والفجر.. وليال عشر..
وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ . وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ . وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ. (هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ .
الفجر(1-5)..
...الفجر ..
ننتظره طويلاً.
ربما تعودنا الليل والظلمة.
لكن في أعماقنا شيء لا يزال يريد الفجر.
حاولوا إقناعنا أن الليل هو الوضع الطبيعي لنا.
تقريبًا اقتنع الجميع بذلك.
اقتنعنا نحن أيضًا، أحيانًا..
لكن شيئًا ما في أعماقنا، كان يقول لنا، ثمة فجر ما، بانتظارنا..
بعضنا انتظر الفجر. ظل يحلم به.
..ولكن بعد انتظار طويل فهم آخرون..
إن الفجر لا يأتي قط..
الفجر لا يأتي إلا لأولئك الذين يسيرون له..
..المسير إلى الفجر، شاق، المسيرة له قد تستغرق ليال عشر.. ليال عشر من السير المرهق على الشوك والألغام والزجاج المطحون..
ليال عشر قد تستمر سنين.
لكن الليال العشر، التي حبسنا فيها، استمرت لقرون...
***************
والشفع والوتر؟
لا يمكن الوصول إلى ذلك الفجر، دون الشفع والوتر..
كل الأشياء في هذا العالم، شقع.
وكلها أيضا، لو فهمناها حقا، تقود إلى الوتر..
الشفع هو تلك الثنائيات التي يقوم العالم عليها. الليل والنهار. النور والظلمة. السالب والموجب...الخير والشر.. الذكر والانثى.
كل ما في هذا العالم له ظل مواز له.. له جانب آخر..
وكل ثنائيات هذا الكون ، كل "حقائقه"، "تفاصيله" ، التي قد نخوض بها كما نخوض في القش، كلها تقود إلى حقيقة واحدة وحيدة مفردة.
حقيقة "مفردة" مثل الوتر..
حقيقة أن لا إله إلا الله..
حقيقة إن كل هذه "الثنائيات" ، لا معنى لها إن لم ترتبط بوترها.. إن لم نفهمها كما يريدها عز وجل..
ستكون مجرد معلومات.. مجرد تفاصيل.
كل شيء لا بد أن يمر من "الوتر..
وإلا بقينا في ليال عشر هي حياتنا كلها.
سنكون بلا موقف. بلا فصل خطاب. بلا لون. بلا طعم.
إن لم نحول تلك الثنائيات، إلى المزيج الخلاق المبدع منها، إلى الحقيقة الشاملة التي تنصاع وتخضع لخالق كل شيء..
شفع ووتر..
هذا هو...
*************
دون الشفع (معرفة تلك الثنائيات) والوتر (استخدامها لما يريده الله) لن نصل لذلك الفجر قط..
لن يذهب الليل (الليل إذا يسر)..لن يدبر، إن كنا قابعين في ظلال الثنائيات والزوايا، دون "وتر" قاطع وحاسم....
الطريق إلى الفجر طويل..
لكنه يمر حتما بالشفع والوتر..
*************
تحليل الشفع والوتر، تحديدهما، لا بد من أن يكون لذي حجر..
السير نحو الفجر لا يتطلب عضلات فقط..
ولا إرادة قوية فحسب.
بل يتطلب ذي حجر أيضًا..
أي: عقل !
************
قد يكون الدرب إلى الفجر طويلاً ومؤلمًا وشاقًا، مثل الدرب إلى كل ما هو مهم وجوهري في حياتك..
قد تتخيل لحظات أنك لن تصل..
وإن لياليك العشر ستأخذ عمرك كله.
كل تعتقد أحيانًا أنك قد خذلت الشفع والوتر..
لم تؤدهما كما يجب..
فجأة..
في منعطف ما..
يبزغ الفجر..
خيط واحد يفصله عن الليال العشر..
انظر..
كالمعجزة..
إنه الفجر..
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة