من فقه الأولويات
كتب بواسطة بقلم: لبنى شرف
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1381 مشاهدة
إن كثيراً من المسلمين اليوم يسيرون خَبْط عشواء، تارة إلى يمين وتارة إلى شمال، ويضيع بسبب ذلك كثير من الجهد والوقت والمال، ومن أسباب ذلك أنهم في عماء شديد عن فقه الأولويات في حياتهم، والأمثلة على هذا كثيرة، فنحن مثلاً نجد من الرجال والنساء من يحرص على أخذ دورات في الإعجاز العلمي، ولكنهم لا يجيدون قراءة القرآن بالطريقة الصحيحة، أو يجهلون أحكام ستر العورة !!.
ومن النساء من تُعنى بدراسة أحكام العدة، وهي لم تتزوج أصلاً !! والأَوْلى أن تهتم بفقه الزواج قبل فقه الطلاق والعدد. ومنهن من تحرص على التنفل بالصلاة والصيام والقيام، ولكنها مقصرة جداً في حق زوجها وأولادها وبيتها، فهي منشغلة بالنوافل عن أداء واجباتها، وهل تُقبل النوافل إذا لم تُؤدّ الفرائض ؟!.
ومن المسلمين من يهتم بالقضايا الصغيرة والمسائل الفرعية، ويهمل القضايا الكبيرة والأصـول، وتراه يبحث عن المسائل الاجتهادية وينشئ من خلالها عداوات بين المسلمين، والأَوْلى بنا نحن المسلمين وخاصة في هذا الزمن أن نسعى لتوحيد الجهود ولَمِّ الشَّمل، وأن لا نسمح بشق الصف وتمزيق الأمة. يقول الشيخ علي الطنطاوي ـ يرحمه الله -: ((إن الاجتماع على العمل بالقول المرجوح أقل ضرراً من شق الصف، وإيقاع الخُلْف بين المسلمين للعمل بالقول الراجح في المسائل الفرعية التي لا تُحل حراماً ولا تعطل واجباً، وليست من أصول الدين)). ويقول الخليفة عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه -: ((ما أحب أن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يختلفوا، لأنه لو كان قولاً واحداً كان الناس في ضِيقٍ، وإنهم أئمة يقتدى بهم، ولو أخذ رجل بقول أحدهم كان في سعة)).
فلا ينبغي إذن أن نجعل القضايا الاجتهادية والخلافية بين المذاهب مِعْوَل هدمٍ في صرح الأمة، وأداة تمزيق لشملها، بل الأولى والأحرى بنا أن نبحث عما يقرب بين المذاهب، ويجمع شمل الأمة، وكفانا هذا التمزق وهذه العداوات.
إن بعض الدعاة ـ وللأسف ـ يجهلون فقه الأولويات هذا في دعوة الناس، يقول الداعية الأستاذ عباس السيسي: ((فهذا شاب يدخل المسجد وفي رقبته سلسلة ذهبية، ما كاد ينتهي من صلاته حتى يتسابق إليه من ينهاه وينذره ويكاد يخرجه من المسجد، ولو فقه هؤلاء الشباب وعرفوا رسالتهم لعلموا أن هذا الشاب قد جاءهم من المسارح والملاهي منيباً إلى الله تعالى، فكان الأَوْلى بهم أن يفرحوا به ويستقبلوه أحسن استقبال، إنه عضو جديد، ورصيد جديد، لو كانوا يعلمون !!)).
إن الذي يدخل في الإسلام، لابد قبل أن نعلمه الصلاة، أن نعلمه الوضوء، ففقه الأولويات فقه مهم جداً، وحريّ بنا أن لا نغفل عنه في حياتنا، و الحمد لله رب العالمين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن