التعدّد شرع.. ولكن بِعَدل!
زوجٌ غير قادر على تحمّل مسؤولية البيت الأول.. يدير ظهره ويهرب من الضغوط لا بالتفتيش عن حلولٍ ناجعة تُخرِجه وأسرته مما هم فيه.. بل بالتعدد!! وكأنه أصبح الحل السحري لكل مشاكل المجتمع.. في حين أنه (يخلق) مشاكل أكثر مما يحلّها.. وقد توثقتُ من فتوى شرعية تجعل الزواج الثاني حراماً إن كان لا يستطيع إكفاء بيته الأول!! وهذا سيناريو متكرر عايَشْتُهُ مؤخّراً بشكل كثيف:
الزوج فقير.. والأسرة تتكوّن منه ومن زوجِهِ وولدين أو أكثر.. غالباً لا تقرب الكماليات ولا تتمتّع حتى بالمؤونة اللازمة.. فتراها تقلّص المصروف حتى تصل إلى القحط! البعض لا يستطيع حتى دفع إيجار البيت أو أقساط الأولاد.. وتجد الزوجة نفسها مضطرة للعمل داخل البيت وخارجه لتساعد الزوج (المسكين) وتعض على الجرح وتتنازل عن الكثير من طلباتها (الطبيعية) لتخفف عن كاهله.. وفي بعض الحالات تجد الزوجة تسكن مع أهل الزوج وتكون (خادمة) لهم ولزوّارهم في (بيت العائلة).. وترضى وتحتسب.. لتتم مكافأة هؤلاء بخبر ينزل عليهنّ كالصاعقة: الزوج خطب وقريباً سيُزَف عريساً!
أنا لستُ ضد التعدد ولا يمكن أن أكون.. ولكنّ عتبي على مَن يعدِّد ليهرب من مشاكله دون أن يفتش عن حلول تكفيه وزوجته أو دون أن يكون لديه الاستطاعة لذلك.. فحين لا تكون الأمور على ما يرام بين الزوجين ويترك البيت ويعدد.. أين حق الزوجة في حياة كريمة؟ أليست هي أيضاً بحاجة إلى بيئة حاضنة أفضل؟ هل (تهرب) أيها الزوج إلى التعدّد لأنه حلالٌ لك وتتركها تتخبط وحدها في ضغوطها الأولى ومشاكل (إضافية) ألحقْتَها بها لترتاح أنت؟! أليست هذه منتهى الأنانية؟!
عدِّد.. هذا حقك.. ولكن لا تظلم! هذه الزوجة التي اختارتك من بين الرجال ليست حرفاً ناقصاً في أبجدية الإنسانية.. ولا مجرد (شيء) في بيتك.. احرص على أن تنصفها.. وتذكّر سلسلة هذه (اللاءات) علّك تُعذَر أمام الله جل وعلا: لا تشيطن الأولى أو تتكلّم عنها بسوء أمام عروسك الثانية لتبرهن لها كم أنتَ تعِب وتستجلب عاطفتها.. ولا تُكرِم الثانية فتقطع المصروف عن الأولى لتغدق على العروس على حساب الأولى وتنسى فضلها على بيتك وأولادك وصبرها عليك.. ولا تفترِ على الأولى وتجعل كل نقصٍ فيها وتتكلم عنها بكلام كذِب لتبرر فِعلتك.. ولا تهدد الأولى بالطلاق في كل وقت إنْ هي تكلمت أو تنفست أو حتى غصّت! ولا تَكره الأولى وتجرّدها من حق الغيرة والتعب النفسي والضيق.. ولا تغضب عليها لأنها سكتت دهراً على تقصيرك بحقها مادياً ومعنوياً وحين عرفتْ بمشروعك (الجديد) طالبتك بحقوقها المهدورة زمناً!..
أما همستي للزوجة الثانية: اتقِي الله.. ولا تصبّي الزيت على النار.. ولا تشترطي طلاق الأولى أو هجرها في الفراش.. وتأكدي أن (الحُرّ) هو الذي يراعي وِداد لحظة.. ومَن يكيل لزوجته أمامك لا يرتقي لمقامٍ يطمئنك على نفسك معه.. فلا تسعدي كثيراً.. كما ظلمها سيظلمك.. حين تصبحين (قديمة)!
الحديث يطول.. فلا تنسوا: مَن يظلم فإنّ ربّ السماء والأرض قادرٌ على أن يقطعه بسيفه جل وعلا.. فإياكم والاغترار بالقوة.. وانتظروا العقاب.. إن لم يكن عاجلاً في الدنيا فآجلاً في الآخرة..
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن