالها لعلَّ متزوجين جددًا يقرؤونَها فتكون لهم فيها فائدة.
هذا كله والقادم الجديد طفل فرْد، فكيف إذا كانا اثنين كحالتِك؟! أعانك الله، على أنَّك تستطيعين - إن شاء الله - التَّوفيق بين الطرفين ببعض الحِكْمة والإدارة الجيِّدة للوقت، ومهما كانت الظروف فلا تسْمحي أن يكون زوجك هو الخاسر الأكبر، فإنَّ استقرار العلاقة بينكما هو مفتاح استِقْرار البيت، وهو في المصْلحة القريبة والبعيدة للتوءمين (فائدة لغوية: يقال للطفلين يولدان معًا إنهما "توءم" وإنَّهما "توءمان"، كلا اللَّفظين صحيح، والواحد توءم، والواحدة توءم أو توءمة، فإن زادا إلى ثلاثة صاروا ثلاثة توائم، والأربعة أربعة توائم، وهكذا)
3- الَّذي وصفتِه في هذا الفرْع من السؤال يسمِّيه النَّاس "مجاملة"، وأسمِّيه أنا "نفاقًا اجتماعيًّا"، إن شئت رأيي فقلِّلي من لقائِك بالنَّاس الذين يدفعونك إلى هذا النِّفاق، واحرصي على أن يكون نفاقُك سلبيًّا بالسكوت والابتسام، لا إيجابيًّا بالتَّصديق والموافقة؛ حتَّى لا تضطري إلى الكذب
4- لا أستطيع أن أقدِّم لك نصائح كثيرة للتعامل مع التوائم في هذه العجالة، ولكنِّي أطمئنك إلى أنَّ التوءم لا يغار من توءمه، وهذا يسهِّل الأمور كثيرًا، ولو كانا طفلين متعاقِبَين لكانت هذه المشكلة معقَّدة وتحتاج إلى كثير من الصَّبر لحلِّها.
النَّصيحة العامَّة التي أستطيع تقديمها هي أن تَجعلي من عادتك في التَّعامل مع الطِّفلين أن تبدئي بأحدِهِما في كلِّ مرَّة، على التعاقب، فإذا بدأت بإطْعام سعد في وجبة النَّهار، فليكُن سعيد هو مَن تبدئين به في وجبة الليل، وإذا غسّلت هذا اليوم قبل ذاك، فغيِّري التَّرتيب في حفلة التغسيل في الغد، وهكذا؛ هذا للمحافظة على العلاقة الطيِّبة بهما وبينهما.
واعدلي بينهما في كل شيء، في الحب والحنان، والعناية والاهتمام، وفي كافَّة أشكال العطاء المادي والمعنوي.
أمَّا لتسهيل مهمَّتك، فتعلَّمي أسلوب العمل والإنتاج بالجملة، على الطَّريقة التي تعمل بها المصانع والمطابخ العامَّة، مثلاً: اخلِطي بالخلاط أكلاً يكفي للاثنين في دوْرة خلاط واحدة، ثم أفرغي المحتوى في طبقين، ولا تخلِطي لكل واحد طعامه على حدة، جهّزي الفِراشين معًا ثم انقلي إليْهما الطِّفلين في رحلة واحدة، وليس كلاًّ على حدة... إلخ
5- هل تتصوَّرين أنَّك يمكن أن تتعلَّمي فنَّ التفكير الجيّد وفنَّ اتّخاذ القرار الصَّحيح، وأن تكتسبي قوَّة الشَّخصيَّة من خلال قراءة جواب من بضعة أسطر؟! هذه فنون وقدُرات يقطّع الناس أجزاء من أعمارهم ليتْقِنوها، وهي مهارات تُبنى بناء متدرجًا ولا تكتسَب في يوم وليلة.
ربَّما كان الحصول على مصادر تنمية الذَّات (وهو العنوان العريض الذي يضمّ هذه المهارات والفنون وأشباهها) أمرًا صعبًا في الماضي، أمَّا اليومَ، فقد صارت في متناول كل واحد من النَّاس، كتبًا كانت أم أشرطة ومحاضرات ودورات، منها ما هو مسجَّل ويباع في المكتبات، ومنها المجاني الذي تجِدينه في الشَّبكة العنكبوتية (الإنترنت)، وفي بعض الفضائيَّات المختصَّة في هذا المجال، فابحثي عمَّا يناسبك وجِدّي في التعلُّم، وسوف تستفيدين الكثير
6- بالطَّبع الصَّراحة لها حدود، فالمرء لا يكون صريحًا مائة بالمائة إلاَّ مع نفسه، وصريحًا أقلّ من ذلك قليلاً مع شريك العمر الذي هو أقرب النَّاس إليه؛ قال - تبارك وتعالى -: {خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} - وفي قوله: "من أنفسكم" محلّ كبير للتَّأمّل - {لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: 21]، ولا توجد السَّكينة في أكمل صُوَرِها إلاَّ بين الزوجَين.
وتقل الصَّراحة المسموح بها مع الإخوة والأخوات، ثمَّ تقلّ مرَّة أخرى مع سائر القريبات، وتقلّ من جديد مع الصَّديقات، وتقلّ حتَّى تصبح في حدود ضيّقة تمامًا مع الغريبات البعيدات، وهذا كلّه يَحكمه قانون نسمّيه قانون "اللباقة الاجتماعيَّة" (بالباء لا بالياء، خلافًا لما يظنّه عامَّة الناس)، ومن كان ضعيفًا في فهْم هذا القانون وتطبيقه، فإنَّه يعيش بقليل من الأصدقاء، فإذا كان فاشلاً فيه تمامًا فلا يُستبعَد أن يعيش بلا أصدقاء أصلاً
7- هذا أغرب سؤال سمعتِه منذ اليوم! ولماذا تردّين على النَّاقدين؟ ومن منَّا كَمُل حتَّى يستغْنِي عن النَّقد؟ ثمَّ إنَّ النَّقد الفنّي خاضع للذَّوق لا للخطأ والصَّواب، فإذا اجتهدت في شراء ملابس أنيقة لأطفالك، فحصدت مديح الجمهور، وخالفَت واحدةٌ فهَجَتْ ذوْقَك، فإنَّما يعني هذا أنَّ تلك الواحدة تملك ذوقًا مختلفًا عن الذَّوق العامّ، وقد يعني هذا أنَّ ذوْقَها هو الذي يَحتاج إلى تحسين لا ذوْقك أنت.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة