عشق محظور
أَحَبَّها منذ أن أبصر النّور, وكبر حُبّها في قلبه كلّما كبر وعرف عنها أكثر...
نظر إليها مرة أخرى بعد أن أشاح عنها نظره خلال طفولته، وجهها البهيّ باسمٌ دائماً، ويداها ممدودتان، تعطي بلا حدود وتدعو النّاس إليها بشتّى الوسائل. استغرب الفتى طلب أمّه بالحذر منها؛ فكيف لا يحبّها؟
في ذلك الحين كان لا يزال شاباً صغيراً، ولكنّ عزيمته للوصول إلى تلك الحسناء فاقت عزائم الرجال. وبعد تفكير عميق، تراءى له أنّه إن أصبح ثريّاً فستقبل عليه الحسناء دون أدنى شكّ!
تعلّم الشّاب، حصل على شهادة تخوّله العمل. وكم فرح عندما نال وظيفة في شركةٍ مرموقة، فها هو يدنو بكلّ خطوة من حسنائه.
ولكنّه بعد مدّة أدرك الحقيقة المرّة، فتلك الحسناء ليست حسناءَه وحده، بل إن الجميع يحاول الوصول إليها أيضاً، كباراً وصغاراً، شباباً وكهولاً.
ترقّى الشّاب ابن الأربعين عاماً في وظيفته وأصبح ثريّاً، فأنفق في سبيلها مالاً كثيراً، ومع ذلك كانت تقبل عليه طوراً وتعرض عنه أطواراً. وكانت تهمس له بصوت نديّ بينما تبادله نظرات الودّ: «المزيد... المزيد...».
وفي يوم صادف شيخه الوقور الذي كان يقصده في طفولته وصباه، فسلّم عليه الشيخ ثم سأله عن أحواله وعن سبب عدم مشاركته في الدروس والأنشطة الدينية التي كان يقوم بها، فأخبره بانشغاله بالعمل ولكنّ الشيخ رأى في عينيه ما هو أخطر من ذلك، فباغته بسؤاله،«ألا ترى أمامك غيرها؟ اتّقِ الله يا عبد الله...» أجابه بعد أن فهم مقصده، «لا أستطيع، إنها جنتي وسعادتي ومنتهاي!».
مضت الأيّام وتسلّل الشيب إلى رأس الشاب الذي أضحى كهلاً ووهنت قوّته وانحنى ظهره في سبيل كسب المال وملاحقة حسنائه. نظر إلى المرآة وتحسّس الأخاديد التي رُسمت على وجهه المتعب.
وفي يومٍ من الأيام استيقظ، فرآها قاصية عنه. وحين دنت منه لاحظ أنها ليست وحدها! اقتربت منه أخيراً وقالت: «جئت أودّعك...» امتلكه العجب واستفسر قائلاً: «كيف؟! لقد بذلتُ من أجلك أجمل سنوات عمري، أنفقتُ عليكِ مالي، أفنيت لأجلك صحّتي، ونسيت كل ما حولي لأرضيكِ! كم حذّرتني أمّي رحمها الله منك!! سأترككِ لأتفرّغ للعمل الصالح وسأجد من هي أفضل منك بالتأكيد».
ابتسمت بشفقة وقالت له: «ولكن وقتك انتهى...» وبدأ مَن معها يجرّه بعيداً... بدأ يصيح ويتخبّط: «يا لكِ من خادعة ظالمة! على الأقل أخبريني عن اسمك لكي أحذّر النّاس منك...» أجابته: «نعم، إنّي لخادعة. ولست بظالمة؛ فأنت الذي ظلمت نفسك ولم تجعلني مزرعة للآخرة. اسمي دنيا... الحياة الدنيا...».
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة