داعية فلسطيني ومفكّر | الكويت
أولًا: التكبير في الصلاة
الصلاة ركن من أركان الإسلام، فعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله [ يقول: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان" [رواه البخاري ومسلم]، وهي أهم شعيرة مطلوبة من العبد المسلم، فهي التي فُرضت في السماء ليلة الإسراء والمعراج، وهي التي ترافق العبد خمس مرات في اليوم، وترافقه في كل أحواله، ولا تسقط عنه بحال من الأحوال؛ فإن كان مريضًا ولا يستطيع الصلاة قائمًا صلّى قاعدًا، وإن كان لا يستطيع الصلاة قاعدًا صلّى على جنبه، وإن كان لا يستطيع الصلاة على جنبه صلّى إيماءً، ولا تسقط عنه في حال الحرب؛ فهناك صلاة الخوف، ولا تسقط عنه في حال السفر؛ فهناك القصر والجمع. وهي أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة؛ فعن ((أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ [ يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ؛ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ؟ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ)) رواه الترمذي.
وقد وردت عبارة: "الله أكبر" في الصلاة في موضعين:
تكبيرة الإحرام - تكبيرات الانتقال
وقد أجمع الفقهاء على أن تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة، كما اعتبر بعض الفقهاء تكبيرات الانتقال واجبًا، واعتبرها بعضهم الآخر سنة.
ومما يجدر الانتباه له هو أنه يصحّ شرعًا أن يقول العبد: "الله أعلم"، و"الله أحكم"، و"الله أقوى"..... فالمعنى صحيح، ولكن ذلك لا يجزئ في الصلاة، بل يفترض عليه أن يقول: "الله أكبر"، وهذا يدل على أن الشرع طلب من العبد أن يستحضر صفة "تكبير الله" في الصلاة، وليست أية صفة أخرى، لحاجته لها كما سنبين عند الحديث عن الحكمة من تشريع "التكبير" في الصلاة وغيرها.
ومما يجدر الانتباه له أيضًا أن كل الأعمال التي يقوم بها العبد في الصلاة من قيام وركوع وسجود؛ المقصود منها إظهار العبد تكبيره لله وتعظيمه له، فهو يقوم له وحده سبحانه وتعالى، ويركع له وحده سبحانه وتعالى، ويسجد له وحده سبحانه وتعالى، ولا يجوز السجود لغير الله.
فهذه الأعمال من قول اللسان لعبارة "الله أكبر"، ثم عمل الجوارح من قيام وركوع وسجود، ثم يأتي وعي العقل فيعقل أن "الله أكبر" من كل الموجودات، ثم يأتي توجه القلب ليكبر الله ويعظِّمه، وبهذا يكون قد كبَّر اللهَ كلُّ أجزاء الإنسان، كبَّره لسانُه وجوارحُه وعقلُه وقلبُه.
ثانيًاً: التكبير في الأذان
شُرع الأذان في المدينة، وبيّنت الأحاديث الصحيحة زمان تشريعه، فنقَل البخاري في صحيحه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحيَّنون الصلاة، ليس يُنادَى لها، فتكلموا يومًا في ذلك؛ فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقًا مثل قرن اليهود، فقال عمر: أَوَلَا تبتعثون رجلًا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله [: «يا بلال، قم فناد بالصلاة)) رواه البخاري، وقد حدّث أنس فقال: ((أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ إِلَّا الْإِقَامَةَ» رواه البخاري.
ومن الواضح أن كلمات الأذان تبدأ بعبارة "الله أكبر" وتنتهي بعبارة "الله أكبر"، ومن الواضح أيضًا أنه يجب أن يُؤذَّن لكل صلاة، فعلى هذا الأساس يؤذَّن خمس مرات في اليوم، وفي كل أذان تذكر عبارة "الله أكبر" خمس مرات، كما أنها تذكر ثلاث مرات عند الإقامة.
ويُسن للمسلم أن يتابع المؤذن فيقول مثل ما يقول؛ فقد روى أبوسعيد الخدري: أن رسول الله [ قال: "إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ" رواه البخاري. ونُقل عن معاوية بن أبي سفيان: أنه قال: لَمَّا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ؛ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. وَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْنَا نَبِيَّكُمْ [ يَقُولُ" رواه البخاري.
أما بالنسبة لحكم الأذان، فإنَّ رفعَه واجب في كل بلد وفي كل حيّ، وهو الذي يمنع من القتال؛ فقد عنون البخاري بابًا تحت عنوان: "باب ما يُحقن بالأذان من الدماء"، فقال: حدثنا أنس بن مالك: " أَنَّ النَّبِيَّ [ كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ؛ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَخَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا رَكِبَ وَرَكِبْتُ خَلْفَ أَبِي طَلْحَةَ، وَإِنَّ قَدَمِي لَتَمَسُّ قَدَمَ النَّبِيِّ [. قَالَ: فَخَرَجُوا إِلَيْنَا بِمَكَاتِلِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا النَّبِيّ َ[ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللهَِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. قَالَ: فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ [ قَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» رواه البخاري.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
داعية فلسطيني ومفكّر | الكويت
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة