فتحي يكَن... ينضمّ إلى كَوْكبة الدعاة الراحلين
في 20 جُمادَى الآخِرة من هذا العام (1430هـ) ودّع الداعية الذي تأثّر بكتاباته جيل الصحوة الأستاذ فتحي يكن الدنيا وغادرها إلى عالم الآخرة. رحمة الله عليه وأَوْلاه بالزُّلفى لديه
غادرها مُلتحِقاً بالذين وَدَّعُونا هذا العام من أكابر الدعاة رحمهم الله مثل الداعية الفقيه الطبيب حسن هُوَيدي والداعية الواعظ الشيخ محمد عوض... بعدما التفّ حوله وتأثر به جيل الصحوة في السبعينيات والثمانينيات، وكَثُر الانتفاع بكتاباته وتربّى عليها الشباب خاصّة، ونهلوا منها وغذَّوْا أفكارهم وأرواحهم بها رحمه الله وأجزل ثوابه. وأخصّ منها بالذكر خمسة كتب: مشكلات الدعوة والداعية، ماذا يعني انتمائي للإسلام، كيف ندعو إلى الإسلام، قوارب النجاة في حياة الدعاة، وأبجديات التصوّر الحركي.
ولكنْ في التسعينيات وما بعدها برز خلاف بين صفوف الدعاة حوله غفر الله له ولنا أجمعين، وذلك لسببين: الأول تجربته النيابية التي واجه فيها عدّة إخفاقات واحتدم الانتقاد عليه وكنت أتمنى له مخلصاً أن لا يكون خاضها ليبقى أُنموذجاً مُشرقاً في صفاء فكره الدعوي وسلامة ممارسته السياسية من أجل نهوض الأمة وإحياء رسالتها بعيداً عن أيّ موقعٍ غير شرعي وعن قذارات الحياة السياسية في لبنان.
والثاني: اصطفافُه مع أحد الفريقين المتصارِعَيْن سياسياً في لبنان منذ العام 2005م (8 آذار و14 آذار) على خلفية طائفية جاهلية يتصارع فريقاها على مواقع النفوذ في الكيان اللبناني وتحرِّكُهُما جهات أجنبية خارجية ضمن (لُعبة الدول) في المنطقة.
في المقابل مما يُذكر من مناقبه رحمه الله أنك ترتاح معه في الاختلاف بالرأي... فأتذكّر الآن وأذكر للتاريخ أنني حادثتُه مراراً فيما كنا نختلف معه في زياراتي المتكرّرة التي كنتُ أنا وعدد من إخواني الأحبة نحرص عليها ـ وهو بمثابة والدي في قَدْره وسِنّه وأقدّر له إنصافَه بإبداء إعجابه أكثر من مرّة بتجربتنا الدعوية في جمعية الاتحاد الإسلامي ومُخرَجاتها في الإعداد والتربية والبناء والمؤسسات ـ فكان يقابل الرأي المختلِف معه بالاستماع والتجاوب: إن كان فيما كنّا نتمناه عليه من الثبات على مرحلته الفكرية الأولى التي تمثل الصفاء وخط سير الدعوة الواضح، أو من ضرورة التمايز والاستقلال وعدم الاصطفاف مع أحد الفريقين السياسيَّيْن في لبنان.
لقد كان مجلسُه يَفيض بالعواطف الأخوية والغَيْرة الدعوية وذِكْر الله.. وهذه شهادة أؤدّيها ضارعاً إلى الله عزّ وجلّ أن يرفع مقامَه ويغفر اجتهادَه ويُريح نفسه ويُلحقنا معه بالصحابة تحت لواء سيِّد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة