تصحيح مفاهيم

الإحساس والاكتفاء بالأمان المعنويّ أكثر من الماديّ من الاحتياجات الفطرية لدى المرأة، وتهديدُها في هذا الجانب بالذات من قِبل الرجل مؤشرٌ على عدم اكتمال ونضج مفهوم الرجولة لديه.

ومن أمثلة ذلك ألاّ يتفهّمَ ويقدّر دوافعها إذا وقع بينهما خصومةٌ أو خلافٌ استوجب فراقاً لفترة محددة، فلا يأتي ولا يعتذر - وما الضَّيْر في ذلك حتى لو كانت هي المخطئة، وحتى لو كان مجروحاً مثلها؟! ظناً منه أنه يؤدبّها، أو يثأر لنفسه... أياً كانت الدوافع.

في السيرة النبوية جزء من موقف، ربما لم يشد انتباه المؤرخين، قد يكون أحد الأسباب أن أغلب من كتبوا حوله من الرجال، أو لأن التركيز كان وما زال حول الجوانب الاجتماعية والسياسية والأخلاقية لتلك الحادثة.

هجر الرسول (صلى الله عليه وسلم) نساءه شهراً كاملاً، وأقسم على ذلك، فلما انقضت المدة، وكان أول من حظي بلقائه عائشة رضي الله عنها، ماذا قالت له؟ وكيف تفاعل (صلى الله عليه وسلم)  مع قولها ذاك؟

"أقسمتَ أن تهجرنا شهراً ولم يمض منه غيرُ تسعٍ وعشرين".

فأشرق وجهُهُ بابتسامة عذبة وقد سَرّه أن يعرف أنها كانت تحصي لياليَ الفِراق، وأجابها بأن الشهر تسع وعشرون ليلة!".

لم يكن رد الفعل: "أنا غلطان، أنا أستاهل اللي قلت آجي ليلة بدري.

كده؟ طب خليكِ بقى، وهحسبهالك بالسنة الكبيسة... ده بدل ما تحمدي ربك وتبوسي إيدك وش وظهر إني جيت أصلاً."..

تأمل فهمَه الراقي (صلى الله عليه وسلم)  لنفسية المرأة واحتواءه لمشاعرها وتقديره واحترامه لها... سُنّة، وخطوة نحو تطبيق الشريعة لإيجاد مجتمع إسلاميٍّ شكلاً ومضموناً، مجتمعٍ سَويٍّ وليس مجتمعاً "شيزوفرنين"