ما هكذا تكون حرية التعبير!
كتب بواسطة بقلم: لبنى شرف
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1281 مشاهدة
«حرية التعبير».. مصطلح يرنّ في الآذان صباح مساء، فالكل يريد أن يُفتح أمامه الباب لكي يُدلي برأيه ويذكر وجهة نظره، ولكن الذي يغيب عن ذهن الكثيرين أن حرية التعبير لها حدود وضوابط شرعية وخُلُقية وذوقية؛ فنحن محاسبون على كل كلمة نقولها، وهي لا تعني الخروج عن حدّ اللياقة والأدب، ولا تعني الإساءة والتجريح والتشهير.
إن المجتمع الفاضل الذي يقيمه الإسلام مجتمع له أدب رفيع، وهذا ينبغي أن يعيَه كل مسلم، وإلا فما الفرق بيننا وبين المجتمعات التي لا تقيم وزناً لا للدين ولا للأخلاق؟!
ثم إن حرية التعبير لا تعني أن يقول مَن شاء ما شاء في الذي يعنيه والذي لا يعنيه، وفي الذي يفهمه والذي لا يفهمه، فقضايا الدين مثلاً والأحكام الشرعية مردّها إلى أهل العلم والاختصاص، وليس للعوامّ أن يخوضوا فيها، ولا أن تُستطلع آراؤهم فيها، وإلا لأصبحت الأمور فوضى! ولكن من المؤسف حقّاً أننا نرى أن كل المجالات لها خصوصيتها إلا الأحكام الشرعية، أصبح الكل يُدلي برأيه فيها، حتى مَن ليس لديه أدنى درجة من العلم! أَإلى هذه الدرجة سقطت هَيْبة الدين من القلوب؟!!
وحتى بعض مَن لديه علم أو بعضٌ منه إلا أنّ عقله لم يستنر بهذا العلم، وقلبه لم يتطهر مما فيه من آفات: من كبر وحقد ورياء... تراه لا يتورع عن تجريح العلماء، وغيرهم ممن يخالفونه الرأي والاجتهاد، فهل هذه حرية تعبير؟! وصدق ابن المبارك عندما قال: «نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم».
إن الغاية من التعبير عن الآراء تختلف باختلاف الأشخاص، وكل واحد أدرى بنيته ومَقصِده، بل إن الله أعلم بنياتنا من أنفسنا؛ فهناك من يعمَد إلى تجريح الأشخاص والإساءة إليهم، ليس بهدف نقد الفكرة والسلوك بما يرتقي بهما، وإنما بقصد الانتقاص من ذات الشخص الذي يخالفه الرأي! وهناك مَن يريد أن يُظهر الأستاذية والتفوّق في المعرفة.. والغايات غيرها كثيرة، ولكن مَن كانت غايته إرضاء الله تعالى وإظهار الحق فإنه لا بد أن يسلك طريقاً آخر، فالغاية السامية النبيلة تحتاج إلى وسيلة تعبير وتغيير راقية نظيفة، سواء كانت بالقول أم بالفعل، وهذا شأن الصادقين الذين استنارت عقولهم، وطَهُرت قلوبهم، وارتقى فَهمهم، وهكذا كان شأن الصحابة الكرام رضي الله عنهم وسلفنا الصالح يرحمهم الله.
اللهم ارحم أسلافنا، واغفر لنا ضعفنا، وارزقنا التواضع... آمين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن