فليغرب الحمير عن تاريخنا
كتب بواسطة بقلم: هبة عبد الخالق
التاريخ:
فى : المقالات العامة
605 مشاهدة
(حان الوقت لأن تجدوا لكم حماراً آخر)، لم تكن هذه العبارة إحدى عبارات القدح والذم من الخصوم السياسيين التقليديين «للرئيس عباس»، بل إنها واحدة من أهم تصريحاته التي نشرتها جريدة التايم البريطانية لشركائه في عملية السلام من الأوروبيين والأمريكيين الذين أرادوا أن يحمِّلوا ظهر الرئيس عباس أكثر مما يطيق! فقرر عدم الترشح لمنصب (الحمـ...) عفواً «الرئيس»، نكاية بأعداء القضية العادلة، ولا شك أنّ أول كلمة قفزت إلى خيال هؤلاء: (its toolatemisterpresident).
هذا الاكتشاف المتأخر «لرئيس» السلطة الفلسطينية المعيَّنة من الجنرال الأمريكي كيث دايتون: محمود عباس - الذي نظر متأخراً جداً في المرآة - هو مصداق لقول الشاعر: (لو نظر الحاكم في المرآة لمات، ومعه حق، إذ لم يستطع تحمل المأساة)!
لعل عباس نسي أنّ الشعب الفلسطيني الغارق في أحزان اللجوء والحصار والتجويع والإذلال من قِبَل عصابة (دايتون) القابعة في مقر الرئاسة التابع له في رام الله، ليس بحاجة إلى مزيد من الحمير الذين يرتدون أزياء السياسيين، بل إنه ساهم في إحداث تغيير جذري في نظرة الشعب الفلسطيني إلى الحمير، فاكتشاف الحمير ليس اختراعاً فضائياً معقداً بالنسبة لأهل فلسطين التي يعمل أغلب أهلها في زراعة زيتونها المبارك الصامد، ويعبِّرون عن وطنيتهم المتجذِّرة بتسخير حميرهم في قُراهم لزراعة الأرض، يعني أنه حتى الحمير في فلسطين وطنيون.
لكن ما أحبط غالبية الشعب الفلسطيني هو أن عباس لا ينتمي حتى إلى هذا النوع، بل إنه ظل مُصِرّاً طوال أكثر من ستة عشر عاماً على حمل أسفار وحروف أوسلو المشؤومة والمكتوبة قسراً في صفحات تاريخنا المليء بالشهداء والدخان والجراح... ولا شك أنه وضع شركاءه السياسيين في (خانة اليكّ) كما يقولون، وتسبب لهم بمأزق سياسي وأمني خطير لأنهم فعلاً سيعانون في رحلة البحث عن (كرزاي) فلسطيني جديد يتمتع بالمواصفات نفسها التي تختلف جملة وتفصيلاً عن كل الحمير الأحرار في الأرض المقدسة الذين يساهمون في زرع قمحها قبل أن يأكلوا شعيرها، أما النوع الدايتوني، فمعتاد على أكل قمح الشعب وشعيره، وسلطة (دايتون) في رام الله تنهب خيرات البلاد و«تحلّي» بالعباد، وتسخر علناً وبلا استحياء من جراحات الشعب وتضحياته وشهدائه...
هذا الشعب الذي يعلِّم كل مَن باع القضية بأنّ العمالة ليست صفة مقبولة حتى لدى حمير فلسطين! بل إنها تجارة رجال دايتون بتراب فلسطين، لشراء المزيد من الذنوب، ولإجراءات القمع وإبداع الكمائن، ولملء الزنازين وتفريغ الخزائن، وليس هذا رأي عامة الشعب الفلسطيني فحسب، بل إنّ أحد أحفاد عباس جاء متكدراً وباكياً إلى جدّه مطالباً إياه بمغادرة العائلة بكاملها رام الله، إلى أي بلد آخر، وعندما سأله جدّه «عباس» عن السبب أخبره بأن زملاءَه في المدرسة يعيِّرونه بجدّه واصِفِينه بأنه (خائن وباع فلسطين)!!!
وختاماً، إلى كل حمار غير شريف: إنّ فلسطين بفلاّحيها وحميرها يرفضون أن يلوث خائن أو حتى حمار غير وطني تاريخهم، ويحتل مستقبلهم، ويحتفظون لأنفسهم بحق كتابة أسطره القادمة بلونهم الأحمر، ويقولون له: (اغرب عن تاريخنا)!.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن