مسؤولة قسم الاستشارات في موقع (الإسلام اليوم)
لكِ.. ولكَ أيضاً
هي لكِ يا رفيقة الدرب في هذه الحياة أياً كان وطنك أو لونك، "همس القوارير" عالمية كمنبعها الذي تتدفق منه، فتروي ظمأك جدةً كنتِ أم أمّاً أم زوجة، أرملة أم مطلقة، شابة عاقلة أم مراهقة، ما زال بعض التمرد من ملامح جمالك!
هي لكِ أيتها الأنثى، لا لأواسيكِ بها أو أوفر لكِ متنفساً لزفرات حارة احتوتها أضلعك، بل أريد منكِ ما هو أكثر، أريد أن تشاركيني في إعادة الإخراج والصياغة لصورتي التي شوهت كثيراً بيد العرف والتقاليد تارة، وبيد الإعلام تارة أخرى.
وهي لك أيضاً أيها الرجل، وكما همست من قبل، أياً كان وطنك أو لونك، على وشك المغادرة لزهو الشباب ومغامراته والإقبال على ما هو أجمل وأعمق كنت أم شاباً ما زلت تكتشف الحياة وتكتشفك! عالماً كنت أو مصلحاً، كاتباً أو داعية... شاعراً... مثقفاً... باحثاً، مقيماً، في مجتمعي أم مغترباً.
فلا تسيء الظن بهمساتي فتراها على الدوام قد كُتِبت بقلم الاتهام، أبداً، إنما هي دعوة لتقرأني من داخلي، مهما كتبت عني، فهناك دوماً ما لا يحسن التعبير عنه سواي، ولتحدد بكل ما يتوفر لديك من إنصاف وعدل: أين أنا منك بالضبط؟
ولا تحسبن همساتي محاولة للتفرد بصناعة الحياة من دونك، لا يمكنني ذلك ولا أريده ولا أسعى له ولا أقبله، فهذه فلسفة خاطئة، لا تنصت لمن يوسوس بها إليك، ولا يقبلها عقلي الذي جهدت كثيراً لتحديثه وفقاً للشرع والدين، فما عاد يقبل بأعراف سادت ولغة بادت، وتقاليد نُسبت ظلماً وزوراً للإسلام وهو منها براء.
ولا تتهمني كلما حدثتك عن حقوقي التي كثير منها قد أُهدر على يديك -ولا أعمم -أنني متأثرة بتلك التي لم تنطلق من الإسلام وهو ليس لها بمنهج أو عقيدة، وإن كان لها عليّ وعليك حقاً!
أيعجبك أنها تصول وتجول، تتحدث عني وباسمي، تخطط وتتفق وتعقد، وصمتي وعزلتي وغفلتي هي عندك دليل صدقي وبرهان التزامي وتمسكي بإسلامي؟!
يأتيني حديثك العذب أني شقيقتك في هذه الحياة، وأتأمله طويلاً، وأتساءل: أتراني شقيقتك في الأحكام الفقهية فقط؟
وأعجب من حديثك عن السلف، يسيل به مداد قلمك وما يفوح منه شذا عطري، وأبحث عني من بين حروفك فلا أجدني؟!
أكان السلف عندك كلهم رجالاً، أم تحسب أني لم أسهم ولو بضفيرة في فتوحات وانتصارات تكتب أنت عنها اليوم بعد مئات السنين، وما تشتاق أوراقك لتعانق صفحات سطرتُها لمجد أمتي؟!
وفي عمق الليل وسحره الهادئ أعيد قراءة سطورك، فألمح من بينها حروفاً تجتمع إلى بعضها البعض لتشكل عبارة (لعله سهواً)!
وكما نقلتْ ابنة المسيب علم أبيها، فاسمح لي أن آخذك من بين أوراقك وأفكارك إلى ليلة أنقل لك فيها علم أمي وعملها وحسن فقهها، عش فيها بكل ذرة من كيانك، وأنصت جيداً...
تأمله، أتراك تشعر به مثلي؟ فهو خائف وجل، ما حدث تلك الليلة شيء عظيم، أولم تكن من لجأ إليها الحبيب صلى الله عليه وسلم امرأة، وآخر من فارق الدنيا ورأسه على صدرها الحنون -ما فارقها شهيداً ولا مصلياً ولا قارئاً لكتاب الله تعالى -كانت اِمرأة؟!
أتكون مفارقةُ الرجل للدنيا ويجمعه وزوجه المودة والرحمة من علامات حسن الخاتمة؟ أم يكون العكس صحيحاً؟!
كم احتوته لأِنها أحبته! قناعتها به لا حدود لها فانعكست في تلك اللحظات كهمسات قوية وحنونة تثبته وتعينه على أمره!
وإذا أحبت المرأة أيدت بقلبها وإذا اقتنعت أيدت بعقلها، فماذا لو اجتمع الاثنان؟
تنطلق به إلى ابن عمها، هي التي تقرر ما الذي يتوجب فعله في هذه اللحظة وهي التي ترشح الشخصية الملائمة للاستشارة، ليس هو صلى الله عليه وسلم!
مصير دعوة، بل مصير أمة بقرار تتخذه امرأة! أمن قلة الرجال يومئذ، والشأن ليس خاصاً بالأسرة وحدها؟! صحيح أنه هو النبي وهو المعصوم صلى الله عليه وسلم ولكن جاءت مشيئة الله تعالى لتعلن أن المرأة ليست بمعزلٍ أبداً عن اتخاذ القرارات المصيرية.
وتسري همساتها رضي الله عنها، فإذا منطقها خير مترجم لمشاعر شتى تكتنفه وتجعله في حيرة من أمره، تستوثق من الخبر مثله، يا لها من مسؤولية عظيمة تجاه الكون والبشرية كلها، ها هي قد علمت، فماذا يا ترى قد عملت؟
تدعيم للدعوة بالمال.... فقط!
ألمحها تسير الهوينى... تفكر، كيف ستقوم بإبلاغ الخبر وما الآلية المناسبة لذلك؟ هل يكون بالدخول في الموضوع مباشرة دون تمهيد؟ هل تضرب أمثالاً من قصص السابقين من الأنبياء لتقرّب الأمر لبنيّاتٍ قد أخذ القلق منهن كل مأخذ على حال أب شفيق رحيم؟ وفي البيت أيضاً أم أيمن، ينبغي أن تعي ما حدث جيداً؛ فهي ليست بمنأى عن هذه الأحداث! ونساء قومها، كم امرأة دعتها لتنضم إلى هذا الركب المبارك!
ألا تكون خديجة رضي الله عنها قد أسست أول (كتيبة) مؤمنة في عهد الحبيب صلى الله عليه وسلم؟! كتيبة، من النساء، أقلهن هي وبناتها وأم أيمن!
فهمس خديجة أعقبه عمل، فهلا وثقتَ بالقوارير؟!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة