الخيريّة... في الأولويّة
برنامج تلفزيوني يسأل المارة في شارع إسلامي في بلد إسلامي: «ما هي أولوياتك في الحياة؟» فتنوعت الإجابات ما بين تأمين الخبز المدعّم كل يوم! إلى تأمين العروس المناسبة! إلى فلاحة الأرض!
كل ما سبق من إجابات ممتاز... ولكن غاب عن سلّم أولويات أغلب الأمة: «أولوية الدين في الحياة»! نعم... أين الدين في حياتنا؟... شاب يسمع كلمة واحدة من مطلع أغنية، فما يلبث أن يُكمل أبياتها وهو حافظ لكلماتها، بينما إمام المسجد يقف عند آية في الصلاة فلا يجد من يردّه فيها!! واقع أليم.
أوروبا جرّبت الدين في عبادة العقل، فانتكست وأصبحت تأخذ ما تريد وتترك ما تريد. وأمتنا اليوم تجرّب الدين على أساس: «نتبع سننهم شبراً بشبر وذراعاً بذراع».. أمة التقليد... حتى على حساب الدين! فنسمّي متى شئنا الحجاب تخلّفاً إرضاءً للغرب، ونسمّي الربا فائدة إكراماً للغرب، وغيرهما كثير... أما الصحابة فقد كانت تجربتهم مع الدين أرقى، فهم فهموا أن الدين ليس بضاعة يعرضها كلٌّ على ذوقه! إنما هو منهج حياة، وهو في طليعة سلّم أولوياتهم، وهو مصدر السلطات عليهم، والأمر كله لشريعة الله، فسادوا الأمم الغابرة!
إن تجربة الأمة اليوم للدين هي تجربة ممسوخة هزيلة، جاءت تحت عنوان: «أسفل السلّم»، دين مُهمَل، نلجأ له لحل مشكلة الطلاق أو الخلع أو الميراث فقط! وفي سائر أمور الحياة نطبق ما يُملى علينا من الخارج فقط! العدو يبدأ بصعود السلم حين يضع رجله على الخشبة السُّفلى منه، ونحن بكل فخر رضينا أن نكون الخشبة السفلى! بل رضينا أن نكون كالحذاء! يمشي بنا هو على الطريق، ونحترم - بل نحبّ - احتقاره لنا، لماذا؟ لأننا نتبعه ونقلده ونغرد معه اللحن نفسه! وبدون أن نسأل: هل يرضى ديننا بذلك؟ خُدِعنا بالحَداثة الوهمية، وضَعْنا الدين في آخر تفكيرنا، وركلْنا الشريعة بعرض الحائط.. فهوَيْنا!
نسينا أننا إذا أردنا الارتقاء، فعلينا الارتقاء بالدين، وحينها نسود الأمم، لأننا تحوّلنا إلى قاعدة: «محياي ومماتي لله رب العالمين»، وسنحقق ذلك عندما نضع الدين على رأس أولويّاتنا ونمشي به مفتخرين، وسنعود حتماً إلى خير القرون، قرن النبي صلى الله عليه وسلم، الذين نزلت فيهم آية الخيرية: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ...) (آل عمران: 110). فلننقذ أنفسنا بالرجوع للدين، لِنَدَع الإسلام يحرّكنا، ولْنمارس الشريعة على حقيقتها ولْنضعها في الأولويّة، ولْنصدق النية مع الله، حينها سندخل تحت مسمّى «الخيريّة»... وستتحوّل إجاباتنا على السؤال الأول إلى: «الدين هو أولويّتي».
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة