وتكبر الطفلة
وتكبر الطفلة وتصبح شابة، ويتخيلها الوالدان وخاصة الأم عروساً جميلة وزوجة في بيت زوجها. ومع اشتداد الرغبة في حدوث ذلك، يوافق الأبوان على زوج يندمان لاحقاً على تزويجه وعلى معرفته.
يسأل الآباء ويستخيرون في الشخص الطالب لابنتهم، ويسمعون ويرون من الدلائل ما يجعلهم يعيدون النظر ويتوقفون عن إتمام مشروع الزواج، لكنهم أمام الرغبة وتمني الفرحة أو ربما التباهي بخطبة الابنة، يغضون النظر وسائر الحواس عما عرفوا وما استجد مما لم يعرفوا، ويستمرون في تحقيق حلمهم، وإذا نصحهم ناصح قالوا نحن استخرنا الله!
وتنتهي طقوس الزواج دون أن تخلو من المشاكل والعقبات، وتصبح ابنتهم زوجة، لكن يصدمهم أنها ليست كما تخيلوا! هي باختصار ليست سعيدة! فقد غاب عنهم في زحمة الرغبة والأحلام والأوهام ومظاهر الفرح، أن الزواج حياة دائمة ما دامت حياة الزوجين.
تتكشف الأمور أكثر، وتظهر عورات الرجل وسوء أخلاقه، وتصطدم الزوجة بالواقع المؤلم، وتتحطم آمالها وأحلامها في حياة زوجية هانئة فوق رأسها!
تتلفت المسكينة حولها، فمن تلوم؟ من المسؤول عن هذا الزواج التعيس؟
قد تجد أنها وافقت وبالتالي هي مسؤولة، لكن أين كان أبواها، لماذا وافقا؟ ما فائدة خبرتهما في الحياة؟ ما فائدة كونهما أبوين ما داما غير قادرين على اتخاذ قرار صائب يحميها من زواج كهذا
هل تلوم حظها ونصيبها؟
لا، ليس هذا نصيبها، فهم من وافق مع سبق الإصرار، مع ما بدا لهم من الشواهد المقلقة.
ليس هذا حظها، فإسلامنا علمنا أن صلاح الزوج مطلب وشرط في الزواج ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ ﴾ [النور: 32]، لأن الصالح سيردعه صلاحه عن الحرام ويدفعه لما يرضي الله في هذه الزوجة والأبناء، الصالح يتعامل مع الزوجة وأهلها بأدب وذوق ورقي واحترام ولطف ورحمة ومودة.
والصالح أمين يتقي الله في الأمانة التي أصبحت بين يديه: زوجته وأولاده، يحسن إليهم وينفق بالمعروف ويعاون ويربي ويعطي سعيداً ويحافظ على ما استرعى.
الصالح صاحب دين وخلق، إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها لم يظلمها.
و تنجب الزوجة، وحال الزوج مستمرة في السوء، ولا تبدو عليه مؤشرات التغير للأحسن، ويتأكد لها أن حياتها معه لا تطاق
يهمس لها الطلاق البغيض: أنا هنا يا مسكينة، أنا موجود لإنهاء حياتك معه!
والأبناء؟ هل تتركهم له؟ هل تأخذهم معها؟ والدها يرفض تربية أولاده ويرحب بها فقط! الزوج قد لا يوافق على أن يكون الأبناء معها، وربما قال لها خذي الأولاد ولن أصرف عليهم، ويدخلون في صراع ومشاكل ومحاكم..
وتنتهي الأمور بطلاق وحلّ قد يكون شرعياً أو غير شرعي، لكن الحلول تأتي لتحقيق أخف الأضرار، فليس من المعقول أن أبناء يتربون وسط والدين متفاهمين متصالحين يحب كل منهما الآخر ويحترمه، كأبناء يتربون مع أب دون الأم أو أم دون الأب... وليس من المعقول أن المتزوجة كالمطلقة!
وتنتهي الحكاية التي بدأت بحلم غير مدروس إلى كابوس، سيحتاج أبطالها وقتاً حتى يمكنهم نسيان تلك التجربة المرة.
♦ هذه يا صديقتي قصة صورتي.
♦ عصفور مسجون! أليست بطلاقها تحررت
♦ ليس صحيحاً، بطلاقها ما زالت حبيسة ذكريات تجربة فاشلة، وحبيسة لقبها الجديد: مطلقة وما يتبعه من عادات مجتمعها، وحبيسة قلقها على أبنائها أيا كان وضعهم....
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة