هل الانتخابات واجب شرعاً؟

قرأت في صحيفة الدستور (عدد الأحد 17/10) كلاماً لشيوخ وغيرهم يتحدثون فيه عن أهمية المشاركة في الانتخاب، واعتبار ذلك في مصلحة المواطن والوطن.. وهذا كلام لا تعليق لنا عليه إلا الحزن على هذا «الوطن» الذي يزعم كل واحد أنه يريد مصلحته، والذي ترتكب المخالفات باسمه وبزعم مصلحته، مع أن كثيراً مما يجري ضد مصلحته!!

إن الذي لفت نظري الادعاء بأن المشاركة في الانتخاب «واجب شرعي»!!

ورد في الصحيفة المذكورة أن وزير الأوقاف قال في اجتماع مع وعّاظ محافظة الزرقاء وهو يدعوهم إلى حث الناس على المشاركة في الانتخاب: «المشاركة في الاقتراع واجب وطني وشرعي!!» وأضاف الوزير قائلاً: «الحكم الشرعي في ذلك واضح، حيث إن كثيراً من النصوص الشرعية دعت إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات»!

لو اكتفى الوزير بالدعوة إلى حث الناس على الانتخاب والاقتراع لهان الأمر، ولو ذكر أهمية وحسنات المشاركة لهان الأمر، ولو قال إن هذه المشاركة واجب وطني لهان الأمر، ولو اعتبرها تحقيقاً لمصلحة الوطن لهان الأمر، لأن الحكومة وكثيرين من أنصارها ومؤيديها يرون ذلك، ويدعون إليه، ولهم في ذلك مبرراتهم التي نسمعها، وإن كنا لا نوافقهم عليها!!

إن اعتراضنا على كلام الوزير في اعتبار الانتخاب واجباً شرعياً!! وأن الحكم الشرعي في ذلك واضح، وأن كثيراً من النصوص الشرعية دعت إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات!! وكنت أرغب لو أورد الوزير بعض النصوص الشرعية التي توجب على المواطن الاقتراع يوم الانتخاب، لأرى كيف يفهم تلك النصوص!!

النصوص الشرعية معلوم أنها محصورة في آيات القرآن، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة. وأنا أعترف بعدم علمي بوجود آيات وأحاديث نبوية صحيحة توجب شرعاً على كل مواطن أردني الاقتراع يوم الانتخاب؛ فإن لم يفعل ذلك كان تاركاً للواجب، ومرتكباً للحرام، وبذلك يكون آثماً معذَّباً عند الله، وحبّذا لو أطلعنا دعاة المشاركة في الانتخاب على النصوص الشرعية، لنستفيد منهم!!

يا دعاة المشاركة في الانتخابات!..                               

أنتم تزعمون أنكم دعاة «الوسطية»، وأنكم تحاربون التطرف والغلو والمبالغة، فلماذا «تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم»؟ ولماذا تنهون عن الغلو وتغالون؟ ولماذا تنهون عن المبالغة وتبالغون؟

إن زعمكم أن المشاركة في الانتخاب «واجب شرعي» يحتاج إلى دليل معتمد على نص شرعي صريح!! وإن معنى هذا أن من لم يقترع يوم الانتخاب قد ترك هذا الواجب، وتارك الواجب واقع في الحرام، ولذلك هو آثم عند الله، والآثم عند الله معذَّب في نار جهنم! ومعنى هذا أن الذي يقترع يوم الانتخاب يدخل الجنة، وأن الذي لا يقترع يُعَذَّب في النار، لأنه ترك أداء الواجب الشرعي!!..

فلماذا «تؤثِّمون» دعاة المقاطعة وأعوانهم، وهم قطاع كبير في هذا الشعب؟؟