بالذكر تتربى الروح
بقلم : نبيل جلهوم
ورد في صحيح البخاري
أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : .
( إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر،
فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلمُّوا إلى حاجتكم ـ
أي وجدوا بغيتهم ـ قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا،
قال: فيسألهم ربهم، وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي؟ قال: تقول:
يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول:
هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك، قال: فيقول: وكيف
لو رأوني؟ قال : يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك
تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً، قال: يقول: فما يسألونني؟ قال:
يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله
يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ قال: يقولون:
لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلبا ً، وأعظم
فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون ؟ قال: يقولون: من النار، قال:
يقول: وهل رأوها ؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال:
يقول: فكيف لو رأوها ؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها
فراراً، وأشد لها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم،
قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء
لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم )
متفق عليه عن أبي هريرة .
(*) قال ابن القيم :
إن القلب كلما إشتدت به الغفلة إشتدت به القسوة فإذا ذكر الله تعالى
ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص فى النار فما أُذيبت قسوة
القلوب بمثل ذكر الله.
ما أعظمه ...
ما أعظمه وأسعده قول ربنا فى كتابه :
{ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ }
(العنكبوت/ 45) .
ما أعظمه وما أجمله قول حبيبنا محمد صل الله عليه وسلم :
( مثل الذي يذكر ربّه والذي لا يذكر كمثل الحي والميت )
فى الذكر اطمئنان ..
ثم الحمد والثناء الذي جعل للعباد منحة وهدية هي في حقيقتها حياة
للقلوب وطمأنة لها وصلاحا للنفوس وصفاء للأذهان ومستقبلا تملأه
السعادة وراحة للبال وشعورا بالقرب و حصولا من الله على الرضا :
{ ألا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُ القُلُوبُ }
(الرعد/ 28).
الرسالة الكبرى :.
يقول سبحانه :
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإنسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ }
(الذاريات/ 56) .
إذاً فعبادة الله هى الرسالة الأولى والأخيرة و هى الغاية من خلق الله
للبشر بل لكل شيء , فما من شيء إلا يسبح بحمده ولكن
لاتفقهون تسبيحه .
عبادة الله إذاً هى :
الناموس الذي يسير عليه وفى فلكه الكون كله وعلى نسقه ومقتضاه
ليحققه , إنه شرف العبودية لله وحده. لتتحقق بذلك الوحدانية لله وحده ,
وليكون أنا وأنت عبادا للرب وحده لا لغيره , منه وحده نطلب الإهتمام
ومنه وحده نطلب السؤال ومنه وحده نطلب الرد و التفقد إذا هو علينا
تأخر , ومنه وحده نطلب الحب والحنان والقرب والراحة والإطمئنان ,
ومنه وحده نطلب الأنس والرضا , ومنه وحده نطلب السكينة والسكن ,
ومنه وحده نطلب المعية الربانية كلها , ومنه نطلب كل شيء على الدوام ,
له نقنت , له نخشع , له نسلم , له نركع ونسجد , له نسبح ونذكر , عليه
نتكأ واليه نستند , إتصالنا لايكون إلا به لأننا بكامل إيماننا ويقيننا فيه بأنه
سيرد علينا حالا وعلى التوِ ودون تأجيل لن يؤجلنا ولن يجعلنا على قائمة
الإنتظار نأخذ دورنا , فهو لن يهملنا ولن يتخلى عنا فهو معنا أينما كنا ,
وهل يعقل أن يهمل الخالق عبده أليس
هو الحبيب وعبده له محبا أليس هو المحبوب وعبده له حبيبا .
ولن يستكبر علينا لعلمه بأننا عبيده ضعفاء نحبه , نمرض فنسأله الشفاء
تكالب علينا الناس فنرفع اليه شكايتنا ,تضيق فنسأله الفرج , تصطدمنا
الحياة وتنزل على رؤوسنا بمطارقها فنقول له يارب يارب فيرد لبيك
وسعديك والخيرُ بين يديك , معك ربك فأنا ربك ومعك , فلا تبالى ياعبدى
بصدمات الدنيا ولهيب مطارقها فبعزتى دعواتك تصلنى وشكايتك أراها
وأسمعها وتحزننى , لكن صبرا ياعبدى صبرا , فأنا الذى أوفى الصابرين
أجرهم بغير حساب , ألا تعلم مامعنى بغير حساب , فأنا لك الرب ومادمت
لك ربا فهوّن على نفسك , لا عليك حزن ولاكرب مادمت معى , فاذكرنى
أذكرك واشكرنى ولاتكفر فأكون عضدك وبصرك ويدك وعينك , ثق أننى
معك سأكون دوما وسألبيك فور الإستغاثة بى ,,
فاطمئن عبدى فلست أنت وحدك عبدى فعبادى كثير ورغم أنهم كثير
إلا أننى لا أغفل عن أحدهم فسنة الغفلة والنوم ليست من شأنى فلست أنا
بالغافل وإلا فكيف بخلقى جميعا إذا أنا عنهم قد غفلت , اطمئن عبدى
فلست وحدك عبدى وأنا ما خلقتك عبثا وماخلقت أى كائن عبثا :.
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لا ترجعون ؟. فلقد تعاليت أنا عن
العبث والنسيان والإهمال والتجاهل لعبادى , فهذا فقط من شأن العباد ,
أما أنا فلجميع ربٌُ والجميع عندى عبد
لا أُهمل لا أنسى لا أتجاهل
بل أهتم وأتذكّر وأعتنى وأُراعى
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن