بدون رقابة
عادت رانيا من المدرسة كعادتها، ودخلت منزلها الصامت، فتوجهت إلى المطبخ لتجد ورقة قد كُتب عليها: عزيزتي، الطعام في الثلاجة، أخرجيه وضعيه في المسخن الآلي، وتناولي طعامك، مع حبي، والدتك.
لم تنفذ رانيا رغبة والدتها، بل فضلت قضاء هاتين الساعتين ليس في النوم بعد هذا اليوم المرهق، بل في الدردشة مع أصدقائها الذكور عبر البريد الإلكتروني، فليس هناك من أخ صغير ليشي بها; فهو مازال في الحضانة، ولا أمٍ تدخل فجأة وترى دردشتها!
ولَكَم كانت فرحة رانيا بهذا الغياب! أدارت حاسوبها وبدأت بإجراء الدردشات مع من تعرف ومن لا تعرف. ثم ما لبثت أن تناولت سماعة الهاتف لتحادث صديقتها وتتفق معها على حُجة غياب عن المنزل غداً، فهناك شابٌّ تود التسكع معه! فما كان من تلك الأخيرة إلا أن أجابت طلبها مرحِّبة، فمن يعلم متى سيحين دورها وتقصدها في خدمة مماثلة...
وصلت الأم عند الساعة الخامسة والنصف إلى منزلها، فوجدت الطعام في الثلاجة كما هو لم تَمسَسْه يد رانيا، فحزنت على إهمال ابنتها لصحتها، ووبختها على ذلك! أما رانيا فلم تكن تسمع كلمة واحدة من الحديث، بل كانت مشغولة بموعدها غداً، تنتظر بلهفة رنين الهاتف الذي سيحمل معه تأشيرة الخروج، واتصلت الصديقة، واستأذنت والدة رانيا للسماح لها بالمجيء إلى منزلها لمذاكرة درس الكيمياء الذي من المرجح أن يُجرى به امتحان في الأسبوع المقبل، فوافقت الوالدة في الحال، فجُلّ اهتمامها هو مستقبل رانيا.
***
عزيزتي الأم، لا أطلب منك التخلي عن عملك والجلوس في المنزل...
كل ما أطلبه هو القليل من الرقابة لفتياتنا المراهقات، ويا حبذا لو عدن من مدارسهن ووجدننا في المنزل، فهن في سنٍ حرجةٍ قد توصلهن إلى المهالك وهن في بداية الطريق. فأرجوك انتبهي.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن