بكت السماء...
بكت السماء وحُقّ لها أن تبكي، وتوارت الشمس ثكلى خلف الحُجُب، وناحت الأشجار في كل بقعة من أرضي...
أين الأناسيّ؟! أين الأنام؟! أين أصحاب العقول والأفهام؟!
يموت الآلاف من المسلمين في شتى بقاع الأرض وتُدفن أجسادهم من غير كفن... بينما يفخر العالم باختراعات لحفظ الغابر من التماثيل والصور!
فوا عجباً لأولئك العلماء.. يا عجبي!!
هناك في المخبر العلمي تمرر الآلات الشعاعية لترفع عن الهياكل أثر السنين الغابرة، لتُحفظ للأجيال القادمة! أما هنا في بلاد المسلمين فتُقذف رؤوس الأطفال والنساء بالقنابل العنقودية والفوسفورية والفراغية لتُحفظ أجسامهم في تُرب الأوطان وقد بعثرت ملامحها الإنسانية!
هكذا تسطر الملحمة الإنسانية!
هناك في المخبر العلمي تمسح الصور مسحاً خفيفاً مخافة أن تتأذى أو أن يصيب رونَقها شيءٌ من التبدل في زهو ألوانها! أما هنا في خِيَم اللجوء القسري فتمسح دموع الأسى والأحزان عن وجوه الأطفال والثكالى؛ فأحزان الأيام قد بدّلت ملامحها وجعلت منها حكاية بؤس القرن الحادي والعشرين...
فهل وجد العلماء بعدُ لهذه التغييرات من إكسير يحفظ لها كرامتها الإنسانية؟!
هناك في المخبر العلمي المدَّعى تُرفع الأغبرة عن الهياكل والتماثيل لئلاّ تنخرَ الجراثيمُ تاريخَها المنقرض أو تختلطَ جزيئات ماضيها المتعثر بالآثام فتفتِّتها... أما هنا في الأراضي المعذبة من بلاد المسلمين فترفع الأنقاض والركام لتكشف عن طهارة القضية الإسلامية...
فهل وُئِدت الرحمة من القلوب الآدمية؟!
هناك في المخبر العلمي أدوية ومواد طبية تعالَج بها الحجارة البلورية والأصنام الجاهلية لتُصان من عوامل الطبيعة العضوية... أما هنا في بلاد الإسلام، فيمضي الموت بجعبته يحصد المرضى لأن الأدوية مُنعت من الوصول إلى المستشفيات الشامية والغزاوية والمالية...
فأي مخابر علمية ينادي بها أولئك الذين يدّعون أنهم وصلوا إلى اختراعات فاقت العصور وحفظت الحضارات؟!
عانقوا صخوراً مُؤَلَّهَة واحتضنوا صوراً بائدة، فجمدت مشاعرهم وتجمدت في عصور الجاهلية والأوراق النقدية...
إنها معادلة الميزان المائل والعدالة الزائفة... فأين أولئك الذين يُنادون بالعلم وتكريم الحضارات الإنسانية من قول الجليل: {ولقد كرّمنا بَني آدم}؟!
كرّموا إلا أصنام ذنوبهم وآثامهم الخالدة، التي صيغت بأشكال ورسومات مختلفة... ولو نطقت هذه الجمادات لتبرأت من فعلهم، ولصدعت بما يعجز عن البوح به كثير من الناس هنا أو هناك...
أيها العقلاء...
مَن أحقّ بأن يُصان ويُحفظ من التلف؟! من أحقّ بالتكريم وحفظ الكرامة والشرف؟! أصخريّ جامد لا يُتقن نطق الحرف؟! أم آدمي صاحب قلب نابض، وفي وجه الطغيان صامد ما انحرف؟!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن